يتطلب الامر ساعة احيانا لاجتياز كيلومتر واحد في طهران، فزحمة السير خانقة في العاصمة الايرانية، ويساهم فيها بشكل كبير العدد الهائل لسيارات الاجرة التي تتنافس في شوارعها بحثا عن الزبائن.
فأكثر من 78 ألف سيارة اجرة تعمل رسميا في المدينة، اي أكثر بخمس مرات من تلك العاملة في نيويورك، بحسب الارقام الحكومية.
والى هذا العدد الكبير تضاف 35 ألف سيارة تابعة لشركات خاصة، فضلا عن الاف السيارات الخاصة التي يستخدمها اصحابها كسيارات اجرة بشكل غير قانوني.
وكل هذا الاكتظاظ في سيارات الاجرة لم يحل دون انطلاق تطبيقات محلية تشبه "اوبر" منها "سناب".
ولذا، لا يتكبد سكان طهران أي عناء للعثور على سيارة تنقلهم، اذ يكفي الوقوف بعض ثوان فقط على الرصيف حتى يتسابق إليهم السائقون الذين يخوضون منافسة محمومة يومية في شوراع العاصمة.
وهذا الاقبال الكبير على العمل في سيارات الاجرة مرده اساسا الى نسبة البطالة المرتفعة في اوساط اليد العاملة النشطة، ولا يتوانى عن الانطلاق في هذه المهنة مجازون جامعيون وتجار سابقون لكسب قوتهم، على غرار منصور فريدفار البالغ من العمر ستين عاما.
وكان رب الاسرة هذا والاب لولدين ينعم بحياة رغيدة حين كان يعمل في استيراد السلع الاجنبية وبيعها في بلده، رغم ان نشاطه التجاري ادخله السجن أشهرا عدة بعيد انتصار الثورة الاسلامية في العام 1979.
ويقول "كانت اموري جيدة، وكنت اظن ان مستقبلي ملك يدي، لكنني أدركت مع الوقت أنى كنت على خطأ".
ادار الزمان ظهره لفريد في التسعينات، فقد ضبطت الجمارك شحنة له بقيمة خمسين ألف دولار، وأدى ذلك الى افلاسه. ثم وقع في مشلكة اخرى حين تبين ان الارز الذي باعه لوزارة الثقافة كان سيء النوعية، وكاد يدخل السجن مرة اخرى.
ازاء كل هذه الاحداث، قرر فريد الاقلاع عن التجارة، والانطلاق في رحلة البحث اليومية عن الركاب في شوارع طهران.
ويقول "قبل أربع سنوات، اشتريت هذه السيارة وبدأت العمل سائقا"، مثله في ذلك مثل الاف الاشخاص في العاصمة الايرانية البالغ عدد سكانها 14 مليون نسمة والتي ترزح تحت معدل تلوث مرتفع.
يكسب فريد يوميا حوالي 23 دولارا، يذهب نصفها لمصاريف السيارة والوقود، ليصبح مستوى معيشته ادنى بكثير مما كان عليه في الايام الخوالي.
تطبيق "سناب"
يحظى الراغبون في التنقل في طهران باحتمالات واسعة، بين سيارات التاكسي الخضراء التي تشغلها شركة خاصة، وسيارات الاجرة التابعة للبلدية، والسائقين المستقلين.
وقد أعرب رئيس بلدية طهران محمد باقر قاليباف عن قلقه من دخول اشخاص الى سوق سيارات الاجرة بشكل غير قانوني ومنافستهم السائقين المجازين، بدفع من "الاوضاع الاقتصادية السيئة".
ومع ان سيارات الاجرة تملأ الشوارع في كل مكان من طهران، الا ان ذلك لم يحل دون دخول تطبيقات هاتفية الى هذا السوق المكتظ، كان اولها تطبيق "سناب" الذي يشبه تطبيق "اوبر" الشهير المنتشر حول العالم.
ويقول شاهرام شاهكار المدير العام لشركة "سناب" ان شركته "تساعد عشرات الالاف من الزبائن على الاتصال مع عشرات الالاف من السائقين" في طهران، على امل ان تتسع الخدمة لتشمل سائر مناطق البلاد.
ويبدو ان هذا التطبيق له حظوظ أكبر في المدن الاخرى مثل اصفهان وتبريز وشيراز حيث حركة السير اقل اختناقا.
وتعمل "سناب" حتى الآن مرتاحة من شبح المنافسة مع الشركة الاميركية "اوبر"، اذ ان الولايات المتحدة ما زالت تفرض عقوبات على إيران رغم التوصل الى اتفاق في تموز/يوليو من العام 2015 حول برنامج طهران النووي.
في المقابل، يشكل الازدحام الكبير في الشوارع العائق الاساس امام عمل سيارات الاجرة لخدمة "سناب"، فالوصول الى الزبون قد يتطلب ساعات طويلة في اوقات الذروة، فيما سيارات الاجرة العادية تمر امامه دون انقطاع.