سعدت بقراءة عمود وليد نويهض صباح يوم الاحد 15 سبتمبر/أيلول تحت عنوان (رأي الوسط) حيث تكلم وأسهب في طرح وجهة نظره عن المشاركة في الانتخابات النيابية وأهميتها من خلال طرح بعض الامثلة والتجارب في لبنان وغيرها. وإذ أثمن كثيرا ما طرحه الا انني اختلف معه في ما ذهب إليه للأسباب الآتية:
1- لم يذكر الاسباب التي دعت اليساريين في لبنان إلى مقاطعة الانتخابات البرلمانية، وكذلك الاسلاميين في الاردن، هل كانت بسبب الدستور وشرعيته، أم الحريات أم قانون الانتخاب أو تقسيم الدوائر الانتخابية أو غيرها.
2- هل كانت تلك المقاطعة في أول انتخاب لها أم بعد مشاركات سابقة.
3- لماذا لا يضرب مصر في الثلاثينات كمثل حينما فرض الملك دستورا من طرف واحد يعطي صلاحيات تشريعية للمجلس المعين مساوية للمجلس المنتخب، حيث دعت القوى السياسية في مصر الجماهير إلى مقاطعة أول انتخابات برلمانية تعبيرا عن رفضهم الدستور الجديد والذي سمي في حينه دستور المنحة، ونجحوا بعد سنوات من المقاطعة في إفشال إعطاء القانونية الدستورية لدستور الملك وتغييره.
هذه أسئلة أراها منهجية عندما ندرس كل حال على حده، فالدستور الذي طرحه الملك في مصر في الثلاثينات كان شبيها إلى حد كبير بدستور 2002 في مملكة البحرين، وكان أمام الشعب خياران لا ثالث لهما، إما إقراره أو رفضه فشارك بعض المؤيدين بحجة التغيير من الداخل، أما الرافضون ففكروا كيف يعبرون عن رفضهم لهذا الدستور الجديد فكان قرار المقاطعة الذي تمسك به أكثر من 60 من قوى الشعب تعبيرا عن رفضهم لهذا الدستور المنحة، وخصوصا انها الانتخابات النيابية الاولى فبها يعرف مدى حماس الشعب لهذا الدستور. وجاءت الانتخابات النيابية الثانية فزادت نسبة المقاطعين بعد تأكدهم من عدم جدوى محاولات تغييره من الداخل، فقد اثبتت الايام ان ما استطاع فعله بعض المشاركين المخلصين هو الضجيج فقط ولا غيره (وما اكثر الضجيج وأقل الحجيج)، وهذا سبب ضغطا إعلاميا داخليا وخارجيا كبيرا وخصوصا ان قوى الشعب قد تعاملت بذكاء مع نسب المقاطعة العالية والتي عبرت بوضوح عن الرفض الشعبي لدستور الملك. وبعد سنوات كان لابد من الخروج من النفق الدستوري فطرح الملك دستورا وسطا أرتضاه هو وارتضاه الشعب.
من وجهة نظري الشخصية التي هي صواب تحتمل الخطأ، ان افضل تعبير عن الرفض هو المقاطعة، وأقول لمن يتحمس للمشاركة وهذا حقه، انتظر قليلا لمدة أربع سنوات فقط، فلن يفوتك أخطر مما مضى، فإذا اثبتت الايام خطأ المقاطعة شاركنا في المرات المقبلة، لكن إذا اثبتت الايام خطأ المشاركة فماذا سنفعل؟
العدد 10 - الأحد 15 سبتمبر 2002م الموافق 08 رجب 1423هـ