تفتح الكثير من السجون القديمة الواقعة عادة في وسط المدن في فرنسا صفحة جديدة من حياتها بتحويلها الى مساكن او قاعات حفلات فيما تهمل اخرى لعدم وجود من يشتريها بسبب كلفة ترميمها العالية.
ويضم موقع وزارة المال الفرنسية الالكتروني حوالي عشرة اعلانات لبيع سجون سابقة. فقد أطلقت الدولة الفرنسية قبل 15 عاما خطة واسعة لتحديث السجون بعدما تعرضت للانتقاد على الصعيد الاوروبي بسبب اكتظاظ سجونها وتداعي بعضها.
فثمة اعلان لبيع سجن مساحته 1277 مترا مربعا يعود تاريخ بنائه الى نهاية القرن التاسع عشر في غراس (جنوب شرق).
وتقول وزارة المال ان "ظروف استقبال السجناء وعمل الحراس لم تكن ممتازة" في حين أكد رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس مطلع ايلول/سبتمبر انه ينبغي استحداث عشرة الاف مكان جديد في السجون في السنوات العشر المقبلة.
ومن اجل المشاركة في استدراج العروض لشراء سجن غراس ينبغي تقديم ضمانة قدرها 50 ألف يورو.
مساكن اجتماعية ودور حضانة
ويوضح لوران فيلبير المكلف التخطيط المدني في بلدية نانت (غرب) "هذه العملية عموما تكلف اقل من بناء منزل جديد".
وكانت بلدية المدينة اشترت السجن فيها "غير المتناسب" مع المعايير الاوروبية بسعر 4,9 ملايين يورو. ويتم تحويله ليضم مساكن شعبية ودار حضانة وموقف سيارات تحت الارض بحلول العام 2018.
وتوضح وزارة المال ان "الاولوية تعطى لبلدية المنطقة التي يقوم فيها العقار. وتتم عملية البيع عندها بالتراضي".
هذا ما حصل في كولومييه قرب باريس حيث اشترت البلدية بسعر 2,34 مليون يورو السجن القديم المشيد العام 1851 لتحويله الى مكتبة عامة. وباتت الكتب تغطي جدران الزنزانات فيما تؤمن واجهات زجاجية كبيرة النور المطلوب.
في غينغان في منطقة بروتانييه (غرب) تعود ملكية سجن ذي هندسة معمارية نادرة على طراز "بنسيفانايا" مع زنزات فردية حول باحة داخلية، الى البلدية منذ العام 1992. وسيقام فيه مركز للفنون البصرية. وستحول الباحة الرئيسية الى قاعة عروض تتسع ل160 مقعدا بعد عملية ترميم تستمر سنتين بوشرت في ايلول/سبتمبر بكلفة ثمانية ملايين يورو.
مزاد
فرنسا ليست البلد الوحيد الذي يبيع سجونه ففي سلوفينيا حول السجن العسكري السابق في لوبليانيا الى نزل للشباب وسجن اكسفورد في انكلترا الى فندق فخم.
وفيما تستطيع بعض البلديات شراء سجونها القديمة تعجز اخرى عن تأمين المبالغ المطلوبة.
فقد بيع سجن فونتينبلو قرب باريس في حزيران/يونيو الماضي في مزاد بسعر 480 ألف يورو الى شخص ينوي تحويله الى مساكن. وكان المبنى يستخدم كسجن حتى العام 2010 الا ان البلدية لم تكن تملك المال الكافي لشرائه.
وقال مدير مكتب رئيس البلدية بيار تسياكاروس "اليوم نتساءل كثيرا حول هذا المقاول فالجزء الاكبر من المبنى مصنف على انه تاريخي".
الا ان القانون صارم عندما يكون المبنى مصنفا، على ما يؤكد فرانس دومين الذي يدير عمليات البيع هذه، فالشاري يتعهد احترام كل ما هو وارد في قانون التراث.
في ليون (الوسط الشرقي) حول سجنا سان بول وسان جوزيف اللذان بنيا في القرن التاسع عشر، في العام 2015، الاول الى حرم جامعي يمتد على 35 الف متر مربع والاخر الى مساكن ومتاجر ومكاتب.
وقد تمت المحافظة على اجزاء كبيرة من مبنى سجن سان جوزيف القديم مثل البناء المستدير حيث كان الحراس يراقبون السجناء وهو مشمول الان في مبنى حديث فيه واجهات زجاجية كبيرة. وقد نقل السجناء الاربعمئة الذين كانوا في السجنين اعتبارا من العام 2009 الى سجن جديد في كوربا احدى ضواحي ليون.
الا ان ثمة سجونا لا تجد من يشتريها. وتعزو وزارة المال ذلك الى صعوبة في تحويل هذه الابنية ومشاكل التلوث فضلا عن بيئة عقارية غير مناسبة.
فسجن سانت آن في افينيون (جنوب شرق) البالغة مساحته 11 ألف متر مربع معروض للبيع منذ العام 2005 بسعر يقدر ب2,5 مليون يورو. ودرست مجموعة "ماريوت "الفندقية اقامة فندق فخم فيه الا انها تخلت عن المشروع بسبب ضخامة الاشغال. وقررت بلدية افينيون مالكة السجن الان ان تستدرج عروض مشاريع لتحويله الى مركز فني ومساكن ومتاجر.
وفي رين (غرب) سجن جاك كارتييه غير القابل للاستخدام منذ العام 2011 معروض ايضا للبيع. وبانتظار من يشتريه، وهو كان موقع تصوير لفيلم "السجينة" من بطولة صوفي مارسو.
اما سجن سان ميشال العائد الى القرون الوسطى فقد حول الى ناد ليلي يرتاده الكثير من الطلاب.