بدأت بورصة البحرين تطبيق قواعد الإدراج الجديدة الخاصة بصناديق عهدة الاستثمار العقاري اعتبارًا من 17 مايو 2015، ومن المتوقع إدراج أول صندوق للاستثمار العقاري (REIT) للتداول في البورصة العام الجاري.
هذه الخطوة تأتي في إطار مبادرة يتوقع أن تحقق مزايا عدة للسوق وللمستثمرين والقطاع العقاري، حيث إنها تسهم في زيادة السيولة في البورصة، وتعزّز القدرة التنافسية على المستوى الإقليمي، كما أنها تهيّئ لصغار المستثمرين فرص التملك والمشاركة في مشاريع عقارية ضخمة بحصص منخفضة القيمة مع إمكانية جني الأرباح دون الحاجة لإدارتها بشكل مباشر. وعلى صعيد القطاع العقاري -والذي يمتاز بمساهمته الهامة في الناتج المحلي لمملكة البحرين- فإن هذه المبادرة تضيف مزيداً من الاستقرار عبر التنظيم المؤسسي للاستثمار العقاري.
ولكن ما المقصود بصناديق عهدة الاستثمار العقاري؟ يعتبر صندوق عهدة الاستثمار العقاري المدرج في السوق أداة استثمارية مسجلة ككيان قانوني خاص -خاضعة للرقابة والإشراف الحكومي- بهدف امتلاك أصول عقارية مدرّة للدخل وتصدر وحدات للمستثمرين المشتركين فيها هي بمثابة أسهم ملكية، بحيث يصبح مالكو الوحدات من الناحية الفعلية مالكين نفعيين للأصول العقارية بالتناسب مع عدد الوحدات التي يملكونها، ويحصلون على حصة نسبية من إيجارات العقارات الصافية بعد سداد المصاريف.
ورغم أن قوانين نشاط الصندوق العهدة في البحرين يقتصر حالياً على الاستثمار في العقارات المدرة للدخل (لتقليل المخاطر للمستثمرين)، التي يمكن أن تشمل أياً من شرائح القطاع العقاري كالمكاتب والوحدات السكنية والفنادق، فإن التشريعات المعمول بها في الأسواق العالمية تجيز لصناديق الاستثمار العقاري المدرجة في الأسواق المالية الاستثمار في أصول أخرى مرتبطة بالعقار، مثل قروض الرهن العقاري وبناء المشاريع الجديدة.
وتمتاز هذه الصناديق بتوفير قنوات استثمارية جديدة تساعد المستثمرين، على إيجاد فرص متنوعة وبديلة في البورصة لتنمية مدخراتهم، كما تشكل فرصة للاستثمار في القطاع العقاري بما يحقق دخلاً منتظماً وثابتاً.
إن الاستثمار في العقارات عادة ما يتطلب مبالغ ضخمة، الا ان صناديق عهدة الاستثمار العقاري تتيح فرص المشاركة في مشاريع عقارية كبيرة عالية القيمة بمبالغ منخفضة. ولا يتطلب من الراغبين في شراء وحدات في هذه الصناديق سوى فتح حساب وساطة لدى وسيط مسجل في بورصة البحرين، وشراء الكمية المطلوبة من وحدات العهدة، ليتسنى الحصول على دخل ثابت من توزيعات الأرباح المنتظمة، إلى جانب ما تهيّئه البورصة للصندوق من سوق لتداول الوحدات، تتيح للمستثمرين فيها إمكانية شراء وبيع الوحدات بسهولة. وبالإضافة إلى ذلك، يعتبر التنويع في الاستثمارات من المزايا الهامة لصندوق عهدة الاستثمار العقاري المدرجة، إذ يتيح للمستثمرين فئة أصول استثمارية بديلة، يمكن أن تحقق نسبة أعلى من العوائد برسوم أقل مقارنةً بالأدوات الاستثمارية في أصول أخرى، إضافة إلى كونها لم تُظهر ارتباطاً يُذكر في الأداء مع عوائد وأداء أسواق الأوراق المالية.
يذكر أن بدايات صناديق عهدة الاستثمار العقاري تعود لثمانينات القرن التاسع عشر، إلى أن قام الكونغرس الأميركي بتقنينها في هيكليتها الحديثة في العام 1960. ومع نهاية العام 2015، وصل عدد صناديق عهدة الاستثمار العقاري المدرجة في البورصات الرئيسية في الولايات المتحدة نحو 270 صندوقاً، فيما سنّت 40 دولة حول العالم القوانين لتنظيم تأسيس صناديق عهدة الاستثمار العقاري المدرجة.
وتكمن جوانب الاختلاف الرئيسة بين صناديق عهدة الاستثمار العقاري المدرجة في مملكة البحرين وبين الصندوق العقاري أو الشركات العقارية في مجالي الرقابة والإشراف. فبينما تسمح صناديق عهدة الاستثمار العقاري المدرجة لجميع الأفراد عمومًا بشراء وحدات وتداولها في بورصة البحرين، مما يخضعها لتشريعات صارمة من مصرف البحرين المركزي وبورصة البحرين، فإن الصناديق العقارية، الموجودة في مملكة البحرين والمنطقة منذ سنوات عديدة، عادةً ما تعرض كطرح خاص على المؤسسات والأفراد أصحاب الثروات، وتخضع لإشراف أقل تشددًا، حيث يفترض بالمؤسسات الاستثمارية أن تمتلك المؤهلات المطلوبة لتقييم المخاطر والعوائد.
أما الشركات العقارية فتمارس نشاطات على درجة أكبر من التعقيد والمخاطر يمكن أن تشمل جميع شرائح الاستثمار العقاري، كتجارة الأراضي ومشاريع التطوير العقاري، مع إمكانية الاحتفاظ بأرباحها أو إعادة استثمارها، أو الاعتماد على مستويات مديونية مرتفعة، أو الاستحواذ على شركات أخرى، في حين يحظر ذلك في صناديق عهدة الاستثمار العقاري بما يكفل حماية المستثمر العادي.
ويشترط لتأسيس صندوق عهدة استثمار عقاري الحصول على موافقة مصرف البحرين المركزي، والتعيين المسبق للأطراف المستقلة المحلية الخاضعة لرقابة وإشراف المصرف، وأن تتضمن هيكلة الصناديق تدابير وقائية حيث يقوم أمين العهدة بإدارة الصندوق والقيام بمهام رقابية بالنيابة عن حاملي الوحدات الاستثمارية، كما يدعم أمين العهدة فريق عمل يشمل مدير صندوق مستقل والحافظ الأمين ومدقق ومستشار قانوني. ولا يسمح للصندوق سوى بشراء العقارات المكتملة البناء والمدرة للدخل، وألا تقل نسبة توزيع الأرباح عن 90 في المئة من صافي الدخل. بينما يجب أن تقتصر تسهيلات التمويل على 60 في المئة من قيمة العقار كحد أقصى. ويضاف لما سبق اشتراط تملك الصندوق مالا يقل عن اثنين من الأصول العقارية لا تقل قيمتهما عن 20 مليون دولار أميركي؛ وذلك لضمان درجة معينة من تنويع المخاطر، علماً أنه يسمح لصناديق عهدة الاستثمار العقاري المدرجة في البحرين بامتلاك عقارات مدرة للدخل في الأسواق العالمية.
وتجدر الإشارة إلى أن صناديق عهدة الاستثمار العقاري قد أثبتت قدرتها على تحقيق مستوى جيد في الأداء، متفوقةً إجمالاً في المدى الطويل على الأسهم المشمولة ضمن مؤشرات «ستاندرد آند بورز 500» و»داو جونز الصناعي» و»ناسداك المركب»، وحققت عوائد أفضل مقارنةً بسندات الشركات.
ووفقاً لبيانات صادرة من «بلومبيرغ»، فقد بلغ معدل النمو السنوي المركب لمؤشر داو جونز لمجموع العوائد على صناديق عهدة الاستثمار العقاري على مدى السنوات العشر الماضية (2005 - 2015) ما نسبته 7 في المئة، مقارنةً بمؤشر بلومبيرغ لسندات المالي للشركات الأميركية (6 في المئة) ومؤشر ستاندرد آند بورز 500 لأسهم الشركات المدرجة (5 في المئة)، وكان أداؤها أعلى بكثير أيضًا من مؤشر تومسون رويترز للسلع الأساسية (-6 في المئة)، ومؤشر باركلي لصندوق صناديق التحوط (2 في المئة)، ومؤشر ستاندرد آند بورز للصناديق المدرجة للاستحواذ على شركات خاصة (-3 في المئة).
وتشير التوقعات إلى أن معدلات العوائد الصافية القابلة للتوزيع على مالكي الوحدات في السوق المحلية تبلغ حالياً 6 في المئة أو أكثر، فيما يمكن لمالكي الوحدات الاستفادة أيضًا من أي زيادة في أسعار الوحدات ناتجة عن عوامل أخرى، من بينها نمو الطلب المحلي، والزيادة في الدخل من إيجارات العقارات، والارتفاع العام في أسعار العقارات.
ومن المعروف أن انخفاض أسعار الفائدة ينعكس إيجابيًا على الاستثمارات المدرة للدخل، ومنها صناديق عهدة الاستثمار العقاري، إلا أن الجدل لايزال دائرًا حول مدى تأثير رفع أسعار الفائدة على هذه الصناديق، حيث تتفاوت التوقعات لمسار الرفع التدريجي لأسعار الفائدة على العملات المربوطة بالدولار، كالدينار البحريني مثلاً، غير أن الاحتياطي الفيدرالي الأميركي قام برفع سعر الفائدة في الولايات المتحدة للمرة الأولى منذ عام 2006 في ديسمبر 2015.
وقد يعتقد البعض بتأثر صناديق العهدة للاستثمار العقاري سلبًا بارتفاع أسعار الفائدة، بسبب زيادة كلفة الدين المطلوب لامتلاك العقارات، وصدور سندات المالية الجديدة بأسعار فائدة أعلى (ما يعني فرصًا استثمارية أخرى مع عوائد أعلى للمستثمرين بهذه السندات). إلا أن الزيادة في معدلات الفائدة تتزامن في الواقع مع التحسن في النمو الاقتصادي العام، ما يعني زيادة في معدلات الإشغال وارتفاع أسعار الإيجارات، ونمو الإنفاق في قطاعات تجارة التجزئة والضيافة، وهي عوامل إيجابية لصناديق عهدة الاستثمار العقاري. وقد سبق وأن ساد هذا السيناريو خلال الفترة ما بين 2003 و 2006 في الولايات المتحدة، حققت خلالها صناديق عهدة الاستثمار العقاري (وفقًا لمؤشر داو جونز لصناديق استثمار عقاري مختارة في الولايات المتحدة) عوائد بنسبة 26 في المئة سنويًا، على الرغم من ارتفاع نسبته 4.2 في المئة في أسعار الفائدة (ممثلةً بمعدل فائدة الإقراض بين بنوك لندن على الدولار الأميركي لستة أشهر).
وعلى عكس معظم أدوات الدخل الثابت المتداولة في المنطقة والتي تحقق نسبة ثابتة من التوزيعات مهما بلغ معدل التضخم (والأهم من ذلك ليست مدعومة من قبل أي أصول مادية)، تمتاز صناديق عهدة الاستثمار العقاري بالقدرة على التكيف مع ارتفاع معدل التضخم من خلال زيادة أسعار الإيجارات. كذلك تعرض هذه الصناديق توزيعات أرباح أعلى مقارنةً بالخيارات الاستثمارية البديلة المدرة للدخل، وبمديونية أقل، وبالتالي تستطيع التفوق في أدائها وتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة ارتفاع أسعار الفائدة، كما هو الحال في صناديق عهدة الاستثمار العقاري ذات تكاليف الدين الثابتة. وبالتالي تكون صناديق عهدة الاستثمار العقاري المحلية المدرجة في البحرين (التي ليس لديها الحق في الديون أكثر من 60 في المئة من قيمة العقارات المستثمر فيها) أقل عرضة للتأثر بارتفاع أسعار الفائدة، وبفعل هيكليات المديونية الأقل جاذبية عمومًا المتوافرة من البنوك في السوق المحلية، مقارنةً بالولايات المتحدة الأميركية وأوروبا.
وعلى صعيد آخر، ينبغي على المستثمرين الراغبين في الاستثمار تقييم عدد من الخصائص وليس مجرد الاكتفاء بتقييم معدل العائد السنوي، والذي يمكن أن يرتفع بدرجة كبيرة ولكن لفترة محدودة (مثلاً بسبب فائض المديونية والمبالغة في تقييم العقارات المستثمر فيها). وهذه الخصائص تشمل سمعة مدير الاستثمار، ونسبة تكاليف إدارة الصندوق، ونوعية مستأجري العقارات، ونوعية الأصول العقارية وأعمارها وحالتها، ودرجة وفرة الاحتياطيات النقدية الكافية للمحافظة وصيانة العقارات وضمان قابليتها للتأجير والبيع على المدى الطويل، وتقييم الأصول المستثمر فيها، بالإضافة إلى اختلاف ومخاطر التغير في سعر الصرف بين عملة الإيجار وعملة الصندوق.
سيمثل أداء الأصول المستثمر فيها في القطاع العقاري البحريني أحد العوامل الحاسمة لنجاح صناديق عهدة الاستثمار العقاري المدرجة في المملكة، وذلك بموازاة التطورات الإيجابية في هذا المجال كصدور لوائح جديدة في العام 2014، تضمّنت على سبيل المثال قانون التطوير العقاري وقانون الإيجارات؛ وتشكيل لجنة تسوية مشاريع التطوير العقاري المتعثرة في سنة 2015؛ والتأسيس المقرر لهيئة التنظيم العقاري الجديدة.
ومن المرجح أن يتم إدراج عدد من صناديق عهدة الاستثمار العقاري في بورصة البحرين في السنوات المقبلة، وأن تكون العهدة التي أعلن عنها مؤخرًا بنك إسكان والذي يحصل على خدمات المشورة من شركة الأوراق المالية والاستثمار (سيكو)، الأول في البحرين والثاني في أسواق دول مجلس التعاون الخليجي، بعد إدراج صندوق الإمارات للاستثمار العقاري في ناسداك دبي في العام 2014.
إقرأ أيضا لـ "وسام حداد"العدد 5147 - الأحد 09 أكتوبر 2016م الموافق 08 محرم 1438هـ
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى اخوان الحسين وعلى اصحاب الحسين, ماجاء في نهاية المقال ثكلتك امك منسوبة للامام !!!!!!! هل تعتقد بامام معصوم يتكلم بهذا الاسلوب ؟؟؟ ثكلتك امك ؟ بن الزرقاء؟؟ لا اعتقد مثل هذه المفردات تخرج من سيدي ومولاي ابا عبدالله . ارجع للتاريخ واحضر موقفه مع عصام الصيقلي الذي راه في مكة وشتمه الامام وشتم ابيه وماذا كان رد الامام . كان يقول (عصام الصيقلي ) اني كنت ابغض علي بن ابي طالب وابنائه اكبر مما خلقته الارض ولكن رده لي اصغرني في نفسي وفررت منه. الرجاء التحقيق