اقترح الخبير المصرفي العراقي سمير النصيري، أن «يعدّ البنك المركزي العراقي دراسة عن واقع المصارف الحكومية والخاصة وصولاً إلى إعادة تقويمها وتصنيفها، وتكليف فريق عمل متخصص في التحليل المالي لتحديد معايير كفاءة الأداء الإداري والائتماني، بمشاركة رابطة المصارف العراقية ومستشارين وخبراء مصرفيين» ، وذلك وفق ما نقلت صحيفة "الحياة" اليوم الأحد (9 أكتوبر / تشرين الأول 2016).
ويضم القطاع المصرفي العراقي 7 مصارف حكومية هي «الرافدين» و«الرشيد» و«العراقي للتجارة» و«الصناعي والزراعي والعقاري، و«النهرين الإسلامي»، و35 مصرفاً خاصاً من ضمنها بنوك إسلامية تخصصية وفروع لمصارف أجنبية وعربية.
وأشار النصيري في حديث إلى «الحياة»، إلى «أهمية تطبيق قرار مجلس إدارة البنك المركزي حول ضوابط ترشيح أعضاء مجلس الإدارة والموظفين القياديين في المصارف، وتأكيد الفصل بين المالكين والإدارات التنفيذية، وعدم السماح لهم بالتدخل في العمل التنفيذي».
وأوضح أن الأزمة الاقتصادية التي «بانت ملامحها منذ منتصف عام 2014 واستمرت تداعياتها حتى الآن، تقف وراءها أسباب معروفة من الاقتصاديين والجمهور». وحددها بـ «سوء الإدارة المالية في مؤسسات الدولة، والتصرف غير المدروس للموارد النفطية المحققة في الأعوام السابقة، فضلاً عن تراجع أسعار النفط بنسبة 65 في المئة عما كانت عليه، تُضاف إلى كل ذلك تكاليف الحرب على الإرهاب ومتطلباتها».
وأكد النصيري وجود خطوات لمعالجة السياسات الخاطئة في الاقتصاد، تتمثل بأهمية «وضع منهجية أو استراتيجية واضحة للاقتصاد، وعدم الاعتماد كلياً على الموارد النفطية، ووضع خطط وبرامج هادفة إلى تنويع الموارد، وتشجيع القطاعات الأخرى كالزراعة والصناعة والسياحة». وشدد على ضرورة «تطبيق الاستراتيجيات التي أعدتها لجان المستشارين في مجلس الوزراء بالتعاون مع المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة، وعددها 16 لم تنفذ حتى الآن، كما لم تُدعم أيام الوفرة المالية، من عائدات النفط». وركّز على «التوجه نحو بناء البنى التحتية والمؤسسات الراعية والداعمة للاقتصاد، واعتماد الآليات الصحيحة في تطبيق السياسة النقدية وإيجاد بديل عن مزاد بيع العملة لأنه واجه انتقادات».
وعن سوق التداول النقدي، لفت إلى أن «المشاكل التي تعرضت لها وعدم استقرار سعر صرف الدينار، وهروب نسبة من العملة الأجنبية إلى الخارج لأهداف غير اقتصادية وتحميل البنك المركزي مسؤولية يجب أن تتشاركها مؤسسات حكومية، فضلاً عن المضاربين وتجار العملة، شكلت عوامل «قادت إلى انخفاض نسبة ادخار الكتلة النقدية لدى المصارف الى 23 في المئة، في مقابل نسبة الاكتناز البالغة 77 في المئة خارج القطاع المصرفي».
واعتبر أن ذلك «يؤشر إلى عدم الثقة بين الزبائن وعدد من المصارف بسبب انخفاض السيولة في بعضها الى حدودها الدنيا، ما أوصل المصارف إلى عدم تمكنها من تأدية التزاماتها للزبائن لدى طلبهم برد ودائعهم».
وكان رجال أعمال ومال عزوا سوء إدارة القطاع المصرفي إلى «سيطرة رجال المال واستغلال مديري المصارف للأموال المودعة». وحمّلوا الحكومة المركزية مسئولية «تدهور الوضع الاقتصادي لانعدام التخطيط والتنظيم». وقال رئيس اتحاد رجال الأعمال العراقيين راغب بليبل، أن «سوء الإدارة في القطاع المصرفي بسبب سيطرة رجال المال عليها، هو الذي ساهم في استغلال الأموال المودعة من قبل بعض مديري المصارف للاستثمار الخاص بهم وفي شكل مخالف للقانون».
ورأى عضو اتحاد رجال الأعمال العراقيين عبد الحسن الزيادي، أن «هذه المشكلة تتحملها الحكومة المركزية لتأخرها في دفع مستحقات الناس، إضافة إلى عدم تنظيمها العملية الاقتصادية ما أفضى إلى انهيار العملية».
ولفتت ممثلة مركز المشاريع الدولية الخاصة في العراق منى زلزلة في تصريح، إلى أن «الخدمة المصرفية غير الحقيقية لهذه المصارف كانت أحد أسباب المشكلة، إذ باتت تعطى للأصدقاء ومعارف المديرين من دون دراسة».
وكان البنك المركزي العراقي أمهل المصارف الحكومية حتى ايلول (سبتمبر) الماضي، للتكيّف مع النظم والتعاملات الإلكترونية».
وأفاد بأن «نسبة المستفيدين والمستخدمين لهذه التعاملات لا تتجاوز 10 في المئة». ورجح إمكان «مساهمة توجهاته بالتوسع في استعمالها والاستفادة من 77 في المئة من الكتلة النقدية الموجودة لدى المواطنين خارج نطاق المصارف، والتخلص من مشاكل التداول النقدي».