يُسجل تأريخ البحرين أن القرن التاسع عشر للميلاد، كان هو ذروة التأسيس لمعظم الحسينيات الكبيرة (أو المأتم) والتي تُعتبر من الأوائل في إحياء ذكرى عاشوراء الحسين (ع) في العاصمة المنامة. ولسنا في وارد البحث عن أقدم الحسينيات في عموم البحرين قبل هذا القرن أو غيره، كما أن الموضوع ليس مسابقة في أي الحسينيات أقدم وأيها أحدث، فلربما كانت هنا أو هناك حسينية تأريخ تأسيسها، بحسب توافر وثيقة تثبت ذلك، قبل غيرها. وإذا وسعنا نظرتنا الجغرافية إلى البحرين كأقليم كبير يضم شرق الجزيرة العربية بما فيها جزر أوال؛ فهناك وثيقة حاضرة تدل على وجود المآتم (الحسينيات) المستقلة في ذاك الأقليم، وبالتحديد في القطيف في منتصف القرن الثامن عشر.
كما أنا لسنا في صدد البحث في الفرق بين المأتم والحسينية، بقدر ما نشير فقط إلى أن المأتم كما هو متعارف عليه، المكان الذي تقام فيه النياحة والبكاء بين أصحاب مصيبة ما حتى ولو كان النائح فرداً واحداً. كما أن مصطلح (الحسينية) بمعناها المؤسساتي الديني، به شيء من الشمولية؛ لأنه يعني بأن هذا المبنى الذي أقيم أساساً للنياحة على الإمام الحسين، قد توسع لإقامة مراسيم العزاء على الرسول محمد وآله بشكل عام، ثم للاحتفال أيضاً بمناسبات أفراحهم، كما هي للإرشاد والتوجيه في مناسبات مختلفة ومنها شهر رمضان وموسم الحج.
كما نقرر بداية، بأننا لا نقصد بحديثنا هنا، عن متى أُقيمت أول حسينية كمبنى خاص لهذه الشعيرة الحسينية خارج البيوت والمجالس الخاصة والعوايد، كما تُسمى. وفي تحديدنا للقرن التاسع عشر للميلاد كفترة لبداية نشأة الحسينيات في العاصمة المنامة، فإن ذلك من باب أهمية الموقع اقتصادياً واجتماعياً، كما هو سياسياً، باعتبارها العاصمة. وحيث بناءً على حركتها وسوق اللؤلؤ بها، بجانب حركة تجار اللؤلؤ في جزيرة المحرق كذلك؛ يتم تحديد أسعار وأرباح ومستوى الدخل السنوي للبحرين من إنتاج اللؤلؤ وبيعه. والذي قُدرت أرباحه في بعض سنوات النصف الأول من ذاك القرن، بحسب الاحصاءات شبه الرسمية، بحوالي نصف مليون روبية، وفي بعض سنوات النصف الثاني وصلت إلي حوالى مليون روبية في سنة واحدة.
ونتيجة لهذا الوضع المادي المربح والذي تواصل حتى الربع الأول من القرن العشرين؛ ظهرت ونمت طبقة التجار من الطواويش، و«المسقمين» أو الممولين لرحلات الغوص، والنواخذة وسماسرة اللؤلؤ. ومن بين هؤلاء في العاصمة المنامة، اتجه البعض لإنشاء الحسينيات بالمعنى المستقل لها كمبنى في قطعة أرض أُوقفت لهذا الغرض تحديداً قبل أن تكون هناك أوقاف ونظام لها وتسجيل لكل ما يدور فيها. ولذا، نادراً ما نجد عند من يديرون الحسينيات اليوم وثيقة التأسيس الأولى، والتي لم تكن من أول اهتمامات المؤسس من باب نكران الذات أحياناً، أو لعدم نمو أهمية التوثيق والتأريخ في الذاكرة الشعبية لمثل هذه الأعمال الخيرية التي كان يُرتجى من ورائها الثواب ليس إلا. إلا أن ما ردفها بعد ذلك من وثائق الوقف، لمثل هذه الحسينيات، والروايات الشفاهية، هو ما ساعد على اكتشاف بعض سنوات التأسيس التقريبية لبعضها.
وكمثال على ذلك في المنامة، نذكر هنا وثيقة لحسينية، تُثبت حتى الآن على الأقل، أنها من أوائل الحسينيات في العاصمة تأسيساً، وهي وثيقة حسينية البَدْع (أو مأتم البَدْع) كما ورد فيها.
فقبل منتصف القرن التاسع عشر، تفرع من العاصمة المنامة القديمة حي جديد «فريق» سُمي بالبدع نسبة للمنطقة التي أُقيم بها. والبدع، تعني المنطقة المنخفضة من الأرض، وبها مقومات زراعية من ماء وتربة خصبة، وخضرة، طوال العام، كما أنها لا تكون بعيدة عن شاطئ البحر. ومثال على تلك المناطق العربية مدينة البدع في قطر، وأخري بتصغير الاسم إلى البديع في البحرين، وحي البدع بالمنامة. حيث ان المنطقة قريبة من عيون وآبار ماء عديدة مثل عين «الخواجة» المشهورة، وبها منطقة زراعية خصبة وافرة الظلال كانت تضم فيما سبق حديقة الحكومة الرئيسية في البحرين، وهي المسماة «الباغشة»، أي (باغ - وحش)، أو حديقة الحيوان. وبعدها بسنوات بدأت فكرة إنشاء حسينية «فريق البدع»، على يد أحد المحسنين الميسورين من تجار اللؤلؤ، كما يروي الأهالي، من مدينة القطيف، كان يتردد على البحرين في تلك الفترة طلباً للعلاج، ويُدعى صالح بن جمعة الخطي القطيفي]. ومما يؤيد هذا الاعتقاد تلك الوثيقة التي أوقف فيها، صالح بن جمعة الخطي، كما ذُكر كهبة للمأتم عدة أدوات للطبخ والقهوة، ومؤرخة في 3 صفر لعام 1288هـ (24 أبريل 1871). وهذا يدل على أن الحسينية قد أسست قبل تاريخ هذا الوقف بالطبع. ربما تشير إليها تلك الكتابة الموثقة على غلاف كتاب عن وفيات أئمة أهل البيت، أوقف على الحسينية ودون عليه هذه العبارة (بنيان دور حاج محمد علي بن حاج علي المقشاعي، حرر في 8 ربيع الأول سنة 1275هـ). وقد اُقتبس منها ما دوّن على اللافتة القماشية (بيرق)، المعلقة بقاعة الخطابة بالحسينية حتى اليوم. مما يجعل حسينية البدع ذات تاريخ تأسيسي متقدم على غيرها، إن صدق ذلك، أي قبل 15 أكتوبر 1858.
وحيث أن المؤسس الأول لم يكن من القاطنين المستقرين في البلاد؛ فقد تولى إدارة شئون الحسينية منذ التأسيس، محمد علي بن علي معتوق المقشاعي الصفاف، وذلك لمدة 16 عاماً. وكان بناء الحسينية في مرحلة التأسيس يتكون من أرض محاطة بقطع من سعف النخل المسمى شعبياً بـ «الجريد»، وبعض سعفات النخل و»جذوعها». كما كان بجوار الحسينية بئر ماء أو «جفر» لاستخداماتها.
ومن الإدارات التي تعاقبت على الحسينية، بعد المقشاعي: منصور بن زبر، وعبدالحسين بن جمعة، والحاج حسن خمدن، وميرزا خمدن، وعبدالله عواجي، ثم أولاده: عباس، وزيد، ومحمود، وعبدالنبي.
إقرأ أيضا لـ "محمد حميد السلمان"العدد 5145 - الجمعة 07 أكتوبر 2016م الموافق 06 محرم 1438هـ
نعم عشنا كل طفولتنا ونحن نزور الماتم..ونأمل من عيش الحسين..لم نفرق بيننا وبين إخوتنا في المذهب الآخر..
حتى جاءت .......................
تتحقق التعزية ولو بكتابة الشعر وبعض المستحبات المنصوص عليها في الشريعة الغراء... واخذت في التحول من الشعر للخاطبة وهي امر حسن ومقبول ، ولكن بعدها دخلت ممارسات شوهت وحرفت قضية الأحياء عن معناها وجرت الويل على مذهب آل البيت ع وكلها أمور مكتسبة ومستوردة لا علاقة لها بالدين والشرع من اللطم على الصدور والروؤس وجرح الرأس والصدر والظهر والمشي والزحف والجمر وووو هذه صفحة مظلمة في حق احياء ذكرى عاشوراء ... السلام على الحسين لابد من محاربتها لا ان نعطيها الشرعية
معلومه جيده اعتقد تاريخ كل شيء عن البحرين وتريد المصداقيه لابد من بحثه في الدول المجاورة مثل السعوديه وإيران وعراق مدونات الشخصيه ينكشف قليل من المعلومات المتعثرة