لم تبرح «الوسط» أرض كرانة، القرية الخضراء التي كانت المزارع تحيط بسكانها من كل حدب وصوب، وكانت سماؤها تتوارى خلف نخيلها وأشجارها.
ماضٍ أخضر، بدأت القرية تغادره، بعد أن ظلت تفقد «دواليبها» تباعاً، مسجلةً خسارة جسيمة قوامها نحو 8، فيما البقية تنتظر وعددها يصل إلى 22 «دولابا»، تتعدد أسماؤها.
فبعد توثيقها ما حل بمزرعة الرقعة المجاورة للبحر، عادت «الوسط» لكرانة، القرية التي قال عنها محمد علي التاجر في كتابه (عقد اللآل في تاريخ أوال): «قرية كرانة تقع جنوبي غرب روزكان، وأكثر بساتينها من نوع الدواليب التي تسقى بالدلاء ويزرع بها أنواع المخضرات، وأهلها فلاحون وغواصون».
عودة، تنقلت هذه المرة بين مزارع لاتزال صامدة، لكنها «مهددة كأخواتها المندثرة»، يقول الأهالي وهم يتنبأون: «بعد سنوات قليلة، ستختفي المزارع جميعها».
وتشير المتابعات، إلى نهم مستمر يقوده «الدلالوة» وهم العقاريون، «معول الهدم لكل رقعة خضراء»، على حد وصف المواطن محمود العجيمي والذي التقته «الوسط» ضمن جولتها في مزارع كرانة.
أراضٍ كانت مصدر غذاء وهواء، باتت اليوم مستوية، لتنتظر احتضان حوائط الاسمنت، بعد تحصلها على إذن بانتقالها من خانة الحزام الأخضر لخانة التصنيف السكني.
وقبل الجولة، كانت «الوسط» تقطع الزقاق المتوسط للقرية، استوقفها المواطن سيدمصطفي الوداعي، وهو يشير بيده ناحية مزرعة تعرف بمزرع «النباته»: «هذه المزرعة وقف، وهي في طريقها لأن تزال لتبنى فوقها المباني»، متسائلاً باستغراب «هل يحق التصرف في الوقف على هذا النحو، ونحن نعلم بالعبارة الشهيرة «الوقف على ما أوقف له؟».
إلى مزرعة أبوغاروف، التي انتصب في مقدمتها إعلان عقاري بعد إزالتها بتاريخ 15 فبراير/ شباط 2016 وتحويلها لقسائم سكنية. هناك كان اللقاء مع الشاب محمد عمار، والذي ظل يستذكر أحوال مزرعة العائلة بالقول «مساحتها كبيرة، وفيها كان يعمل والدي، أما اسمها فـ»أبوغاروف» لكنها تعرف بين الأهالي أيضاً باسم «زراعة بيت عمار»، مضيفاً «أبرز ما كان يميز المزرعة أشجار الصبار التي كان لا حصر لها، بين كل شجرة والأخرى خطوتان فقط، وإلى آخر أيامها كانت المزرعة تنتج ثمارها من اللوز والفلفل وجميع أنواع الخضراوات، لقد تم قتلها وهي حية».
وبرفقة الشاب عمار وصديقه المواطن حسين حميدان، تنتقل الجولة بالسيارة، لتقطع طريقاً ممتداً لاتزال مزارعه باقية، يعلق عمار «المزارع كانت تحيط بكرانة من جميع جهاتها، جنوبها وشمالها، غربها وشرقها»، ويضيف «هنا مسجد الشيخ علي الجنوبي، وبالقرب منه أرض زراعية ممتدة، مقسمة لأربع مزارع».
إلى جهة الشرق قليلاً، تحديداً حيث يقع مسجد الشيخ إبراهيم، كانت المنطقة المحيطة تحتفظ بما تبقى من مزارعها، بعد طمر عين الجن وجرف مزرعتها، تم ذلك مطلع الألفية الثالثة.
مزارع تحول بعضها لورش تصليح السيارات، كما هو الحال مع دالية بيت هلال، وأخرى أضحت ورش نجارة، فيما كان الشاب حسين حميدان يردد عبارته المؤثرة «البحرين تتجه لتتحول من بلد المليون نخلة للمليون عمارة».
وانتقالاً لمزرعة السلطانية، البقية الباقية من مزارع كرانة، كان اللقاء مع المزارع حسين جعفر، والذي ظل ينتقل بين مشاتل ومحميات المزرعة، وهو يتحدث بحيوية لافتة.
يقول: «في الجهة المحاذية لمزرعة السلطانية، كانت تتواجد 3 مزارع تمت إزالتها مؤخراً، والأمر سيتكرر هنا والمزرعتين المجاورتين لنا»، مضيفاً «بعد وقت ليس بالطويل، لن ترى نخلة واحدة في قرية كرانة»، مضيفاً «هناك من يتحين الفرصة، لإعادة بيع النخيل بأسعار تصل في بعضها إلى 300 دينار».
وتابع «السلطانية هي الأخرى مهددة بالإزالة والتحول لقسائم سكنية».
ووفقاً لحديث المزارعين في كرانة، تشكو المزارع شح الماء والانقطاع التام للتيار الكهربائي، ليستعيض أصحابها بشاحنات الماء الحلو (تنكر)، والمولد الكهربائي.
بشأن ذلك يقول المزارع حسين جعفر، قاصداً «تنكر» الماء الموجود في المزرعة «كل يومين نضطر للاستعانة بـ»التنكر». ندفع 80 دينارا لنحصل على الماء العذب، عدا ذلك لن يفي الماء الشحيح (المياه المعالجة) بمتطلبات السقاية»، مضيفاً «لأسباب من بينها أعمال الصيانة التي تقوم بها هيئة الكهرباء والماء، يتوقف الماء عنا لمدة تصل إلى أسبوع كامل، وهي مشكلة غير ثابتة وتحدث بصورة متقطعة، وبسبب قلة الماء اختفت «الشروب» أو تقلصت، وهي جداول الماء التي كانت تغمر المزارع بمياهها».
ينتقل جعفر لمشتل المزرعة والذي يضم أعدادا كبيرة من الشتلات، يقدر عددها بنحو 70 ألف شتلة، ويضيف «هنا نبدأ زراعة الشتلات الخاصة بأكثر من صنف من أصناف الخضراوات، فهنالك الطماطم (البيك، الجيري بألوانه المتعددة وأصنافه التي تصل إلى 12 صنفا بعضها جديد)، والفلفل (7 أصناف للحار) منه الأحمر والأصفر والأخضر والأبيض والبنفسجي، الشمام الصيني، القرع، الفنل، والكيل».
وتابع «من هنا تنتقل الشتلات وبعد فترات متفاوتة، لمراحل أخرى داخل المحميات، وبعضها يباع مباشرة على الزبائن وهم كثر، بأسعار تترواح ما بين 100 فلس حتى 500 فلس، إلى جانب المشاركة بالمحصول في سوق المزارعين».
إلى محمية (جبرة) أخرى يستخدمها المزارعون لتخفيف حرارة الشمس، وتسريع نمو الشتلات بما يوفر لهم إمكانية التحكم في الأسعار. تحت شبك المحمية توقف جعفر ليقول «هنا نترك الشتلات من 20 إلى 25 يوما، ومن بين المزروعات الفلفل بألوانه المتعددة».
ومتوسطاً مشتله يتوقف جعفر، ليقول: «الزراعة في البحرين «فيها خير كثير» والدليل هو انتاجنا الضخم من مزرعة السلطانية، وعلينا أن ننتبه إلى أننا نتحدث عن انتاج مزرعة واحدة»، وأردف «انتاج مزرعتنا تضاعف هذا العام بفضل استثمارنا المزيد من المساحات داخل المزرعة، وبالنسبة للعام الماضي كان الانتاج بمقدار 40 ألف شتلة تقريباً».
وعلى الطرف من المزرعة، العين التي يصل عمقها إلى 50 مترا. «كان الماء يفيض منها في السابق، لكن ارتفاعه اليوم لا يتجاوز المتر»، يقول المزارع حسين جعفر.
وعيون المزارع هي أولى محطات الترصد. منها تبدأ عملية تجفيف المنابع وسد الشرايين، في عملية قتل غير مباشرة للزرع، وبما يمنحها القابلية القانونية للخروج من دائرة الحزام الأخضر، يؤكد ذلك بلديون ومزارعون سواء بسواء.
من وحي ذلك، أطلق المزارع حسين جعفر نداءه «كرانة في السابق مجموعة بيوت تحيطها المزارع من كل ناحية، وندائي لأصحاب الأملاك الخاصة: نحن هنا في هذه المزرعة منذ 40 عام، عمرها يمتد لمئات السنين، الخير فيها وفير، والدليل هو انتاجها الغزير»، معتبراً أن «الحفاظ على ما تبقى من مزارع يعبر عن مسئولية وطنية».
العدد 5145 - الجمعة 07 أكتوبر 2016م الموافق 06 محرم 1438هـ
بهذه الطريقة تبنى الاوطان؟
المزارع التي يتم تجريفها تتمتع بارض خصبة وزراعية متميزة، والان يتم تخربها لتكون البحرين ارض قاحلة بعد ان كانت خضراء
لماذا لا يتم الاحتفاظ و تعويض الملاك
أليس من الافضل ان يتم تخصيص تلك المزارع كمنتجات سياحية و حدائق لعوائلهم و اطفال البحرين ؟ أليس من حق الجيل الحالي و الأجيال القادمة المنزهة و الاستمتاع بتلك المزارع مثل حال ابأئهم حيث كانت تلك المزارع ملاذ للجميع " للكشتات".ً وتعويض الملاك في أراضي مدفونة لأغراض تجارية.
نعم هو الطمع والغباء
الطمع والسعي وراء الغنى يقتل الطبيعه الخضراء التي خلقها الله ،حسبي الله على الطمع
عطني اياها بستثمرها اليك وعقب شهر بتحصل عليها ضعف المبلغ وبتشتري ليك ارض زراعيه انت جرب مابتخسر شي زاءر 1
الاستثمار الوهمي
حسافة على كرانة... كرانة الخضراء راحت خلاص
البحرينيين ما هم عارفين خطورة هدم المزارع بالمستقبل يتعرفون
شعب مدمغ
خاطري اشتري ارض زراعية لو صغيرة
لكن البنك يعطيني قرض ٤٠٠٠٠ دينار بس ما تغطي حسافه
وفي ديرتنا يبيعون الاراض على الحكومة بس لان هي ملك لورثه واحنا لين نبي نشتري ما يعطونه حتى لو جزء يا ريت في حل يساعد اللي عنده استعداد للزراعه