هو أحد المراكز المهمة في المجال الثقافي الذي بزغ نجمه مؤخراً، فأصبح داراً ثقافية تجمع المثقفين والعاملين في المجالات الفنية والأدبية والشعرية وغيرها. كيف لا وهو مشروع لأحد الفنانين الذين تركوا بصمة جميلة على الساحة الثقافية في البحرين «علي البزاز» الذي أراد لـ «مشق آرت» أن يكون ملتقى يجمع كل المشتغلين في الحقل الفني والثقافي والمهتمين بهما، وفضاء يلتقي فيه أصحاب الاشتغالات والاهتمامات المختلفة. وعلى رغم كل المعوقات التي قد تواجه من يريد استثماراً ثقافياً إلا أن «مشق» استطاع تحقيق جزء لا بأس من هذا، والمراقب يمكنه أن يلاحظ هذا التعدد والتنوع الذي اتسمت به الفعاليات التي نظمها أو احتضنها مشق طوال عام فقط من افتتاحه.
يقول البزاز: لا نغفل طبعاً ما للمكان من دور من ناحية الرحابة والموقع واشتماله على عدة قاعات كل منها خصص لاحتضان نشاط معين. أضف إلى ذلك العناصر الجمالية فيه والزوايا التي أعطت للوحة التشكيلية وللكتاب وللصورة وللموسيقى حقها من العرض والحضور.
مهرجان القراءة متنوع الفعاليات
«مشق» نظم مهرجاناً للقراءة اشتمل على عدة فعاليات متنوعة على مدى أسبوع كامل، فكان احتفاء بالكتاب والكاتب، لذلك تنوعت فعالياته من ورش تناولت أولاها موضوع القراءة تحت عنوان «ببلومانيا» مع الشاعر أحمد رضي الذي قدم خطوطاً عريضة للمهتمين في القراءة حول تاريخ القراءة ولماذا وماذا وكيف نقرأ وأعطى تجارب شخصية في القراءة. أما الثانية فكانت من تقديم الشاعر والناشر محمد النبهان تحت عنوان «فن تصميم الغلاف» من ورقة سميكة إلى أسرار تحريض القارئ، إلى جانب أمسية موسيقية قدمها الفنانان أحمد النعيمي وخالد كوالا، بالإضافة إلى أمسيات شعرية للشعراء: فضيلة الموسوي التي قدمت نصوصاً من ديوانها «بيت بفيء الياسمين» الذي وقتعه للقراء في الليلة نفسها، وملاك لطيف من البحرين، والسعودي عبد الله المحسن. كما تم عقد جلسة حوار مع الكاتب الروائي حسين عبدعلي حول روايته «متاهة زهرة» التي وقعها للمهتمين في نهاية الجلسة. إلى جانب المعرض المصغر للكتاب والذي شاركت فيه عدة دور ومكتبات محلية وضم كتباً للأطفال والكبار.
ولم يقتصر المعرض على الكتب الجديدة فقط، بل امتد إلى الكتب المستعملة التي بيعت بأسعار رمزية جداً. حول فكرة هذا المعرض يقول البزاز: «الفكرة كانت امتداداً للفكرة التي طرحناها في مشق منذ افتتاحه وهي تخصيص مكتبة يساهم فيها رواد مشق بالكتب، لتكون متاحة للقراءة من قبل مرتادي المكان، تعزيزاً لفكرة تبادل المعرفة، لذلك ارتأينا أن نخصص هذه الزاوية للهدف نفسه، ولكن بأسعار رمزية، وخصوصاً أن هناك الكثير من القرّاء يحتفظون بمجموعة من الكتب التي انتهوا من قراءتها ويرغبون بإفادة الآخرين بها.
ولأن القارئ الحقيقي يهمه الكتاب بالدرجة الأولى، فإنه غير مهتم بما إذا كان هذا الكتاب جديدا أو مستخدماً، ولهذا نجحت فكرة معرض الكتب المستخدمة في مشق، كما نجحت من قبل في غيرها، وخصوصاً أن الأسعار كانت رمزية جداً.
ورش متنوعة طوال العام
لم يعد مشق مجرد «كافيه» أو مساحة للفنون، بل امتد عمله طوال العام إلى أكثر من ذلك، وخصوصاً في مجال الورش التي أقامها وتلك التي احتضنها. حول هذه الورش يقول علي البزاز: «كانت سياستنا منذ البداية هي التعاون مع جميع الفاعلين في الوسط الفني والثقافي، على مختلف تلاوينهم، وفتح الباب للمواهب الشابة والمشاريع الجادة، والعمل على إيجاد فضاء يجمع الكل. والبحرين زاخرة بالكوادر والطاقات الراغبة في المساهمة في إثراء الوسط، وخصوصاً من الشباب. وما هذا النشاط من ورش وفعاليات إلا نتاج تفاعل الجميع مع المشروع، ومساهمتهم المعنوية فيه. وفي اعتقادي هذا هو السبب الأهم في نجاحنا وحضورنا.
ولكل عمل معوقات تواجهه وحواجز إن لم يتجاوزها فإنه الطبع سيقف منتظراً الفرج الذي ربما يتأخر أو لا يأتي، وهو ما استوعبه القائمون على «مشق» منذ البداية؛ إذ يؤكد البزاز أن وجود المعوقات أمر طبيعي مع بداية كل مشروع، وخصوصاً المشاريع ذات الطابع الثقافي «ولكننا - مدفوعون بالرغبة في النجاح - نعمل على مواجهة كل عقبة وتخطيها، ولله الحمد تخطينا العديد من العوائق والصعوبات».