في كل عام نجد مدن وقرى البحرين يحتفل فيها بذكرى عاشوراء الحسين (ع) الأليمة، وليس بجديد على أبناء هذا البلد الطيب إحياء هذه المناسبة الفريدة من نوعها في التاريخ الإسلامي والإنساني. من المعروف تاريخيا أن أهل البحرين منذ مئات السنين وهم يحيون هذه الذكرى الدامية، التي وقعت في العام 61 هجرية (680 ميلادية) في كربلاء الفداء، فالآباء والأمهات والأجداد والجدات كان لهم الدور الكبير في ترسيخ المثل والقيم الأخلاقية الإسلامية والإنسانية الراقية، في أذهان الصغار والكبار في مثل هذه الأيام الجليلة، التي جسدها الإمام الحسين عليه السلام بكل تفاصيلها وحيثياتها الدقيقة في كربلاء، والتي تمثل أخلاقيات وتعاليم الإسلام العظيم، التي دعا إليها جده المصطفى (ص) طوال 23 عاما، وحمّله تبليغها للإنسانية جمعاء، وأن يبذل من أجلها كل غال ونفيس مادام على قيد الحياة، وحمايتها من كل المحاولات التي تحاول تشويهها والإساءة إليها، باللطف واللين والرحمة، وضمن له الجزاء الأوفى الذي لا يعادله جزاء في الآخرة.
وتعتبر هذه الذكرى فرصة كبيرة لغرس المحبة والمودة بين مختلف مكونات المجتمعات العربية والإسلامية، ولنبذ كل أنواع الإرهاب؛ الجسدي والنفسي والمعنوي، ورفض كل قول أو فعل غير لائق وبغيض يمارس ضد الإنسان في أية بقعة في العالم، وإشاعة ثقافة احترام النفس الإنسانية وعدم تعريضها لأي نوع من الإرهاب والتجريح اللفظي، مهما كانت المبررات، فالاختلافات والخلافات التي تحدث في مختلف المجتمعات الإنسانية لا تعطي لأي أحد من الناس الحق في ممارسة الإرهاب والتنكيل ضد الآخرين، وانتهاك حقوقهم المشروعة، كما هو الحال في الكثير من المجتمعات العربية والإسلامية.
فالمنابر الحسينية قد تحمّلت ومنذ قرون من الزمان المسئولية كاملة في إشاعة ثقافة التكافل والتعاون والتعايش الصادق مع الآخرين، ونشر فكر وثقافة وتعاليم الإسلام الحنيف بأجمل صورة، والابتعاد عن الترهات والخزعبلات التي لا تتناغم مع الأهداف التي نادى بها الإمام الحسين (ع) قبل وبعد تسلمه مسئولية الإمامة، ومن ضمنها، الحفاظ على الإسلام من التحريف والتزييف، المتعمد وغير المتعمد، وصيانة الأمة الإسلامية من خطورة الأفكار والأعمال المنحرفة، والإنكار لكل ما هو مهين للإنسان، والتحذير من التعالي والتكبر والتجبر على خلق الله، والتأكيد على احترام وتقدير الإنسان وعدم التعدي على حقوقه بمختلف تصنيفاته، وتجنب كل أنواع الفساد؛ الإداري والمالي والأخلاقي، والامتناع عن استهداف أرزاق الناس ومعيشتهم، والابتعاد كليا عن كل أمر من شأنه أن يسيء للإسلام والمسلمين حتى ولو بنسبة متدنية، والاعتماد على الصدق والوفاء في المعاملات والتعاملات الحياتية والاجتماعية والتجارية والحقوقية، وغيرها من الحقوق الطبيعية والمشروعة، والحرص الشديد على إعطاء كل ذي حق حقه، وعدم اللجوء إلى بخسها تحت أي مبرر، وجعل الإنصاف والعدالة والمساواة بين الناس، مرتكزات أساسية في الواقع العملي، والظن الخير والحسن بعباد الله مقدما على كل الظنون السيئة، وألا تحاكم نياتهم التي لا يعلم عنها إلا الله جل شأنه.
وقد علم الإمام علي بن أبي طالب (ع) أبناء الأمة الإسلامية، النظرة العادلة الواقعية التي يجب عليهم التعامل بها مع الناس، حيث قال (الناس صنفان، إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق)، وكأنه (ع) يريد أن يقول لنا جميعا، فلا أخلاقيات الدين ولا نواميس المذاهب ولا أدبيات الطوائف ولا أصالة العرق ولا سعة وحجم العشيرة، تسمح بأن نجعلها سببا في الخروج عن القواعد الشرعية والأخلاقية والإنسانية في التعامل مع الآخرين. لم يكن الإمام الحسين (ع) هدفه الحصول على الجاه والوجاهة والمال والمنصب الدنيوي، وإنما كان هدفه الأول والأخير الإصلاح في أمة جده، في كل جوانبها، الفكرية والثقافية والأخلاقية والسلوكية والعبادية والاعتقادية، لأنه يريدها أن تكون واعية ومدركة لكل ما يدور من حولها، لكي لا تهجم عليها المصائب والبلايا والشدائد وهي غافلة وغير منتبهة لمخاطرها.
فأهل البحرين يحيون هذه الذكرى الأليمة في كل عام بأفضل وأنبل صورة، من أجل إحياء المثل الأخلاقية والإنسانية السامية التي حملها الإمام الحسين (ع)، بكل عباراتها وكلماتها ومضامينها النيّرة، من أجل أن تكون نبراسا في حياتهم ودليلا ساطعا في دربهم، لأنهم يعلمون أن من تتمثل فيه تلك القيم الحسينية الخيّرة بكل تفاصيلها الدقيقة، يكون كريما وعزيزا في مجتمعه، وصادقا في أقواله وأفعاله، ووفيا في تعهداته وعهوده، ومخلصا لدينه ووطنه ومجتمعه وأسرته وعائلته، وأمينا على أموال الآخرين ومقدراتهم، وعادلا في معاملاته وتعاملاته الحياتية والإنسانية والاجتماعية، وحافظا للحقوق والأعراض، وساميا في أخلاقياته وسلوكياته إلى أعلى المستويات، ومحبا ودودا لكل خلق الله، وكارها لكل فعل يؤذيهم جسديا أو نفسيا أو معنويا، ومراعيا لمشاعرهم الإنسانية.
فالأمة الإسلامية بمختلف مذاهبها تعتقد أن الإمام الحسين (ع) قد جعله جده رسول الله (ص) المثل الأسمى في الأمة، والملاذ الآمن لها، والباب الذي من دخله ارتقى ونما في كل جوانب حياته، كيف لا وهو الذي قال عنه رسول الهدى والإنسانية محمد بن عبدالله (ص) «حسين مني وأنا من حسين»، فكل صفاته وسجاياه الراقية وعلمه الواعي استقاها من جده خاتم الأنبياء والمرسلين (ص)، ومن أمه فاطمة الزهراء بضعة الرسول (ص)، ومن أبيه الإمام علي بن أبي طالب (ع)، ومن أخيه الإمام الحسن المجتبى (ع)، فسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا.
إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"العدد 5144 - الخميس 06 أكتوبر 2016م الموافق 05 محرم 1438هـ
للاسف
قصرتو الدين بالحسين واوصلتم الحسين لدرجة انة كل الاسلام .
الزاءر رقم 1
عزيزي : اذا كان عنوان الكتاب هو الكتاب
فالحسين عليه السلام هو الإسلام. وإلا
عندك غير ذلك.. هذة هي الحقيقة سواء
قبلت أم ابي. ..!!!