العدد 9 - السبت 14 سبتمبر 2002م الموافق 07 رجب 1423هـ

الشعلة: العمل الاجتماعي يتعثر بتعثر الديمقراطية

واصفا قرار الملك بأنه تفعيل لدور المؤسسات

أكد وزير العمل والشئون الاجتماعية عبدالنبي الشعلة أن قرار الملك بالأمس منح الجمعيات الوطنية حق العمل السياسي في مرحلة الانتخابات النيابية جاء تفعيلا لدور مؤسسات المجتمع المدني، كما شكل نقلة نوعية متميزة للعملية الانتخابية المقبلة، مشيرا إلى أن العمل الاجتماعي يتعثر إذا ما تعثرت الديمقراطية.

جاء ذلك في كلمته الافتتاحية لندوة (تمويل العمل الاجتماعي: الواقع والتطلعات) التي تستضيفها المملكة حاليا وتقام بالتعاون بين وزارة العمل والشئون الاجتماعية والأمانة الفنية لمجلس وزراء الشئون الاجتماعية العرب في جامعة الدول العربية وذلك في قاعة المؤتمرات في فندق الخليج، وتستمر الندوة التي افتتحها الوزير صباح أمس حتى يوم الاثنين من الشهر الجاري.

وقال الشعلة في كلمته: إن العمل الاجتماعي في أي مجتمع من المجتمعات يتعثر مع تعثر الحركة الديمقراطية وانعدام المشاركة الشعبية، وخصوصا أن هناك علاقة طردية بين التنمية الاجتماعية في البلد وتدعيم أسس الديمقراطية فيه.

كما أشار إلى ضرورة الارتقاء بمستوى العمل التطوعي في الوطن العربي من خلال تطوير مؤسساته والاهتمام بقضايا الرعاية والتنمية الاجتماعية والتي من أهمها مواجهة الفقر ومساعدة الأسر المحتاجة. وقد استعرض الشعلة إحدى الدراسات لأماني قنديل التي تؤكد أن أكثر من 60 من جهود المؤسسات الاجتماعية في الوطن العربي توجه إلى رعاية هذه الأسر، أما نصيب البحرين منها فقد وصل إلى أكثر من 30، وبالمقارنة مع المجتمعات المتقدمة ذكر أن دور الجمعيات فيها قد شمل مختلف الميادين والقضايا كالديمقراطية وغيرها.

وأضاف الوزير أنه استنادا إلى الدراسات التي أجريت أخيرا ومع تفعيل دور ميثاق العمل الوطني والانفتاح الديمقراطي الذي شهدته المملكة، انخفضت النسبة المخصصة للأسر المحتاجة إلى أقل من 10، مما يعني اتساع دور المؤسسات الاجتماعية في الاهتمام بقضايا أخرى كالحريات وحقوق الإنسان والمرأة والبيئة والديمقراطية وغيرها من القضايا المهنية الأساسية التي تعنى بشئون المجتمع بشكل عام. وأكد أن ما حدث يمثل بادرة إيجابية توطد العلاقة بين أداء تلك المؤسسات والعملية الديمقراطية.

كما ذكر أنه مع زيادة عدد المؤسسات الاجتماعية في المملكة إلى أكثر من 200 مؤسسة ازداد الدور الاجتماعي والاقتصادي لها في خدمة المجتمع.

وفي ختام كلمته تمنى الشعلة للمشاركين في هذه الندوة الاستفادة من خبرات وتجارب الخبراء والاختصاصيين في مجال العمل الاجتماعي، ومن ثم الخروج بتوصيات واقعية وعملية تسهم في تحقيق خطط التنمية الاجتماعية وتطويرها.

وعلى هامش الندوة التقت «الوسط» بالوكيل المساعد للشئون الاجتماعية الشيخة هند بنت سلمان آل خليفة التي أكدت أهمية تضافر الجهود الأهلية والرسمية لدفع عجلة التنمية الاجتماعية المستدامة إلى الأمام، مشيرة إلى أنه كلما كانت هناك جهود مكثفة تتحقق الأهداف المنشودة من العمل الاجتماعي والتطوعي.

أما التطلعات التي تأمل أن تحققها الندوة فهي تفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني وتنوع سبل تمويلها وخصوصا أنه يكاد يمثل العائق الوحيد لعمل المؤسسات ولذلك يجب التعاون مع القطاع الخاص إذ أن المؤسسات الحكومية ـ كما ذكرت ـ لن تستطيع منفردة أن تقوم بالتمويل الكافي تلبية لاحتياجات الجمعيات المختلفة.

وعن العلاقة بين الديمقراطية ونمو المؤسسات الاجتماعية أشارت الشيخة هند إلى وجود علاقة طردية بينهما، فمع تعزيز الجو الديمقراطي في البلد يزداد عدد المؤسسات المعبرة عن الحرية والديمقراطية نفسها.

كما التقت «الوسط» مع مدير دائرة شئون المرأة في وزارة التنمية الاجتماعية في سلطنة عمان لبيبة المعولي التي قالت إنها تأمل في أن تحقق هذه الندوة نوعا من التعاون والتنسيق بين المؤسسات المعنية بالعمل التطوعي، إضافة إلى محاولة وضع الحلول للعقبات التي تقف في طريق العمل الاجتماعي ومن أهمها التمويل.

وعن إمكان التعاون لتدعيم العمل الاجتماعي بين الدول العربية المشاركة في الندوة أشارت المعولي إلى أن الندوة في حد ذاتها تشكل أحد أوجه التعاون بين الدول. واستطردت قائلة: كما أتمنى أن يكون هذا اللقاء بداية لمشاركات إيجابية في المستقبل تسهم في إثراء المعارف والخبرات وتبادل الآراء وصولا إلى وضع الحلول والتوصيات المناسبة لتطوير التنمية الاجتماعية في مختلف البلدان العربية.

يذكر أن من أهم أهداف الندوة تشخيص واقع العمل الاجتماعي من خلال الاطلاع على التجارب القائمة في الدول العربية، وتحديد آليات جديدة لتحسين التمويل واستمراره وكذلك تحديد معايير التمويل لدى المنظمات الدولية والصناديق العربية، إضافة إلى دراسة التحديات التي تواجه العمل الاجتماعي ومحاولة التغلب عليها.

أما أبرز الموضوعات التي ستناقشها الندوة فهي العائد التنموي للعمل الاجتماعي وعرض وتحليل التجارب العربية والقطرية والدولية في مجالات تمويله.

كما تشارك في هذه الندوة إحدى عشرة دولة عربية وخليجية هي: اليمن والأردن والسودان وفلسطين وسورية ولبنان وقطر والسعودية والإمارات وعمان إضافة إلى البحرين. أما بالنسبة إلى المنظمات والهيئات العربية والإقليمية والدولية المشاركة فهي كل من الأمانة العامة لمجلس وزراء الشئون الاجتماعية العرب والمكتب التنفيذي لمجلس وزراء العمل والشئون الاجتماعية لدول مجلس التعاون ومكتب المتطوعين في برنامج الأمم المتحدة في ألمانيا، بالإضافة إلى عدد من الخبراء والاختصاصيين والجمعيات الأهلية بالمملكة والتي بلغ عدد من شارك فيها ثلاثين جمعية.

وسيشتمل برنامج عمل الندوة على عدة جلسات عقدت ظهر أمس أولها وكانت بعنوان «العائد التنموي للعمل الاجتماعي» قدم فيها الأستاذ بجامعة عين شمس فوزي إسماعيل ورقة عمل أشار فيها إلى عدة موضوعات من أهمها مفهوم العمل الاجتماعي الذي ذكر أنه يختلف باختلاف السياق الاجتماعي والتاريخي والسياسي للبلد إذ ينعكس تأثيره على أسلوب تنظيم منظمات العمل وعلاقتها بالدولة والأنشطة التي تؤديها.

ومن جانب آخر تناول واقع وتطلعات العمل الاجتماعي ومتطلبات التنمية، مشيرا إلى أن الاتجاه نحو تعبئة الجهود المجتمعية لتفعيل التنمية المستدامة يعد إحدى القضايا المهمة على المستويين المحلي والعالمي، ولذلك يجب مدّ جسور التعاون والتفاعل بين المؤسسات العامة وتنظيمات القطاع الأهلي والمجتمع المدني. أما أبرز التطلعات التي ذكرها إسماعيل فكانت تتمثل في تجاوز الدور الخدمي والرعائي لمنظمات العمل الاجتماعي إلى الدور التنموي.

وبالنسبة إلى التحديات التي تواجه هذه المنظمات في المجتمعات العربية فتحدث عن تحديات كثيرة من أهمها غياب الاستراتيجية التنموية الشاملة والتي تعوق تحقيق التنمية المحلية، وضعف المشاركة الجماعية من الأفراد لانشغالهم بمصالحهم الخاصة، ناهيك عن التمويل وما يتعلق به من مشكلات وخصوصا في المنظمات الأهلية.

بعد ذلك استعرض إسماعيل نماذج من جهود العمل الاجتماعي في مواجهة مشكلات المجتمع في الدول النامية كمصر والهند والبرازيل، ثم حاول تقديم بعض المقترحات لتفعيل دور العمل الاجتماعي كالتنسيق بين الجهود الحكومية والأهلية في وضع استراتيجية موحدة للعمل لمواجهة مشكلات المجتمع، وتحرير المنظمات الرسمية من القيود الإدارية والتنظيمية وكذلك ضرورة فتح قنوات للتفاعل بينها وبين الجامعات ومراكز البحوث للاستفادة من الجهود البحثية في تشخيص المشكلات وعلاجها.

كما عقدت مساء أمس أيضا الجلسة الثانية للندوة بعنوان «تجارب عربية ودولية رائدة في مجالات تمويل العمل الاجتماعي» تحدث فيها الأستاذ في معهد التخطيط القومي في القاهرة محمد عيسى، إذ قدم إطارا تحليليا وتطبيقيا للخبرة الدولية والعربية في مجال التمويل بادئا بتقديم عدة معانٍ للعمل الاجتماعي، كما كشف عن أبرز السياسات الاجتماعية العامة في البلاد العربية كالتشغيل ودعم الأسعار والخدمات والتأمينات والضرائب وغيرها.

وأشار عيسى إلى الفئات الاجتماعية المستهدفة في المجتمع العربي كجماعة الفقراء والمساكين والأسرة والمرأة والشباب وكذلك الأفراد والفئات المعرضة للانحرافات الإجرامية.

كما تحدث أيضا عن مصادر تمويل العمل الاجتماعي ومنها ميزانية الدولة التي شدد على ضرورة أن تدعمها جهات أخرى كالجمعيات الأهلية والخيرية بأنواعه اوالقطاع الخاص.

وفي نهاية حديثه عرض عيسى رؤى تطبيقية لتجارب تمويل العمل الاجتماعي العربي كعرض لنموذج شبكة الأمان الاجتماعي الواسعة في جمهورية مصر العربية.

وعن رؤيته الاستنتاجية لتصويب التجربة العربية لتمويل العمل الاجتماعي أوضح قضيتين رئيستين هما التنمية المتكاملة والتي من أهم أركانها تنويع الأنشطة الاقتصادية وإعادة هيكلة نظام الدخول والأجور. والثانية هي تمكين الفئات الفقيرة من الوصول إلى نصيبهم العادل من أصول رأس المال على اختلاف صوره سواء كان عينيا أو اجتماعيا أو بشريا أو رمزيا.

واختتم حديثه قائلا: إن تفعيل القضيتين السابقتين لن يتم إلا بإعادة النظر في العلاقة بين الدولة والقطاع الخاص وبين الخطة وقوى السوق. وذكر أن أخذ مثل هذه الرؤية الطويلة الأمد في الاعتبار يمكن أن يوفر إطارا ناجحا للعمل الاجتماعي وتمويله في الدول العربية على أساس من التطوير الاقتصادي والاجتماعي الشامل والمتواصل

العدد 9 - السبت 14 سبتمبر 2002م الموافق 07 رجب 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً