جدد المجتمع الدولي ممثلاً خصوصاً بالولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي أمس الاربعاء (5 أكتوبر/ تشرين الأول 2016) دعمه لأفغانستان، واعداً بتقديم مساعدات لهذا البلد الغارق في الحرب بقيمة 13.6 مليار يورو لدعم التنمية فيه، على رغم تواصل المواجهات مع حركة «طالبان».
وقال المفوض الأوروبي للتعاون الدولي والتنمية نيفن ميميتشا في ختام مؤتمر المانحين في بروكسل، إن قيمة المساعدات التي تم التوصل اليها «قريبة قدر الامكان» من تلك التي سجلت قبل أربعة أعوام خلال مؤتمر طوكيو وبلغت 16 مليار دولار أو 14.3 مليار يورو، معتبراً أن هذه النتيجة «لافتة». وكما كان متوقعاً في مؤتمر المانحين السابق في لندن في العام 2014، ينبغي أن تنخفض المساعدة «بشكل تدريجي» مع انتهاء عقد التحول (2015-2024) الذي سيكون مرادفا «لاستقلالية (افغانستان) المتصاعدة» بحسب تعبير وزير الخارجية الاميركي جون كيري.
وفي حين يبقى الأمن الهم الرئيسي في البلاد بعد خمسة عشر عاما على إطاحة حركة «طالبان» من السلطة، حض كيري المتمردين على ابرام سلام «مشرف» مع السلطات في كابول.
واعتبر كيري ان اتفاق السلام الذي أبرم الشهر الماضي بين زعيم الحرب السابق قلب الدين حكمتيار رئيس الحزب الاسلامي وحكومة كابول يشكل «نموذجاً لما يمكن القيام به».
وحكمتيار الذي يوصف بأنه «جزار كابول» ولايزال في المنفى قد ضمن لنفسه حصانة وامكانية العودة إلى الحياة السياسية على رغم الاحتجاجات.
اما رسالة القادة الغربيين التي برروا من خلالها تقديم المساعدات، فهي انه لا يمكن أن تكون هناك تنمية في أفغانستان من دون أمن أفضل للأفغان، داعين القوى الاقليمية، الصين والهند وباكستان، إلى دعم أوسع للسلام.
واعلنت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني أمام الصحافيين «نحن هنا اليوم لأن الاستثمار بمجال الأمن في أفغانستان وفي نجاح أفغانستان، هو استثمار في أمننا».
واشارت موغيريني إلى أن البلدان الـ28 الاعضاء في الاتحاد الاوروبي يجب أن تلتزم بشكل جماعي بتوفير سقف «1.2 مليار يورو» في العام، أي بنحو 40 في المئة من المعدل بين عامي 2017 و2020.
وإضافة إلى الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي فان الثلث الثالث من المساعدات سيأتي من مجموعة من الدول على راسها اليابان.
وقال وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير «إن هذه المساعدة ليست من دون شروط. ننتظر من افغانستان ان تقوم من جهتها بما يتوجب عليها» معربا عن الامل بـ «مزيد من الوحدة» داخل الحكومة الافغانية.
من جهته قال الامين العام للامم المتحدة بان كي مون «من المهم أن يبعث المجتمع الدولي رسالة دعم قوية إلى الشعب والحكومة الافغانية».
وعلى رغم أن المنظمات غير الحكومية لاتزال غير راضية خصوصاً في مسألة مكافحة الفساد، إلا أن الجهد الإصلاحي الذي تقوم به حكومة الوحدة الوطنية الافغانية قد أقر به كل من بان كي مون الذي اعتبر أنه «مدهش» في حين قال كيري إنه «لا جدال فيه على الإطلاق».
وفي الواقع فإن المساعدات المالية المقدمة مشروطة بإصلاحات، بما فيها ضبط أوضاع المالية العامة، واستغل الرئيس الافغاني اشرف غني المنبر من أجل التأكيد أن الهدف المحدد للعام 2016 فيما يتعلق بجمع الضرائب قد تحقق «قبل ثلاثة أشهر» من التاريخ المحدد.
وفي تقرير نشر بمناسبة هذا المؤتمر دعت منظمة الشفافية الدولية الرئيس الافغاني إلى «تسريع» وتيرة مكافحة الفساد من خلال تحديد عشرين هدفاً رئيسياً.
وتفيد منظمة الشفافية الدولية بأن ثُمن المساعدات الدولية تهدر في الفساد أو الاثراء الشخصي لمسئولين كبار.
من جهتها، طالبت منظمة العفو الدولية بألا يكون الدعم الغربي «مشروطاً» بإعادة مهاجرين افغان إلى بلادهم، في وقت تشكل أفغانستان حالياً ثاني أكبر بلد يتقدم مواطنوه بطلبات لجوء في الاتحاد الأوروبي بعد سورية.
ووقع الاتحاد الأوروبي يوم الاثنين الماضي في كابول مع السلطات الأفغانية اتفاقاً تم التفاوض بشأنه بسرية ويهدف خصوصاً إلى إعادة الأفغان الذين رفضت طلبات اللجوء التي تقدموا بها.
لكن موغيريني شددت على ان هذه المسألة «ليست على جدول الاعمال اليوم، وليس هناك أبداً صلة بين المساعدة من أجل الإنماء وبين ما نفعله في ملف الهجرة».
اما رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك المضيف الرسمي مع غني للمؤتمر فلم يرد التعتيم على الموضوع.
وقال توسك إن «الاتحاد الأوروبي هو رائد في الغرب في دعم اللاجئين. لا نتوقع مديحاً، لكن البلدان التي ينطلق منها المهاجرون يجب أن يعاد اليها المهاجرون لأسباب اقتصادية غير الشرعيين».
يأتي ذلك فيما قال مسئولون أمس إن آلاف السكان فروا أو يواجهون أوضاعاً معيشية متدهورة مع دخول المعركة بين القوات الأفغانية ومتشددي حركة «طالبان» يومها الثالث في مدينة قندوز بشمال البلاد. واخترق مقاتلو «طالبان» بسهولة دفاعات المدينة يوم الاثنين مما أثار تساؤلات بشأن قدرة قوات الأمن المدعومة من الغرب في الوقت الذي اجتمع فيه مانحون دوليون في بروكسل لإقرار تقديم مساعدات تنموية جديدة لأفغانستان بمليارات الدولارات.
وقال حاكم قندوز أسد الله عمر خيل «غالبية المدنيين غادروا مدينة قندوز إلى مناطق أو أقاليم مجاورة». وأضاف «لا توجد كهرباء أو مياه أو غذاء. وأغلقت متاجر كثيرة».
العدد 5143 - الأربعاء 05 أكتوبر 2016م الموافق 04 محرم 1438هـ