العدد 8 - الجمعة 13 سبتمبر 2002م الموافق 06 رجب 1423هـ

أصوليتان: قاهرة ومقهورة

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

دأب باحثون في الشؤون الإسلامية على الترويج لفكرة «الأصولية» الأحادية المنبثقة من العالم الإسلامي.

رد باحثون أوروبيون وأميركيون على التحليلات السابقة، وأكدوا أن «الأصوليات» نزعة عالمية موجودة في كل مكان وفي مختلف الأديان. فهناك أصوليات هندوسية وبوذية ومسيحية (كاثوليكية وارثوذكسية وبروتستانتية) ويهودية.

وعلى رغم دقة وجهة نظر التيار الثاني وميله نحو «عولمة» الأصوليات إلا أن ما فاته هو خلط «الأصوليات» في دائرة واحدة من دون ملاحظة ما يفرقها باستثناء التعريف المشترك: أصولية.

فالأصوليات عموما على رغم تشابهها وتقاطعها في المنطق العام إلا أنها تختلف في منطقها الخاص وآلياتها الداخلية.

فهناك أصوليات العالم الأول (المتقدم تقنيا والمسيطر اقتصاديا). فأصوليات ذلك العالم تتماهى مع الدولة وتدفعها نحو المزيد من السيطرة الكلية داخليا وخارجيا. فهذه الأصوليات غالبة في تكوينها الثقافي - التاريخي وتطمح نحو المزيد من الغلبة الكونية مستفيدة من موازين القوى ومستخدمة القوّة العسكرية لقهر هويات الآخر وضرب خصوصيته الثقافية وإلحاقه سياسيا وفكريا بالنموذج الغالب (المسيطر دوليا).

وهناك أصوليات العالم الثاني (نصف متقدم ونصف مسيطر). فهذه الأصوليات متضررة من الأصوليتين الكبيرتين الغالبة (العالم الأول) والمغلوبة (العالم الثالث). فهي تطمح أن تنتقل إلى الصف الأول متجاوزة التطور التاريخي - الطبيعي من طريق الانقلاب الداخلي والعنف الخارجي. لذلك نجدها مصطدمة مع الغرب، في البلقان مثلا، ومتناحرة مع الإسلام في جمهوريات آسيا الوسطى (الشيشان مثلا).

أما الأصولية الثالثة فهي عالمثالثية (العالم الثالث) بامتياز تنتمي في عمقها إلى تقاليد قديمة وتتوزع على القارات الثلاث (كاثوليكية في أميركا اللاتينية) و(إسلامية وكاثوليكية ووثنية في إفريقيا) و(إسلامية وهندوسية وبوذية في آسيا) إضافة إلى (إسلامية وارثوذكسية في البلقان) وإسلامية ويهودية في فلسطين.

هذه الأصولية الثالثة - باستثناء اليهودية والهندوسية والبوذية والوثنية - هي إسلامية في إطارها العام، تختلف في تكوينها التاريخي وأهدافها ورموزها عن الأصوليتين: الأولى والثانية. فالأصولية الإسلامية مغلوبة وليست غالبة، دفاعية وليست هجومية تاريخيا، وإن ظهرت أحيانا في أشكال من التطرف السياسي. وبسبب ذلك الاختلاف التكويني الاجتماعي - الثقافي اختلف توجهها السياسي، وتحديدا عن الاصولية الأولى.

الأولى تتماهى مع الدولة القاهرة والثالثة تتماهى مع المجتمع المقهور

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 8 - الجمعة 13 سبتمبر 2002م الموافق 06 رجب 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً