العدد 5140 - الأحد 02 أكتوبر 2016م الموافق 01 محرم 1438هـ

خطة الـ 10 - 20 - 30... إنه الهراء بعينه

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

قبل أيام كتَبَتْ مرشحة الحزب الديمقراطي لرئاسة الولايات المتحدة الأميركية هيلاري كلينتون مقالاً في

الـ«نيويورك تايمز». المقال كان عن «برنامجها» لمساعدة فقراء أميركا والعالم. لقد استهلّت كلماتها بأنه «يجب ألا ينشأ طفل في الفقر على الإطلاق». ثم استنكرت قائلة: «في كل ليلة من الليالي يذهب أطفال إلى النوم وهم جياع أو ينامون في أمكنة لا يسمونها بيوتهم» كالمآوي.

ثم وعدت قائلة: «إذا حظيت بشرف العمل رئيسة للولايات المتحدة الأميركية فإن هذه القضية ستكون الشغل الشاغل لحكومتي» مبشرة في ذات الوقت بأن برامج البيت الأبيض في مكافحة الفقر تسير بخطى جيدة، فقد «تم خفض معدل الفقر العالمي إلى النصف في العقود الأخيرة».

ثم عرّجت على أوضاع الفقراء في الولايات حيث قالت بأن تقريراً جديداً صَدَرَ عن مكتب الإحصاء بيّن «أن عدد من كانوا يعيشون في أوضاع الفقر عام 2015 أقل بنحو 3.5 ملايين من عددهم قبل عام واحد فقط من ذلك. كما ارتفع الدخل الوسطي بنسبة 5.2 في المئة، وهذا أسرع نمو تم تسجيله».

ووعدت هذه المرأة بأنها ستقوم «باستثمار تاريخي في وظائف داخل البنيات الأساسية والصناعة التحويلية والتقنية والابتكار والمنشآت الصغيرة والطاقة النظيفة»، مع الحاجة إلى «إيجاد مساكن بأسعار أكثر ملاءمة» بعد أن أصبحت 11 مليون و400 ألف عائلة أميركية «تنفق أكثر من نصف دخلها في الإيجار»؛ وبسبب ذلك بات الناس يؤجلون توفير المال لأطفالهم أو لتقاعدهم.

ثم أشارت إلى أنها وتيم كين (وهو مرشّحها لمنصب نائب الرئيس) سيقومان بإعداد إستراتيجية «لمحاربة الفقر على أساس خطة 10- 20 -30 التي تقدم بها عضو الكونغرس جيم كلايبيرن» والتي تدعو «إلى توجيه 10 قي المئة من استثمارات الحكومة الفيدرالية للفئات المجتمعية التي ظل يعيش فيها 20 في المئة من السكان تحت خط الفقر لنحو 30 عاماً».

وقبل أن تختم، حاولت التهكم من منافسها مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب قائلة بأنه «يقَسِّم الأميركيين إلى كاسبين وخاسرين. ولا يبدو أنه ينفق وقتاً كثيراً في القلق من حال الفقراء. وفي الحقيقة من شأن خططه الاقتصادية أن تفيد بقدرٍ كبير أغنى الأميركيين. وستشمل خفضاً للضرائب بما يقدر بأربعة مليارات دولار لأسرته هو نفسه وذلك فقط بإلغاء ضريبة التركات».

حسناً، دعونا نناقش حديث هيلاري ديان رودهام كلينتون ونستلّ منه ما يتعلق بمكافحة الولايات المتحدة الأميركية لموجة الفقر العالمي كما تقول. فالخطأ الكبير المتبع من الأميركيين والأوروبيين تجاه هذه المسالة دائماً هو طرحهم البرامج الإنمائية لمواجهة الفقر ومعدلاته دون أن تتم مناقشة مسبباته الحقيقة، وهي القائمة على إشعال التوترات في العالم أو على الأقل تسعير لهبها أو تركها للزمن أو التآكل الداخلي.

بمعنى؛ ماذا يفيد أن تقوم الولايات المتحدة على سبيل المثال بمنح الدول الفقيرة والمنظمات العالمية مليارات الدولارات لمواجهة الفقر، لكنها وفي ذات الوقت تنفخ في الحرب الأهلية السورية أو تتجاهل إنهاءها، وهي تدرك أن تلك الحرب قد خلفت حرماناً للمواطن السوري من أبسط حاجياته؟

ألم تجعل هذه الحرب أكثر من نصف سكان سورية (عددهم نحو 23 مليون نسمة) فقراء بينهم 9.7 ملايين سوري يعيشون على خط الفقر و4.4 ملايين في فقر مدقع؟ ألم تبلغ خسائر الحرب الأهلية السورية «237 مليار دولار بحلول العام 2015م، 17 مليار دولار منها من الناتج المحلي، ما يجعل 90 في المئة من الشعب السوري فقراء» مع ارتفاع جنوني في الأسعار بلغت 173 في المئة» في فترة ما.

لست أنا مَنْ يقول ذلك بل المنظمات التي تعترف بها واشنطن هي التي تقول ذلك كاللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا).

كيف تنفع مليارات الولايات المتحدة الأميركية أمام تلك المأساة التي تشيب لها الوِلْدان! وفي الحقيقة فإن تلك الصورة ما هي إلاّ ملف واحد فقط، أما إذا أتينا إلى أماكن أخرى فإن الحال يكاد يكون قريباً مما نشاهد. في شهر يونيو/ حزيران الماضي كنتُ أقرأ تقريراً محزناً عن أوضاع الليبيين الذين أرهقتهم الحرب التي بالأساس أشعل أوارها الأوروبيون والأميركيون منذ 5 أعوام تقريباً.

إحدى المسئولات الليبيات قالت بأن العادة جرت في السنوات السابقة أن يكون 70 في المئة من المقبلين على موائد الأكل التي يقدمها المحسنون هم من الأجانب والكَسَبَة، أما اليوم (والكلام لها) وبالتحديد العام الحالي، فقد «شهد إقبالاً كبيراً من العائلات الليبية» عليها بسبب الفقر والنزوح وغياب السيولة والغلاء وفارق العملة الوطنية مع الدولار.

بينما يقول آخر بأن المشكلة هي ليست في المساعدات فقط بل هي في قلتها أيضاً «بسبب محدودية المتبرعين» من التجار الذين قرر أكثرهم الهجرة خوفاً على أملاكهم! تُرى ماذا لو لم يُشعل الأميركيون والأوروبيون الحرب في ليبيا فهل كانت البلاد ستخسر 200 مليار دولار في غضون 8 أشهر من الصراع؟ وهل كانت ستفقد 84 في المئة من قوتها النفطية بعد هذا الصراع المحموم؟

هذه أرقام وحقائق وعلى الأميركيين بشتى صنوفهم ألا يبيعوا الناس حديثاً جميلاً يُظهرهم على أنهم أصحاب أيادٍ بيضاء بشكل مطلق؛ لأن الاختبار الحقيقي لمكافحة الفقر هو التبرع بإنهاء الصراعات الدموية وليس إشعالها، وما عدا ذلك فهو مساهمة قوية لتعزيز الفقر ومسبباته.

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 5140 - الأحد 02 أكتوبر 2016م الموافق 01 محرم 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 5:09 ص

      ذم أمريكا و مدح خصومها، ابتداءا من ايران أحمدي نجاد و فنزويلا تشافيز و كل غوغائي أنجبته دول العالم الثالث ... صحيح أن أمريكا دولة امبريالية لكن كذلك روسيا و الصين و هم لم يقدموا للبشرية ربع المنجزات التي قدمتها أمريكا و مع ذلك تجد أمريكا (بالرغم من امبرياليتها) أكثر انسانية من الروس، يكفيك أن ما فعله الروس في حلب و ادلب من جرائم في سنة واحدة يفوق ما فعله الأمريكان في العراق في عشر سنين.

    • زائر 4 | 2:57 ص

      دولنا هي من وافق ان تحرق اموال شعوبها وفقا لرغبات أمريكا وبريطانيا وخططها وخبثها ونحن شعوب إمّعة

    • زائر 5 زائر 4 | 4:48 ص

      تكلم عن نفسك يا هذا.

    • زائر 3 | 2:49 ص

      البعد عن الله مشكله

    • زائر 2 | 12:50 ص

      كلام سليم في رايي كل شيء ناقص اذا تخلوا عن الدين لان الدين هوو القواعد الاساسيه لاعمار العباد والديار وبلا دين كل شيء ناقص

    • زائر 1 | 12:11 ص

      احسنت!

اقرأ ايضاً