في مقولة لأبي بكر أحمد البيهقي يقول فيها حول الأحداث التاريخية: «إذا تداخل الصدق بالكذب، والغث بالسمين، والصواب بالخطأ، عسُر التمييز». وهذا أبلغ ما نبدأ به الحديث أمام قضية شائكة حقاً وفعلاً ممارساً، لا قولاً شفهياً فقط. ولم تكن لتصبح هذه القضية شائكة، لولا نفر منا، بجهلٍ أو بعلم، هم من بدأوا بجعلها شائكة رغم وضوحها منذ البدء. وقد كتب كثير من الباحثين والعلماء والمفكرين حول حلحلة هذه القضية، إلا أنه للأسف كانت هذه الكتابات تواجه بموجة من الرفض المطلق، أو المعارضة والتشويه. ولكن المخلصين والحريصين على نبذ كل التشويهات والتحريفات التي أُلصقت قسراً بهذه القضية سيواصلون العمل بالمبادرات الإصلاحية السلمية والتجديدية لرفع الظلم الذي لحق بأهم قضية إنسانية عبر التاريخ. ذلك أن حالة الصمت والتردد، والسكوت أو التخويف من قول كلمة الحق يفسح المجال للمغالين بالتمدد والبقاء.
فما هي هذه القضية؟ وكيف نعرف أنها شائكة أم لا؟ وما السبيل لحل عقدتها؟
ستتضح بعض مظاهر هذه القضية في كلمات وتحذيرات نبهنا إليها أئمتنا الأطهار عليهم السلام، وبعض الباحثين الكبار.
في الفقه المنسوب للإمام الرضا (ع)، أنّه قال: «كونوا لنا زيناً ولا تكونوا شيناً». وهو أشبه بالتحذير الاستباقى، من إمامٍ مفترض الطاعة، فيما يقوله أو يصدر عنه؛ نلاحظ أن به تركيزاً على الحذر من إدخال أي تشويه في العقيدة مهما كان شكله ومضمونه سيصدر عن الموالين لأهل البيت (ع).
ومن جانب آخر، قال الشيخ محمد رضا الشبيبي، رئيس مجلس الأعيان ورئيس مجلس النواب ورئيس المجمع العلمي ووزير المعارف العراقية الأسبق، في هذه القضية: «شنّ السيّد الأمين حرباً شعواء على الخرافات والأوهام الشائعة، وعلى العادات التي اعتبرت ديناً عند بعض الطبقات، وما هي من الدين ولا من الشرع الشريف في شيء، فهو في طليعة المنادين في الدعوة إلى الإصلاح الاجتماعي في الشرق العربي وفي غيره من الأقطار».
وبعد بحث ومتابعة لهذه القضية لمدة 7 سنوات؛ نشر سماحة الشيخ نعمة الله صالحي نجف آبادي، وهو من علماء الحوزة العلمية في مدينة قم، نتيجة بحثه في كتاب بعنوان «الشهيد الخالد، الحسين بن علي (ع)»، يقول في جزء منه: «مضت سنوات أسمعهم يقولون: لقد خرج الحسين كي يسيل دمه وتُسبى نساؤه، وكنت دوماً ارتعش من هذا الكلام، وانزعج منه، وأقول في نفسي: لماذا يقوم إمامٌ يجب أن تغلي الدماء المقدّسة الحارة في عروقه، ويمنح المجتمع الإنساني حرارةً ودفئاً، ويتحرك، وينير، ويكون دعماً للإسلام والمسلمين... لماذا يسفك بيده دمه الطاهر الحارّ على التراب، ويحرم العالم الإسلامي من مثل هذا القائد العظيم؟!».
إذا هي قضية الإمام الحسين (ع)، وحركته الإسلامية الإنسانية التي شغلت الكثيرين، ومنهم علماء الأمة، على مر الزمان، والتي دخلها شيء من «الشين» الذي ذكره لنا الإمام الرضا (ع)، منذ فُجعت الأمة في العاشر من محرم لعام 61 هـ باستشهاد سبط النبي محمد (ص).
ونؤكد بداية، أنّه لا يوجد، إنسان حرّ، يُخالف فكرة العزاء على الحسين، فالعين التي لا تدمع لمصاب الحسين، والقلب الذي لا يشجى في مأتم الحسين؛ ليسا من الإنسانية في شيء. ولا نبحث هنا في الاعتراض على أصل فكرة العزاء الحسيني، إنما ما نحن بصدده بكل شفافية، هو محاولة إعادة التنبيه لدعم حركة الإصلاح في الحكايات التاريخية الواردة حول واقعة الطف وما تتداخل بها من مرويات وضعها قلة من الكُتاب وأهل المنبر، وليس لها أصل في الحادثة التاريخية. ويرجي عدم الخلط وتعمد سوء الفهم فيما نحن بصدد بتحويله قسراً إلى نوع من توجيه أيّ انتقاد للعزاء على الحسين بما هو عزاء في ذاته.
بل إن جلّ ما نرجوه من الأحبة العامة والخاصة، إعادة بناء المفاهيم العاشورائية، بلغة علمية قوية ومعاصرة لتخليد حركة الإمام الحسين (ع) في ضمير الإنسانية وليس الطائفة فقط. وهي ليست بدعة في هذا المجال، فقد ابتدأ هذا الحراك لإعادة القراءة وبناء المفاهيم من جديد على يد العديد من العلماء والفقهاء أمثال: كاشف الغطاء، السيدمحسن الأمين، والسيدعبدالحسين شرف الدين، والعلامة محمد البلاغي، والعلامة الطباطبائي، والمطهري، وشريعتي (الأب والابن)، وغيرهم.
يُتبع...
إقرأ أيضا لـ "محمد حميد السلمان"العدد 5140 - الأحد 02 أكتوبر 2016م الموافق 01 محرم 1438هـ
"تلك امة قد خلت لها ما اكتسبت وعليها ما اكتسبت و لا تسألون عما كانوا يعملون"
ادعو الكاتب هنا قبل إكمال مقاله في الأيام المقبلة ان يتريث قليلا , خصوصا ان كلمات مثل "الإصلاح" , "اعادة بناء المفاهيم" "نبذ التشويهات و التحريفات" هي كلمات غير ثابتة و مطاطة , و مختلفة بحسب اختلاف وجهات نظر و فكر الشخص ,,, فما قد يعتبره الشخص فكرا خاطئا قد لا يكون كذلك , و لا أدل على ذلك , اسامي المصلحين التي طرحها الأخ الكاتب , فرؤية السيد محسن الأمين رحمه الله التي اعتبرها إصلاحا , قد وقف لها الشيخ كاشف الغطاء و الشيخ البلاغي رحمهما الله تعالى ! و كذا الحال بين مطهري و شريعتي إن لم أكن مخطئا
أحسنت أستاذي .. موضوعك اليوم في غاية الأهمية يتناسب تماما مع المناسبة الخالدة المتجددة أتمنى أن يدخل عليه أحد خطباء العاصمة أو الخطباء الذين لهم جماهير عريضة ويتناوله نصا وحرفا حتى لا تشوه هذه الشعيرة بخرافات وخيالات يحلو للبعض المضي فيها .
ومن أراد أن يغير عائلته ومن أراد ان يغير مجتمعه فاليبدأ بالحسين وأنصاره وهو سيد الشهداء . كان عمه الحمزه هو سيد الشداء وبعد واقعه كربلاء كان الحسين هو سيد الشهداء لانه سيد شباب اهل الجنه وعمه هو أبو الشهداء . والسلام عليكم .... البصري
كذلك الحسين قال في خطبته المشهوره كأني بأوصالي تقطعها عسلان (الذئاب) الفلوات بين النواويس وكربلاء , وقال له ابن عباس لا تخرج وقال له أخيه محمد ابن الحنفيه لا تخرج ولا كنه أجابهم بـــ( شاء الله أن يراني قتيلا ) بشهادته حطب اسطوره المقوله السخيفه الامويه ......... يعني الرضوخ للامر الواقع فخرج من بعده عده ثورات في المدينه المنوره وقتل فيها العديد من الصحابه الاجلاء وثوره في مكه , وأخرى في الكوفه .... بسبب مقتل الحسين ومن أراد أن يغير ذاته فمن عند انصار الحسين .....
بسم الله الرحمن الرحيم . لا ليقتل وإنمنا للإصلاح في امة جده أريد أن آمر بالمعروف وأنها عن المنكر , ولا تكتمل هذه الرساله الا بالعائله المحمديه , ليقول للناس أن الناس لم يؤمنوا بعد ؟ ولا كنه ليعلم علم اليقين بمقتله وسبي نسائه , وعلمه من وحي الله الى رسوله , وليس هو الأول الذي أخبر به الرسول , ولا يعني معرفته بحاله وبمقتله أن يتخلى على حركته ؟ إني أرى في المنام أن اذبحك , نبي يقول لنبي , واستسلم الاثنان لامر الله وكاد أن يذبح فلو ذبح اسماعين فهل نفتي بخطأ إبراهيم ؟؟....
سلم الله على الحسين / ماعاد الشعائر مثل زمان .