أثار الرئيس التركي رجب اردوغان ضجة بتشكيكه ضم جزر في بحر ايجه الى اليونان بموجب معاهدة لوزان في 1923، التي اتاحت ولادة الجمهورية التركية على انقاض السلطنة العثمانية.
وتساءل اردوغان الخميس (29 سبتمبر/ أيلول 2016) في انقرة امام نواب محليين "في لوزان، اعطينا جزرا قريبة الى حد ان صوتكم هنا يمكن سماعه هناك. هل هذا نصر؟".
واضاف ان هذه الجزر في بحر ايجه "كانت ملكنا. ولدينا مساجدنا هناك، ومقدساتنا".
ووجد تشكيك اردوغان في معاهدة لوزان التي تعترف بنظام مصطفى كمال اتاتورك مؤسس الجمهورية التركية، ردود فعل مختلفة بين انصاره ومعارضيه.
ويرى مؤيدوه ان هذه التصريحات ليست سوى تذكير بان تركيا الحالية ليست سوى جزء من اراض اوسع كانت في الماضي تشكل السلطنة العثمانية، في حين رأى فيها معارضوه انحرافا خطرا باتجاه فكر عثماني جديد.
وفي اوج توسعها كانت السلطنة العثمانية تسيطر على اراض تمتد من افريقيا الى المشرق العربي الى البلقان.
ومعاهدة لوزان التي وقعت في 1923 كانت آخر اتفاق يبرم مع بلد هزم في الحرب العالمية الاولى. وهي ترسم الحدود الحالية لدول البحر الابيض المتوسط حتى ايران بعد تفكك السلطنة العثمانية.
ورغم ان معاهدة لوزان تعد افضل من معاهدة سيفر (1919) التي جعلت اراضي تركيا تقتصر على نواحي اسطنبول وقسم من الاناضول، فانها كرست خسارة كامل جزر بحر ايجه باستثناء غوسيدا (ايمروز) وبوزكادا (تينيدوس)، لمصلحة اليونان.
وقال رئيس وزراء اليونان الكسيس تسيبراس "ان التشكيك في معاهدة لوزان ... امر خطير على العلاقات بين بلدينا وايضا بشكل اوسع على المنطقة".
من جهته قال وزير الشؤون الاوروبية اليوناني نيكوس كسيداكيس في تصريحات لسكاي تي في "ان التصريحات النارية لاردوغان" باتت امرا معتادا.
وراى انها قد تعود الى ان اردوغان "يواجه ضغطا داخليا قويا" بعد محاولة الانقلاب في 15 تموز/يوليو، والمشاكل مع جارتيه العراق وسوريا.
"خيانة التاريخ"
وفي الواقع فان تصريحات الرئيس التركي تاتي معاكسة لما كان صرح به في 24 يوليو/ تموز خلال الاحتفال بالذكرى 93 لمعاهدة لوزان حين اشاد بـ "وثيقة مؤسسة للجمهورية" تم ابرامها بـ "نصر الشعب بفضل ايمانه وشجاعته وتضحيته".
وفي غضون شهرين تغيرت اللهجة وبلغ الامر باردوغان حدا قال معه ان "من جلسوا على طاولة (المفاوضات) لم يبرموا افضل الاتفاقيات".
وهو يستهدف بذلك عصمت اينونو ابرز مساعدي اتاتورك وخليفته في رئاسة الجمهورية الذي يجله العلمانيون الاتراك الى اليوم.
واضاف اردوغان بتأثر "واليوم نحن نعاني" آثار ذلك.
واعتبر ايكان اردمير من مؤسسة الدفاع عن الديموقراطية ومقرها واشنطن، ان هذا "الانقلاب" في موقف الرئيس التركي يشير الى تفتت شعار الوحدة الوطنية التي اكد عليها اردوغان اثر الانقلاب الفاشل منتصف يوليو، خصوصا مع المعسكر العلماني.
وقال لفرانس برس "الان وقد استعاد الرئيس التركي سيطرته التامة على البلاد باسرها، شعر انه في وضع مريح يمكنه من العودة الى خطابه المعادي للجمهورية".
وبلهجة اشد قال كمال كيليتشدار اوغلو زعيم الاشتراكيين الديموقراطيين (الحزب الذي اسسه اتاتورك)، ان تصريحات اردوغان تعتبر خيانة للتاريخ. وقال مخاطبا الرئيس التركي "لا تنس انك تجلس على هذا الكرسي بفضل لوزان".
في المقابل اعتبر يوسف كبلان كاتب افتتاحيات صحيفة ييني شفق المقربة من السلطات، ان معاهدة لوزان وقعت "صك وفاة" البلد.
من جهته اعتبر خيري اينونو حفيد عصمت اينونو ورئيس بلدية احد احياء اسطنبول ان وجود "الجمهورية التركية" دليل بحد ذاته على ان معاهدة لوزان كانت نجاحا، "وما عدا ذلك ليس سوى لغو".