اعلنت رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي اليوم الأحد (2 أكتوبر/ تشرين الأول 2016) ان بلادها ستبدأ رسميا آلية الخروج من الاتحاد الاوروبي (بريكست) بنهاية اذار/مارس 2017.
وقبل ذلك كانت ماي قالت ان بريطانيا لن تفعل المادة 50 من معاهدة لشبونة للخروج من الاتحاد الاوروبي قبل نهاية العام. وتحدد تلك المادة مدة اقصاها عامين لخروج اي بلد من الاتحاد.
وصرحت ماي لتلفزيون "بي بي سي" انها ستكشف عن مزيد من التفاصيل خلال كلمة تلقيها الاحد امام حزب المحافظين من اليمين الوسط الحاكم في يوم افتتاح مؤتمره السنوي في برمنغهام وسط انكلترا.
واضافت "انا اقول منذ فترة اننا لن نبدأ عملية الخروج قبل نهاية العام حتى نجري التحضيرات اللازمة (..) وسنطلق العملية قبل نهاية اذار/مارس من العام المقبل".
وقالت انه فور تفعيل المادة 50 سيتعين على باقي دول الاتحاد اتخاذ قرار حول كيفية سير عملية التفاوض.
وتابعت "امل ان نقول لهم انه الان وبعد ان عرفنا توقيتنا - رغم انه ليس توقيتا محددا ولكن سيكون ذلك في الربع الاول من العام المقبل - سنتمكن من القيام بعمل تحضيري بحيث انه فور حلول موعد التفعيل، ستكون عملية التفاوض اكثر سلاسة".
وقالت ان التصويت على الاستفتاء الذي جرى في 23 حزيران/يونيو بالخروج من الاتحاد الاوروبي احتوى على رسالة واضحة وهي ان الشعب البريطاني يريد ضبط حركة السكان من باقي دول الاتحاد الاوروبي.
واضافت "سنفعل ذلك (..) ما يريد الناس معرفته هو ان الحكومة قادرة على اتخاذ قرار حول من يستطيع القدوم الى البلاد، وارساء القواعد بشان من بامكانه الحضور الى البلد".
وتابعت "سننظر في مختلف الطرق التي يمكن ان نفرض بها الضوابط التي يرغب بها الشعب البريطاني وضمان ان الاذكى والافضل هم من يستطيعون الحضور الى بريطانيا".
واعلنت في وقت سابق عن "قانون الالغاء الكبير" لانهاء سلطة قانون الاتحاد الاوروبي فور خروج بريطانيا من الاتحاد.
وسيلغي هذا القانون مجموعة القوانين التي تجعل من انظمة الاتحاد الاوروبي هي المتحكمة، وادراج جميع قوانين الاتحاد في القانون المحلي وتاكيد ان البرلمان البريطاني يستطيع تعديل هذه القوانين متى شاء.
وصرحت لصحيفة "صنداي تايمز" ان "هذا مؤشر على المرحلة الاولى من تحول بريطانيا الى بلد ذي سيادة ومستقل من جديد".
واكدت "ساعيد السلطة والقوة الى المؤسسات المنتخبة في بلادنا. ويعني ذلك ان سلطة قانون الاتحاد الاوروبي في بريطانيا ستنتهي".
دعوات الى بريكست قوي
قال عدد من كبار اعضاء حزب المحافظين انهم يرغبون في قطع جميع العلاقات مع الاتحاد الاوروبي من خلال ترك السوق الموحدة وفرض قوانين على تاشيرات العمل.
ويقولون ان الاتحاد الاوروبي لن يؤذي الا نفسه اذا بدأ في فرض التعرفات الجمركية على البضائع والخدمات البريطانية لان الصادرات الاوروبية الى بريطانيا اكبر منها بالعكس.
الا ان ماي نفسها ايدت البقاء في الاتحاد الاوروبي فيما اعرب وزراء كبار ومن بينهم وزير المالية فيليب هاموند مرارا عن رغبتهم في خروج ناعم من الاتحاد الاوروبي نظرا لان لندن هي اهم مركز مالي في اوروبا.
وقال توني ترافرز استاذ الشؤون الحكومية في كلية لندن للاقتصاد "لا يعرف الكثير عن بريكست بعد (..) وهذا يطرح سؤالا حو ل ما اذا كانت الحكومة لديها راي حول ما ستفعله بالبلاد ام لا".
وبدأت ماي في معالجة هذه المخاوف باعلانها الاحد عن "مشروع قانون الالغاء الكبير" الذي ينهي سلطة قوانين الاتحاد الاوروبي فور خروج البلاد من الاتحاد.
ولكن هذه الخلافات والانقسامات قد تكون سهلة مقارنة مع ما ينتظر ماي عندما تبدأ فعلا عملية الخروج وهي مهمة هائلة لا تحصى تداعياتها.
وتقول الكاتبة في "فايننشال تايمز" جنان غانيش ان تيريزا ماي انهت "افضل اسابيعها" وما ينتظرها ليس سوى الأسوأ لأن سائر اعضاء الاتحاد الاوروبي ليست لديهم اي نية في التساهل معها.
لا انتخابات قبل 2020
لكن ماي لا تزال تتمتع اليوم بالعديد من المزايا ومن بينها شعبية مريحة، كما أنها تستفيد من تخبطات حزب العمال المعارض الذي تمزقه الخلافات الداخلية وازمة قيادة لم يحلها تماما انتخاب جيريمي كوربن رئيسا له السبت الماضي.
وبما انهم يديرون الدفة وحدهم، قد يميل المحافظون الى تجربة حظهم وتقديم موعد الانتخابات التشريعية المرتقبة في 2020.
واظهرت استطلاعات الراي تقدم المحافظين على العمال بهامش كبير.
الا ان ماي استبعدت اجراء انتخابات عامة قبل موعدها المحدد في 2020، وقالت لصحيفة "صنداي تايمز" ان اجراء انتخابات مبكرة "سيبعث مؤشرا على عدم استقرار" البلاد.
وعند تفعيل المادة 50 من المرجح ان تكون العملية مؤلمة. وقد تتسبب في تدهور النقاش المستمر منذ عقود بين الراغبين في الخروج من الاتحاد الاوروبي والمعارضين له بين صفوف المحافظين.
وقال تشارلز غرانت مدير مركز الاصلاح الاوروبي ان "مفاوضات بريكست ستستغرق وقتا اطول بكثير، وستكون اكثر تعقيدا مما يعتقد الكثير من السياسيين البريطانيين".
ومن المقرر ان يكون الاحد اليوم الرئيسي للنقاش حول الاتحاد الاوروبي حيث ستلقي ماي ووزير خارجيتها بوريس جونسون ووزير بريكست ديفيد ديفيس كلمات في النقاش.