العدد 5135 - الثلثاء 27 سبتمبر 2016م الموافق 25 ذي الحجة 1437هـ

الاردايس "الثرثار" يدفع ثمن صراحته

 ساهمت صراحة سام الاردايس بحصوله على منصب مدرب المنتخب الانكليزي لكرة القدم لكن لمدة 67 يوما قبل أن تتسبب "ثرثرته" غير المدروسة بخسارة الوظيفة التي سعى إليها طويلا.

اضطر الاردايس، المعروف بـ"بيغ سام"، إلى التقدم باستقالته مساء الثلثاء على خلفية تصويره بشكل متخفي من قبل صحيفة "دايلي تلغراف" وهو ينصح صحافيين زعموا بأنهم رجال أعمال من شرق آسيا يملكون وكالة وهمية مختصة بعقود اللاعبين، بكيفية الالتفاف على القوانين التي تمنع أن تكون حقوق عقود اللاعبين مملوكة من طرف ثالث غير اللاعب والنادي.

كما سخر الاردايس بصراحته المعهودة من سلفه في المنتخب الانكليزي روي هودجسون ومساعد المدرب السابق غاري نيفيل وانتقد في الفيديو هشاشة نجوم المنتخب وبالقرار "الغبي" للاتحاد الانجليزي بإعادة بناء ملعب ويمبلي.

في أغسطس/ آب الماضي أكد الاردايس للصحافيين بأنه لن يغير شيئا في شخصيته بالقول "هذا هو سام الاردايس وليس أي شخص آخر. لم أكن لأصل إلى هنا (تدريب المنتخب) لو قمت بالأمور بشكل مغاير"، لكن رفضه التعامل مع الأمور بشيء من الدبلوماسية ادخله في المشاكل وتسبب بخسارته الوظيفة التي حلم بها طويلا.

واضطر الاتحاد الانجليزي إلى التدخل سريعا بعد الذي نشرته "دايلي تلغراف" لان "سلوك الاردايس كما ورد في الصحف ليس جديرا بمدرب منتخب انجلترا. لقد اعترف بارتكابه خطأ جسيما في التقدير وقد اعتذر عن ذلك. وبالتالي ونظرا لجسامة هذه التصرفات، اتفق الاتحاد الانكليزي وسام الاردايس على فسخ عقد الأخير".

وتابع "هذا القرار لم يتخذ بخفة لكن أولوية الاتحاد هي المحافظة على مصلحة اللعبة والتحلي بأعلى معايير السلوك والنزاهة".

وبعيدا عن موضوعي السلوك والنزاهة، لم تكن الأيام الـ67 التي أمضاها الاردايس مع المنتخب دون جدل وان كان من نوع آخر، إذ أثار استغراب الكثيرين عندما أعلن بانه قد يفكر باستدعاء القائد السابق جون تيري إلى المنتخب على رغم أن مدافع تشلسي اعتزل اللعب الدولي في 2012 تحت وطأة اتهامه بالعنصرية.

 

هذه ليست المرة الأولى

كما تسبب الاردايس بجدل في الأوساط الانجليزية عندما تحدث عن إمكانية تجنيس لاعبين أجانب للدفاع عن ألوان المنتخب الوطني لكنه لم يتمكن من التفكير حتى بتحقيق هذا الأمر لان مشواره مع "الاسود الثلاثة" انتهى بعد مباراة واحدة فقط سيودع بها منتخب بلاده بسجل نظيف لان الأخير فاز بها على سلوفاكيا خارج قواعده في تصفيات مونديال روسيا 2018.

وهذه ليست المرة الأولى التي تسبب فيها وسائل الإعلام بإحراج الاردايس، فقد اتهم العام 2006 مع ابنه كريغ بالحصول على أموال غير مشروعة من صفقات انتقال لاعبين، وذلك من خلال برنامج "بانوراما" الخاص بشبكة "بي بي سي".

صحيح أن التحقيق الذي أجرته السلطات الحكومية البريطانية اظهر بأنه لم يرتكب أي مخالفة لكنه تحدث عن شكوك بخصوص "تضارب المصالح" بينه وبين ابنه، اللاعب السابق الذي يعمل كوكيل لاعبين.

هدد الاردايس الذي كان مدربا لبولتون واندررز في تلك الفترة، بمقاضاة "بي بي سي" لكنه لم يذهب بالقضية حتى النهاية.

 

المكيدة فازت هذه المرة

ما هو مؤكد أن خسارة وظيفته بهذا السرعة ليس بالأمر المألوف بالنسبة لهذا المدرب الذي تخطى الكثير من الصعوبات خلال حياته بينها عسر القراءة، وتجاهله تماما من قبل المنتخب الانجليزي لطلاب المدارس، واضطر إلى التحامل على الجراح المعنوية بعدما رفض الفريقان المتواضعان دونكاستر روفرز ويورك سيتي منحه وظيفة المدرب.

حصل الاردايس على فرصته العام 1991 حين كان في السادسة والثلاثين من عمره عندما قرر ليميريك الايرلندي منحه وظيفة المدرب إلى جانب دوره كلاعب في الفريق.

لم يكن يملك أي خبرة تدريبية عندما قرر ليميريك توظيفه لكنه اختبر مسيرة كروية طويلة وان لم تكن على مستوى الأندية الكبرى، بدأها العام 1971 مع بولتون واندررز وانهاها العام 1992 مع بريستون نورث اند مرورا بفرق مثل سندلارند وميلوول ووست بروميتش البيون.

لم يكن الموسم التدريبي الأول له عاديا على الإطلاق، إذ نجح في قيادة ليميريك إلى الصعود لدوري الأضواء الايرلندي ما فتح الطريق أمامه للانتقال بعدها لوظيفته الأولى كمدرب في انكلترا العام 1994 إذ اشرف على بلاكبول لكنه انتظر حتى العام 1999 ليصنع اسما لنفسه مع فريق بولتون بعدما حول الأخير من فريق متواضع من شمال-غرب البلاد إلى مشاكس من الطراز الرفيع.

وخلافا للصورة التي يعكسها كمدرب من "المدرسة القديمة"، حقق الاردايس نجاحه في بولتون من خلال الاعتماد على تحليل المعطيات، الكشافين والمساندة الطبية، وهي أمور كانت تفتقر إليها عدة أندية كبرى.

قاد الاردايس بولتون إلى المركز السادس والمشاركة القارية لكنه ذلك لم يكن كافيا لكي يستلم منصب المدرب الوطني العام 2006 بعدما تفوق عليه ستيف ماكلارين.

عانى الاردايس لكسب مودة الجمهور مع فريقيه التاليين نيوكاسل ووست هام لكن الوضع كان مختلفا في بلاكبيرن وأخيرا سندرلاند الذي فتح الباب أمامه للوصول إلى المنتخب بعدما أبقاه في دوري الأضواء على حساب فريقه السابق نيوكاسل.

لكن الاردايس لم ينعم طويلا بالمنصب الذي سعى إليه لأعوام طويلة وسقط عن العرش الذي تربع عليه لـ67 يوما فقط لا غير بسبب "خطأ في التقدير" بحسب ما اعترف الأربعاء"، مضيفا من أمام منزله في بولتون "المكيدة فازت هذه المرة"، في إشارة إلى الفخ الذي نصبه له الصحافيون.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً