العدد 6 - الأربعاء 11 سبتمبر 2002م الموافق 04 رجب 1423هـ

عشية انتخابات البحرين النيابية: المرأة والحقوق السياسية

فريد المفتاح comments [at] alwasatnews.com

.

الحقوق السياسية هي الحقوق التي يتمتع بها الأفراد المواطنون داخل الدولة، وبمقتضاها يشتركون بطريق مباشر أو غير مباشر في شئون الحكم والادارة. ومثالها التمتع بحق الانتخاب والترشيح لعضوية المجالس النيابية كالبرلمان، والمجلس البلدي أو مجلس الشورى، وحق التوظف ولاسيما تقلد الوظائف التي لها طابع السلطة... إلخ.

ومشكلة التمتع بالحقوق السياسية بالنسبة إلى المرأة وخصوصا دخولها تلك المجالس السابقة الذكر، هي من المشكلات المعاصرة التي تعرض دائما مع تطور المجتمعات وخصوصا تلك التي أصابها الغزو الفكري، وقد وجد بشأنها في الفكر الاسلامي والسياسي اتجاهات عدة. ولعل من أبرزها وأكثرها وجاهة وأنسبها لواقعنا المعاصر ذلك الرأي الذي يذهب إلى أن الاسلام لم يحرم المرأة حقوقها السياسية، بل كفل لها ذلك الحق، غير أن المشكلة تكمن في المجتمع نفسه وتحديدا المجتمع المكبل بقيود وقناعات من العادات والتقاليد التي لا صلة لها بالاسلام، والذي لم يتهيأ أفراده بعد لإعطاء المرأة تلك الحقوق حتى تمارسها على أرض الواقع بكل جدارة واقتدار. وسند هذا الرأي يعتمد أساسا على أن المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات أمر مقرر ومكفول في الشريعة الاسلامية، فالرجال والنساء على حد سواء شركاء في صنع سياسة المجتمع وتوجيه دفته، والمرأة مثل الرجل تتميز بحصافة الرأي ورجاحة العقل والاعتداد بالنفس. وتستطيع ان تدبر المُلك وتحسن السياسة. ودليل ذلك في القرآن الكريم في قوله تعالى: «ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف» (البقرة 228) وقوله تعالى: «ولقد كرمنا بني آدم» (الإسراء 70)، فالتكريم هنا يشمل الجنسين معا. وقوله تعالى: «والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر»(التوبة 71).

وهذا يدل على أن النساء شقائق الرجال، وهن أيضا لهن حق المشاركة السياسية، فتولي السلطات العامة ليس إلا من قبيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الوارد في الآية الكريمة. كما أن قصة ملكة سبأ دليل على استعداد المرأة لتوجيه دفة الحكم والإدارة وإن كان ورد ذلك في القرآن في معرض الخبر لا في معرض التشريع، وباستثناء خلافة الدولة أو تولي إمامتها.

وفضلا عن الاستدلال بالقرآن الكريم فهناك السنة المطهرة، فالنبي (ص)، قد بايعه وفد من الأنصار في العقبة الثانية، وكان بينهم امرأتان، حتى قيل ان النبي (ص) أخذ منهما المبايعة بطريق المصافحة باليد، وقيل من وراء حائل، وقيل غير ذلك. المهم أن السيرة النبوية تثبت لنا من خلال هذه المبايعة أن المرأة شاركت في غمار السياسة، كما يستدل على جواز تولي المرأة مهمات سياسية بالاجماع السكوتي، وهو أن المرأة شاركت في الحياة العامة للدولة من غير اختلاط مريب، أو تبرج فاضح، فقد كان المسجد مكانا للشورى والمشاورة والحوار والنقاش، يؤمه الجنسان الرجال والنساء، وقد اعترضت امرأة على عمر بن الخطاب (رض) في مسألة الصداق حينما أراد أن يحدد المهور لمغالات الناس فيها فاعترضته بالحجة البالغة، فما كان من الخليفة عمر إلا أن نزل على رأيها، وقال قولته الشهيرة «أصابت المرأة وأخطأ عمر». كما أن السيدة عائشة أم المؤمنين (رض) شاركت في أمور السياسة والحكم إلى حد الخروج على رأس الجيش لمعاقبة قتلة عثمان (رض).

وفي العصر الحاضر يمكن للمرأة الاشتراك في المجالس البلدية أو الشورية ومجالس العلم والدراسة والعمل والوظيفة وتولي المهمات الإدارية والوزارية، بشرط الالتزام بالحشمة والحجاب الشرعي المعروف.

هذا هو الحكم الشرعي المناسب للمرأة وحقوقها السياسية غير أن بعض أوساط المجتمع لم يتهيأ للأخذ به أو الاعتراف به إلا حين تشيع الثقافة الإسلامية بالفهم الوسطي والنظرة المتزنة الصحيحة بين الرجال والنساء، ويرتفع مستوى الخلق، ويتطور العرف، وتهضم مقاصد الشرع الحنيف، ومبادىء الدين القويم، وتتغير العادة أو العادات التي جرى عليها بعض الناس وعفا عليها الدهر، ويتحقق الوعي بينهم، فلا حرج ولا ضير حينئذ في أن تباشر المرأة مسئولياتها في المجتمع، وما هو معهود من الحقوق السياسية. وهذا ما لزم بيانه وتوضيحه

العدد 6 - الأربعاء 11 سبتمبر 2002م الموافق 04 رجب 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً