العدد 6 - الأربعاء 11 سبتمبر 2002م الموافق 04 رجب 1423هـ

حوادث المرور: مخاطرة بأرواح الناس

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

حوادث المرور المروعة في ازدياد متواصل في البحرين. وهناك الشباب اليافعون والكبار والصغار الذين فقدناهم بسبب الحوادث المرورية التي لا تتناسب وحجم البحرين. والبحرين كانت سباقة في الماضي لضبط السير وفرض حكم القانون على سائقي السيارات إلى الدرجة التي كنا نفتخر بها عندما نزور البلاد الخليجية الأخرى ونرى أبناءها كيف كانوا يخالفون قوانين السير.

ماذا حصل خلال السنوات الأخيرة لتفقد البحرين أداءها الجيد في حركة المرور؟ هل ذلك بسبب ازدياد السياح الذين يستخدمون سياراتهم للوصول إلى البحرين وهم لا يعرفون قوانين السير؟ هل هو بسبب عدم استخدام أحزمة السلامة؟ هل هو بسبب السرعة الفائقة؟ هل هو بسبب استخدام الهاتف النقال أو بسبب الحر؟ هل هو بسبب ضعف حكم القانون بالنسبة إلى المرور أو بسبب التلوث أو لكل الأسباب المذكورة وغيرها؟

مهما كانت الأسباب فيجب علينا معرفتها وتعريفها للناس جميعا لحماية أرواح فلذات أكبادنا.

اننا جميعا مسئولون عن إعادة السلامة إلى شوارع البحرين وإعادة السمعة الحسنة التي كانت تتمتع بها حركة المرور البحرينية. إدارة المرور والمواطن والسائح ونظام تخطيط الطرق والاشارات الضوئية والدوارات وتوسيع أو تضييق المنافذ وغيرها من الاجراءات، جميع هؤلاء الأشخاص وهذه المؤسسات والاجراءات مطلوبة ضمن خطة وطنية مدروسة لكي ننعم بحياة آمنة وسليمة من الحوادث المؤسفة التي نسمع بها كل يوم.


هل تتحمل البحرين حرية التعبير؟

هناك من يسأل عن مدى امكان تحمل البحرين لحرية التعبير وإلى اي مدى يمكن لهذه الحرية أن تمتد من دون الإخلال بالمرتكزات الاساسية لاستقرار الاوضاع... وهذا السؤال ينطلق من سوء فهم لطبيعة حرية التعبير عن الرأي.

فمن جانب تعتبر حرية التعبير ومعها ايضا حرية التجمع من اهم ما يميز المجتمع الانساني.

فالحيوان لا يستطيع النطق ولذلك فان المطالبة بحرية التعبير له لا تعني شيئا. أما الانسان فإذا منعته من حرية التعبير فانك تحاول - يائسا - ان تحرمه من اهم صفة تميزه عن غيره من المخلوقات الاخرى.

ولذلك اعتبرت حرية التعبير أولى الركائز الاساسية لحقوق الانسان.

ثم ان حرية التعبير ترتبط بأمور كثيرة. فمن جانب يلزم ان لا تتحول هذه الحرية إلى اعتداء على الآخر بالطعن والتشهير او من اجل المصلحة الخاصة. فحرية الفرد تنتهي عندما تبدأ حرية الفرد الآخر، بمعنى أن الانسان ليس له الحق ان يتجاوز حرية الاخرين بحجة ممارسة حريته.

كما أن الحرية المطلقة للتعبير غير موجودة (ولم تكن موجودة) في اي مكان في العالم... اذ ان هناك قيودا توضع في كل البلدان على مدى هذه الحرية. الا ان الفرق بين الدول الديمقراطية والدول الدكتاتورية هو ان الأولى تحدد الضوابط بناء على قناعة عقلانية ومعتدلة يؤمن بها اكثرية المجتمع. اما الدولة الدكتاتورية فتحدد الضوابط على أسس أنانية لخدمة المصالح الخاصة والضيقة للفئة المتسلطة على حساب مصالح الاكثرية في المجتمع.

والبحرين بامكانها ان تتحمل كثيرا من حرية التعبير عن الرأي على اسس تحددها الغالبية المعتدلة والعقلانية. وقد بدأت المحاولة من خلال لجنة تفعيل الميثاق التي شرعت في صياغة قانون للصحافة يعتبر الافضل من نوعه في العالم العربي. غير أن هناك أقاويل لم تتأكد صحتها ان هذا القانون الجيد قد لايرى النور على الصورة التي أرادتها لجنة تفعيل الميثاق. ونحن ندعو لتأجيل اصدار هذا القانون حتى مجيء المجلس المنتخب لكي تتم مناقشة بنوده على اسس سليمة تمثل رأي الاعتدال والعقلانية. والبحرين على رغم صغرها فإن حرية تعبيرها هي التي ستعطيها النفوذ الاكبر في العالم. هذا ما حصل قبل عدة قرون في إنجلترا. فتلك البلاد الصغيرة كانت في القرن السادس عشر تخاف من اسبانيا ومن فرنسا وحتى من اسكتلندا (قبل ان يتوحد البلدان لاحقا لتكوين بريطانيا).

فانجلترا كانت أول بلد أوروبي في القرون التي اعقبت العصور الوسطى يسمح بحرية التعبير للعلماء من مختلف الاصناف، وعلى رغم ان حرية التعبير تلك وضعت لها قيود (عدم التعرض للملك أو للكنيسة الانجيلية البروتستانتية) إلا أن أجواء الحرية هي التي خلقت بريطانيا «العظمى» لاحقا. وسرعان ما بدأ العلماء بالظهور (شكسبير ونيوتن وغيرهما) وبدأوا يبدعون في كل المجالات مما وفّر لبريطانيا مخزونا علميا هائلا مكنها من إحداث الثورة الصناعية الاولى في العصر الحديث. كما أن حرية التعبير تلك مكنت انجلترا «الصغيرة - الخائفة» من التحول إلى «بريطانيا العظمى» التي حكمت ارجاء المعمورة لعقود طويلة من الزمن... ويذكر ان أقدم قانون يضمن حرية التعبير هو القانون البريطاني الصادر في العام 1695 (قبل اكثر من 400 عام).

ان البحرين بإمكانها ان تصبح اكبر من حجمها (كما كان الحال بالنسبة لبريطانيا) فيما لو اعطت الفرصة لحرية التعبير المؤطرة بضوابط تتفق عليها الغالبية المعتدلة في بلادنا الحبيبة

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 6 - الأربعاء 11 سبتمبر 2002م الموافق 04 رجب 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً