العدد 5134 - الإثنين 26 سبتمبر 2016م الموافق 24 ذي الحجة 1437هـ

الاستثمار في الشعب يعزز لهم شبكة الأمان من المشقة (2)

باراك أوباما comments [at] alwasatnews.com

رئيس الولايات المتحدة الأميركية

(كلمة ألقاها في الجلسة الافتتاحية للدورة الـ 71 للجمعية العامة للأمم المتحدة).

تكمن البداية في جعل الاقتصاد العالمي يخدم بشكل أفضل جميع الناس وليس فقط لأولئك الذين يتربعون القمة. بينما رفعت الأسواق المفتوحة والرأسمالية من مستويات المعيشة في جميع أنحاء العالم، أضعفت العولمة المترافقة مع التقدم السريع والتكنولوجيا موقف العمال وقدرتهم على تأمين أجر لائق. لقد تم تقويض النقابات واختفت الكثير من وظائف التصنيع في الاقتصادات المتقدمة مثل اقتصاد بلدي. وغالبا ما استخدم أولئك الأكثر استفادة من العولمة السلطة السياسية للمضي بشكل أكبر في إضعاف موقف العمال.

في البلدان النامية، غالبا ما يتم قمع المنظمات العمالية، وإعاقة نمو الطبقة الوسطى؛ بسبب الفساد ونقص الاستثمارات. تهدد السياسات التجارية البحتة والتي تسعى إليها الحكومات من خلال نماذج قائمة على التصدير بتقويض الإجماعات التي تؤازر التجارة العالمية. وفي الوقت نفسه، ما يزال رأس المال العالمي غير خاضع للمساءلة، ما يقرب من 8 تريليونات دولار مخبأة بعيدا في الملاذات الضريبية، ونظام الظل المصرفي الذي ينمو بعيدا عن متناول الرقابة الفعالة.

في عالم يتحكم فيه واحد في المئة من البشر بنفس قدر الثروة التي يملكها 99 في المئة الآخرين لن يكون مستقرا. وأنا أفهم أن الفجوات بين الأغنياء والفقراء ليست بجديدة، ولكن مثلما يستطيع الطفل في أحد الأحياء الفقيرة أن يرى ناطحة سحاب في مكان قريب، تتيح التكنولوجيا الآن لأي شخص يملك هاتف ذكي أن يرى كيف يعيش الأوفر حظا بيننا ويقارن بين حياتهم وحياة الآخرين. ترتفع التوقعات عندئذ أكثر من سرعة الحكومات في إمكانية التوفير، والشعور السائد بالظلم يقوض ثقة الناس في النظام.

كيف لنا إذا بإصلاح هذا الخلل؟ لا يمكننا تفكيك الاندماج أكثر مما نستطيع أن نعود بالتكنولوجيا إلى البداية ونضعها في علبة. ولا يمكننا أن ننظر إلى النماذج الفاشلة في الماضي. إذا بدأنا باللجوء إلى الحروب التجارية، والإعانات المشوهة للأسواق، وسياسة الاستجداء من جارك، والاعتماد المفرط على الموارد الطبيعية بدلا من الابتكار، هذا النهج سيجعلنا أكثر فقرا وبشكل جماعي، ومن المرجح أن يؤدي إلى الصراع. فعلى سبيل المثال، يظهر التناقض الصارخ بين نجاح جمهورية كوريا وقفار كوريا الشمالية، أن التحكم المركزي والمخطط له يوصل بالاقتصاد إلى طريق مسدود.

ولكنني أعتقد أن هناك طريقا آخر، يحفز النمو والابتكار، ويوفر الطريق الأكثر وضوحا إلى الفرص الفردية والنجاح على المستوى الوطني. الطريق الذي لا يتطلب الخضوع للرأسمالية العديمة الروح التي لا يستفيد منها سوى العدد القليل، بل يدرك أن الاقتصادات هي أكثر نجاحا عندما نغلق الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وعندما يستند النمو إلى قاعدة أوسع. وهذا يعني احترام حقوق العمال حتى يتمكنوا من تنظيم نقابات مستقلة والتكسب من ذلك. هو هذا ما يعني الاستثمار في شعبنا؛ مهاراتهم، وتعليمهم، وقدرتهم على اتخاذ فكرة وتحويلها إلى عمل تجاري. وهذا يعني تعزيز شبكة الأمان التي تحمي شعبنا من المشقة وتتيح لهم اتخاذ المزيد من المخاطر؛ للبحث عن عمل جديد أو البدء بمشروع جديد.

هذه هي السياسات التي كنت أتبعها هنا في الولايات المتحدة، ومع نتائج واضحة. لقد خلقت الشركات الأميركية الآن 15 مليون فرصة عمل جديدة. بعد الركود الاقتصادي كان نسبة الواحد في المئة من الأميركيين العليا تستحوذ على أكثر من 90 في المئة من نمو الدخل. ولكن اليوم انخفضت إلى النصف. انخفض الفقر في العالم الماضي في هذا البلد بأسرع معدل تقريبا منذ 50 عاما. ومع مزيد من الاستثمار في البنية التحتية والتعليم في مرحلة الطفولة المبكرة والبحوث الأساسية، أنا واثق بأن يستمر هذا التقدم.

فكما قد اتبعت هذه التدابير هنا في الداخل، عملت الولايات المتحدة مع الكثير من الدول للحد من تجاوزات الرأسمالية ليس لمعاقبة الثروة بل لمنع الأزمات المتكررة التي يمكن أن تدمرها. عملنا لهذا السبب مع دول أخرى لوضع معايير أعلى وأكثر وضوحا للأعمال المصرفية والضريبية؛ لأن أي مجتمع يطلب أقل من القلة المتسلطة مقارنة مع المواطنين العاديين سيتعفن من الداخل. ولهذا السبب طالبنا بالشفافية والتعاون في اجتثاث الفساد، وتتبع المال غير المشروع لأن الأسواق تخلق فرص عمل أكثر عندما تكون مدفوعة بالعمل الجاد، ولبس بالقدرة على ابتزاز رشوة. ولهذا عملنا للتوصل إلى الاتفاقات التجارية التي ترفع معايير العمل وترفع المعايير البيئية. كما فعلنا مع اتفاق الشراكة عبر المحيط الهادئ، بحيث يتم تقاسم المنافع على نطاق واسع.

وتماما كما نستفيد من مكافحة عدم المساواة في داخل بلداننا، أعتقد أن الاقتصادات المتقدمة لاتزال بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد من أجل سد الفجوة بين الأمم الغنية والفقيرة في جميع أنحاء العالم. وهذا أمر صعب من الناحية السياسية. من الصعب الإنفاق على المساعدات الخارجية. ولكن لا أعتقد أن هذه صدقة. كان بإمكان جزء صغير مما أنفقناه في الحرب في العراق دعم المؤسسات بحيث أن الدول الهشة لاتنهار في المقام الأول، والاستثمار في الاقتصادات الناشئة التي أصبحت أسواقا لسلعنا. أنه ليس فقط الأمر الصائب الذي يجب فعله، بل إنه الشيء الذكي للقيام بذلك.

ولهذا السبب نحن بحاجة لمتابعة جهودنا لمكافحة التغير المناخي. إذا لم نتصرف بجرأة، فإن الفاتورة التي سندفعها ستكون على شكل هجرات جماعية، ومدن مغمورة ودول نازحة، وإمدادات طعام تالفة، وستولد صراعات من اليأس. إن اتفاق باريس يعطينا إطارا للعمل، ولكن فقط إذا رفعنا من مستوى طموحاتنا. ويجب أن يكون هناك إحساس بالحاجة الملحة لإدخال الاتفاق حيز النفاذ، ومساعدة الدول الفقيرة على تخطي الأشكال المدمرة للطاقة.

ولهذا فإن صندوق المناخ الأخضر يجب أن يكون البداية فقط بالنسبة للدول الغنية. نحن بحاجة إلى الاستثمار في البحث وتوفير حوافز السوق لتطوير تكنولوجيات جديدة، ومن ثم جعل التقنيات متاحة وميسرة للدول الأكثر فقرا. وعندئذ فقط يمكننا أن نستمر في تخليص جميع الناس من براثن الفقر بدون الحكم على أطفالنا بالعيش في كوكب مستعص على الإصلاح.

لذلك نحن بحاجة إلى نماذج جديدة للأسواق العالمية، وهي نماذج شاملة ومستدامة. وبنفس الطريقة، نحن نحتاج أيضا إلى نماذج من الحكم تكون شاملة ومسئولة أمام الناس العاديين.

إقرأ أيضا لـ "باراك أوباما"

العدد 5134 - الإثنين 26 سبتمبر 2016م الموافق 24 ذي الحجة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 11:21 ص

      نقراء ما تكتبونه يعجبنا ولكن أنشوف أفعالكم نتعجب......!

    • زائر 1 | 12:24 ص

      شايفين استثماركم في الشعوب الاسلامية والعربية خوش استثمار. بعد هل يوجد افضل من أن تجعلوا من الشعوب وقودا لحروبكم

اقرأ ايضاً