قال وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة، في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أمس (الإثنين): «إننا لسنا ضد أي طرف يمني، وسنقف مع اليمن وشعبه الشقيق بمكوناته كافة، في وجه كل من يريد الإضرار به أو السيطرة عليه من الخارج، حتى يتم التوصل إلى حل سلمي»، وفيما يخص العلاقات مع إيران، أشار إلى أن «مساعي بناء العلاقات معها (إيران)، تصل إلى طريق مسدود أو تنتهي باختلاق إيران مشكلات وأزمات جديدة تعيدنا إلى المربع الأول».
أكد وزير الخارجية الشيخ خالد بن احمد بن محمد آل خليفة، أن مملكة البحرين بقيادة عاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، تولي أهداف التنمية المستدامة لعام 2030 التي اعتمدتها قمة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة في العام الماضي كل الاهتمام والرعاية، وكان لها سبق البدء في تحقيقها، ولم تتوان في واجبها لبلوغ أهدافها التي شهدت بها ووثقتها التقارير الأممية، وستواصل التزامها بذلك وفق الخطط والبرامج الوطنية الطموحة، إيمانًا منها بأن تنفيذ تلك الأهداف والتفاعل معها يضمن مستقبلاً زاهرًا لأبنائها.
وفي كلمته، قال وزير الخارجية: «إن التنمية وأمن واستقرار المواطن والمجتمع، ركيزتان متلازمتان في مسار واحد، ولا يمكن تحقيق إحداهما من دون الأخرى، ولا يمكن بلوغهما إلا من خلال دولة آمنة ومستقرة، تنتهج الحكم الرشيد، وتمتلك مؤسسات قوية وفاعلة، فهذه هي المعادلة الصحيحة الواجب ضمانها والحفاظ عليها في جميع دول العالم بصفة عامة وفي منطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص، بالنظر إلى حجم التحديات التي تواجهها وتمثل تهديدًا خطيرًا للسلم والأمن الدوليين».
وأشار إلى أن «حماية ركائز الدولة الوطنية في بلداننا ومنع انهيارها في بلدان أخرى يشكلان الأساس لاستدامة الأمن والتنمية والرخاء، وجدير بأن يكون هدفا رئيسيا لكل القوى والتجمعات الفاعلة في المجتمع الدولي بعيدا عن أي معايير مزدوجة أو مقاصد مختلفة، ونحن قادرون بتوحدنا إقليميا ودوليا، أن نتخلص من كل التحديات وخاصة في مجال مواجهة الإرهاب، الذي يجب أن نلتزم سويا، بكل قوة وعزيمة، ودون أي تردد، في القضاء على جميع مسبباته وتجفيف منابع دعمه وتمويله، وحماية مجتمعاتنا من خطاب الكراهية والتطرف بكل حزم وجدية».
وأكد وزير الخارجية، على أن محاربة الإرهاب لن تتحقق مطلقًا عبر سن قوانين وتشريعات تخالف ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي، كالخطوة التي أقدم عليها الكونجرس الأميركي عندما أصدر تشريعاً باسم (قانون العدالة ضد رعاة الارهاب)، والذي يخل بأسس العلاقات الدولية القائمة على مبادئ المساواة في السيادة وحصانة الدول، ويعد سابقة خطيرة في العلاقات بين الأمم، ويمثل تهديدًا لاستقرار النظام الدولي، ويؤثر سلباً على الجهود الدولية لمحاربة الارهاب.
وفيما يخص الملف السوري، ذكر وزير الخارجية أن «مملكة البحرين تقف وكما هي دائمًا، مع تطلعات الشعب السوري في بناء دولته المدنية بنسيجها الوطني الغني بإرثه الانساني والثقافي والحضاري ومكوناته المختلفة ووفقًا لإرادته الحرة وبما يعيد إلى سورية روح المحبة والتسامح، ومن هذا المنطلق، تأتي دعوتنا لجميع الدول المؤثرة في الأزمة السورية، وخصوصاً الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الروسي، لتوحيد الجهود والعمل معا من أجل الوصول للحل السياسي للأزمة، وفقا لما جاء في بيان جنيف 1 وقرار مجلس الأمن 2254، وضرورة تنفيذ قرار مجلس الأمن 2165 بشأن إيصال المساعدات الإنسانية مباشرة إلى عموم سورية بشكل فوري وبدون عراقيل، لإنقاذ هذا البلد العزيز وشعبه من محنته التي لا مصلحة لأحد منا في استمرارها، وللحيلولة دون انهيار ما تبقى من مؤسسات الدولة، بما يحفظ لسورية سيادتها ووحدة شعبها وأراضيها، والقضاء على جميع التنظيمات الإرهابية التي باتت منتشرة في أرجائها، وإبعاد التدخلات الإقليمية التي تحدث إما بصورة مباشرة أو بالوكالة وتعرقل جهود تسوية الأزمة».
وفي الملف العراقي، شجّع وزير الخارجية على «اتخاذ خطوات في جمهورية العراق باتجاه معالجة كافة المشكلات التي تعترض اعادة بناء الدولة ومؤسساتها، وتحقيق إرادة الشعب العراقي الشقيق، من خلال مشاركة الأطراف السياسية كافة، دون أي ضغوطات خارجية، مؤكدين في الوقت ذاته على ضرورة مواصلة جهود استعادة سيطرة الدولة على كامل ترابها الوطني من التنظيمات الإرهابية، والتصدي لما ترتكبه الميلشيات المتطرفة من أفعال إجرامية وغير إنسانية تطال أبناء العراق وجواره، تحت غطاء محاربة الإرهاب».
أما فيما تشهده الجمهورية اليمنية، جدد وزير الخارجية التزام البحرين بـ «المشاركة في التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن سيستمر دون أي تراجع، فلم تدخر البحرين لا مالا ولا دما في سبيل ذلك الهدف النبيل، وستظل سائرة في هذا الطريق، ولن تحيد عنه أبدًا مهما بلغت التضحيات إلى أن تتمكن الحكومة الشرعية بقيادة الرئيس عبدربه منصور هادي، من إحكام سيطرتها على كافة الأراضي اليمنية، مؤكدين على الدور الانساني الذي تضطلع به قوات التحالف وحرصها على عدم استهداف المدنيين، ونطالب القوى الانقلابية ومن يدعمها بأن تكف فورًا عن الخطوات السلبية والمعرقلة لتحقيق الاستقرار والتي تجسد طموحها في السيطرة على مؤسسات الدولة».
وقال: «إننا لسنا ضد أي طرف يمني، وسنقف مع اليمن وشعبه الشقيق بمكوناته كافة في وجه كل من يريد الإضرار به أو السيطرة عليه من الخارج، حتى يتم التوصل إلى حل سلمي، وفق اتفاق سياسي ينهي معاناة الشعب اليمني ويحفظ له أمنه واستقراره ووحدته، وفق المرجعيات المتفق عليها والمتمثلة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني وقرار مجلس الامن رقم 2216 (2015)».
فيما يتعلق بالجمهورية الإسلامية الإيرانية، قال وزير الخارجية: «إننا في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وفي جميع الدول العربية لم ندخر جهدا، مع هذا البلد الجار، لبناء أفضل العلاقات القائمة على مبدأ حسن الجوار واحترام سيادة الدول وفق الأعراف والمبادئ الدولية، فلم نتردد لحظة في مد الجسور وتطوير العلاقات معها، إلا أن كل مساعينا وجهودنا ورغبتنا الصادقة لم تلق التجاوب الجدي من قبل إيران، فإما أن تصل جهودنا إلى طريق مسدود أو تنتهي باختلاق إيران لمشكلات وأزمات جديدة تعيدنا إلى المربع الأول، فمازلنا نسمع من إيران الخطاب الطائفي غير المسئول والإساءة والإضرار بالعلاقات الثنائية والجماعية معها، والتي تمثلت مؤخرا بإلقاء المسئولين الإيرانيين التهم الباطلة جزافا ضد المملكة العربية السعودية، والتي يشهد لها العالم بأسره بأنها تبذل جهدًا جبارًا وتقوم بدور عظيم وجليل في استضافة ورعاية ووفادة العدد الهائل من ضيوف الرحمن، الحجاج والمعتمرين والزوار، وتكفل لهم كل سبل الأمن والرعاية، وهو ما لا يمكن لأحد إنكاره أو الإساءة إلى القائمين عليه، كما أننا مازلنا نواجه محاولات إيران للعبث بأمننا واستقرارنا وسلمنا الأهلي، من خلال دعم الجماعات والمليشيات التابعة لها مثل حزب الله الإرهابي وأمثاله من توابع الحرس الثوري الإيراني، وتواصل إيران أيضا احتلالها الجزر الثلاث التابعة للإمارات العربية المتحدة الشقيقة في الخليج العربي وترفض المساعي السلمية لحل هذه القضية. فالصورة واضحة أمامكم، ولن تتغير إلا عندما تغير إيران سياستها الخارجية بشكل شامل، وتتخلى عن سياساتها العدوانية، وتنفتح بإيجابية على دولنا، بما يمهد الطريق لدخول المنطقة لمرحلة جديدة من الاستقرار والتنمية».
وبين وزير الخارجية أن «البحرين تؤكد على ضرورة تضافر الجهود لتحقيق هدف إخلاء منطقة الشرق الأوسط بما فيها الخليج العربي من أسلحة الدمار الشامل ومن بينها السلاح النووي، مع التشديد على حق الدول في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية، فالطاقة النووية ما وجدت الا لخدمة البشر وتحسين حياتهم والارتقاء بأوضاعهم في كافة مناحي الحياة، لا للإضرار بهم أو استخدامها كسلاح فتاك لمحو المدن وقتل الملايين من الأبرياء».
العدد 5134 - الإثنين 26 سبتمبر 2016م الموافق 24 ذي الحجة 1437هـ