العدد 5133 - الأحد 25 سبتمبر 2016م الموافق 23 ذي الحجة 1437هـ

من الذي قتل ناهض حتر؟

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

قد يكشف النقاب قريباً عن الشخص الذي اغتال الكاتب الأردني ناهض حتر أمام قصر العدل في الأردن، وقد يذهب سره معه فتسجل الجريمة ضد مجهول.

الجريمة وقعت في وضح النهار، وفي مكان عام، بالعاصمة عمّان، وألقي القبض على شخص مسلح، لم يكشف النقاب عن هويته في اليوم الأول، ولا عن انتمائه السياسي أو الديني أو القبلي، ربما لضرورات أمنية أو سياسية، لكن العلائم الأولية ترجّح أن تكون إحدى الحركات المتطرفة هي المتورطة في الاغتيال. وهو ما يشير إلى ما بلغته الأوضاع العربية من خطورة على حياة المعارضين أو المستقلين، الذين يعيشون في ظل تهديدات دائمة بالتصفية أو السجن والمطاردات.

الخبر الأولي الذي بُثّ بسرعة، تمت صياغته بعناية، حيث أريد الإيحاء بأن سبب الاغتيال هو «الإساءة للإسلام»، وهو موضوع فضفاض، بقصد استعداء الرأي العام ضد الضحية من اللحظة الأولى، لكن المحللين يدركون أن السبب هو مواقفه السياسية، سواءً في انتقاده الفساد في الداخل، أو موقفه المناهض للحروب الجارية لتدمير المنطقة، والتي تدفع ثمنها الشعوب من قُوْتِها ومستقبلها، وحريتها وكرامتها.

العرب اليوم، شعوباً وحكومات، منقسمون على أنفسهم، لا يدركون مصلحتهم ولا يفكرن في مستقبلهم، بل كل همّهم القضاء على الآخر وتصفيته، ولا يتورعون عن المطالبة بالحقوق للدول والشعوب الأخرى بما يمنعونه ويحرّمونه على أنفسهم. وفي ظل هذه التدخلات العنيفة، لن يكون هناك بلدٌ في منجى من التداعيات والارتدادات على الداخل، فاللعب بأمن الآخرين والتلاعب بمصائرهم، سيقوّض الأمن الداخلي تباعاً، حشداً للمتطرفين وتقوية لشوكتهم، وتفجيراتٍ واغتيالات.

من الذي اغتال ناهض حتر؟

في بلدٍ ترعرعت تياراتٌ متطرفةٌ منذ سنوات طويلة، وأرسلت عناصرها باسم الجهاد، للقتال ضد الروس في أفغانستان على بعد آلاف الكيلومترات، بينما لم يفكّروا في عبور النهر غرباً لتحرير الأراضي المقدسة حيث يغتصبها المحتل على بعد بضعة أمتار. بلدٌ شكّلت بعض مدنه حواضن اجتماعية لهذه التيارات الجامحة، وخرج من أحد سجونه شخص متطرف مثل الزرقاوي، ليزهق أرواح آلاف من العراقيين الأبرياء في الشوارع والمساجد. كان مشروعه الوحيد تأجيج الفتنة بين السنة والشيعة، لتنشب حرب أهلية لا تبقي ولا تذر، وحين تمت تصفيته في صحراء الأنبار أقيمت له سرادق العزاء.

البيئة الفكرية المتخلفة التي أخرجت مثل هذا الشخص، هي التي تمجّد حتى الآن طاغيةً دمّر العراق وإيران واحتل الكويت في نصف نهار، وضرب السعودية بصواريخ سكود. وهي بيئةٌ تهرع إلى نيران الفتنة وتهشّ لسفك الدماء، كما يحدث في سورية هذه الأيام. فلا تستغربوا أن يخرج من هذه البيئة الحاضنة شخصٌ مجهولٌ يفرغ رصاصاته في صدر من كان ينتقد كلّ هذا العبث بالأرواح والتدمير الممنهج للبلدان.

النهاية كانت على عتبات قصر العدل، أما البداية فكانت قبل ذلك بسنوات طوال، فما زرعته ورعيته في الأعوام والعقود الماضية، ستجنيه لاحقاً. فحين تعمل على تمكين أطرافٍ سياسية أو دينية لتضرب أطرافاً أخرى، فاستعد ليومٍ تنقلب فيه عليك تلك الأطراف حين تتمكن وتشبّ عن الطوق، كما في المثل الشعري القديم: فلما اشتد ساعده رماني.

اغتيال ناهض حتر انتهى على أبواب قصر العدل، لكن التخطيط له بدأ في ستوديوهات قنوات الفتنة، التي دأبت على التحريض والتكفير والإقصاء واستباحة حرمات وكرامات ومعتقدات الآخرين. بدأ الاغتيال على يد شيوخ الفتنة الذي يكفّرون عامة المسلمين إلا من حذا حذوهم وسلك مسلكهم وسار على نهجهم.

بدأ الاغتيال على وسائل التواصل الاجتماعي، المخترقة والمسيّرة من قبل الأجهزة المحلية والأجنبية، التي تجنّد الشباب وتنشر ثقافة السبّ والشتم والتكفير والبذاءة والاستهانة بحرمات وكرامات البشر، لخلق بلدانٍ لا يمكن التعايش فيها، ورأي عام منقسم على نفسه، وشعوب لا يطربها غير مناظر الأشلاء وشلالات الدماء.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 5133 - الأحد 25 سبتمبر 2016م الموافق 23 ذي الحجة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 40 | 12:03 م

      قتله الخوارج الجدد
      الذين يستبيحون الدماء والاعراض والاموال وكل ذلك باسم الاسلام والاسلام منهم بريء.

    • زائر 31 | 6:29 ص

      تسلم و يسلم قلمك استاذ قاسم

    • زائر 24 | 5:01 ص

      من قتله لتوه جاء من بلد تفرخ القتله والارهابيين وطبعا مولوه (القاتل ) بما يحتاجه والحكومه الاردنيه مسؤله عن دمه.

    • زائر 21 | 4:21 ص

      يا سلام على المعلقين! فجأة كلهم انقلبوا إلى ليبراليين متنورين من مناصري حرية التعبير! زين خبرونا يا حلوين يا متنورين يا عقلانيين ما رأيكم في فتوى اهدار دم سلمان رشدي؟؟؟؟؟؟؟

    • زائر 27 زائر 21 | 5:43 ص

      لا أذكر غير الخميني اصدر فتوى اهدار دم بحقه، سلمان رشدي -الملحد- حاله حال شارلي ابدو، بينما ناهض حتر هو مسيحي يحمل فكر يساري قومي ولم يسئ إلى أي دين وهو بريء، وليس كما يروج المتأسلمين.

    • زائر 39 زائر 27 | 10:18 ص

      غلطان يا زائر 27 ؟؟ هل شاهدت الكاريكاتثير الذي انتشر في وسائل التواصل الاجتماعي وفيه اساءة غير مقبولة اطلاقا للذات الإلهية .. وذكرت الانباء ان المدعي العام في عمان وجه إلى الكاتب حتر تهمتي "إثارة النعرات المذهبية" و"إهانة المعتقد الديني"، وأعلن حظر النشر في القضية. ونفى حتر حينها ما اتهم به مؤكدا أنه "غير مذنب "". عذر أقبح من ذنب

    • زائر 29 زائر 21 | 5:54 ص

      باختصار سلمان رشدي صهيوني بينما ناهض حتر مقاوم معادي للصهيونية. هذا هو الفرق

    • زائر 30 زائر 21 | 5:57 ص

      باختصار سلمان رشدي صهيوني بينما ناهض حتر مقاوم معادي للصهيونية. هذا هو الفرق

    • زائر 38 زائر 21 | 9:00 ص

      الفرق ان سلمان رشدي وقتلة ناهض حتر كلاهما من خدم وعبيد الغرب. فهمت الفرق؟

    • زائر 17 | 1:57 ص

      أنت حر بأفكارك أخ قاسم لكنك أوعى من أن تعمم… الأردن بلد التعددية الفكرية و الدينية و أهلها من كافة الأصول و المنابت إجتمعوا في وطن واحد و الجميع يحب هذا البلد الذي نجح في كونه بلد من دون أي مقومات إقتصادية طبيعية. الأردن و قيادته محترم في جميع أنحاء العالم و شعبه لديه حرية التعبير. فإذا كان البعض منهم يتغنى بطاغية العراق فلا يعني ذلك أن الجميع في هذه الخانة. ؤ إذا كان البعض متطرف فأظن أن دول الخليج تزخر بهم. أما أن تمعني بخبث و أجندة إيرانية أن هذه هي منهجية الأردن فهذا غير مقبول.

    • زائر 16 | 1:56 ص

      الله يرحمه والخزي والعار للقتلة التكفيريين ومن معهم من الحركات المتأسملة

    • زائر 15 | 1:54 ص

      الرسومات هي من قتلة الكاتب

    • زائر 13 | 1:41 ص

      الاجابة على سؤالك : من قتل ناهد حتر هم من اشعل الحروب في المنطقة ودمّر سوريا والعراق وباقي بلدان المنطقة بل وصل
      ارهابهم الى الدول التي زرعتهم فكريا وسلحتهم وكذلك الدول التي موّلتهم

    • داس خان | 1:12 ص

      الله يرحمه وهذا الاغتيال بمساعدة ......بواسطة داعشي

    • زائر 9 | 1:06 ص

      .

      القاتل :- بلا شك هو نتاج مدرسة سوداء تحظى بدعم دوله في المنطقه سميت مؤخرا الشجره الملعونه.

    • زائر 5 | 10:58 م

      رحمك الله ياأبا الحسن حينما قلت ( كونوا زينا لنا ولا تكونوا شينا علينا ) وهؤلاء الذين يسفكون الدماء ولا يتورعون انما يشينون من ينتمون اليهم فضلا عن مقت الناس اليهم ونبذهم والتبري منهم ومن افعالهم ولهم يوم القيامة عذاب شديد .

    • زائر 2 | 10:27 م

      قتله التكفيريون
      قتله قنوات الفتنة

    • زائر 1 | 9:34 م

      احسنت
      مقال رائع

    • زائر 7 زائر 1 | 12:30 ص

      شنو في هالمقال عشان تقول رائع؟! كلام عادي ومانستفيد منه.

    • زائر 11 زائر 7 | 1:09 ص

      اللي ما يعرف الصغر يشويه
      فهمت؟

    • زائر 18 زائر 11 | 2:01 ص

      وليش نشوي الصقر يا فهيم ؟

اقرأ ايضاً