هل الإعلانات هي التي تخلق وتؤسس المحطات الفضائية؟ أم أن المحطات الفضائية قائمة بسبب وجود الإعلانات، ولولاها لما وجدت الوسيلة المادية الكافية لبقائها، واستمراريتها على رغم ضعف برامجها وانحطاطها فهي ترتشف حتماً من اللقمه الإعلانية!
ودعوني آخذكم إلى هذا المشوار علَّنا نكتشف معاً ما لم نكن نُدركه أو نراه بالعين المُجردة، إنه من الواضح أن المحطات الفضائية باتت تملأ الكون، ومن كل لغة ولون ولإرضاء كافة الأذواق، من ترفيه ولهو إلى دين وألعاب...ألخ، وتقدم هذه المحطات موضوعاتٍ عشوائية والرخيصة الاختيارات، ودخلت بيوتنا شرعاً، فهي نادراً ما تطولها يد الرقابة ويقوم الكثير منها بنشر الرذيلة والفجور والأفكار المغلوطة وبأرخص الرخيص وباكتناز المال.
ودخل من خلالها المنجمون الدجالون، ومدعو التدين من الملالي المزيفين والمشعوذين والذين يلعبون على الوتر الحساس من الضعف الإنساني أثناء المصائب والمرض أو لفقدان عزيزٍ، وبابتزازهم ببيع الكلام للمتكدرين منها بطلب قراءة أحاديث مفتعلة وغير صحيحة وبتكرارها لمئة أو ألف، وبيع التعويذات أو أحجار خاصة (متباركه) وخيوط للأحجبة يربطونها بأيديهم كالبهلوانات لدفع البلاء وللحصول على المُراد!؟
كما دخل الساسة والمنظرون للمحطات الإخبارية للقاءاتهم وأفكارهم بالنسبة إلى الحروب التي تهدد الكون بالدمار والخراب وغيرها، وكلٌّ له اجندته الخاصة والمدفوعة الأجر، ولنشر ما يريد وللجهة التي ينتمي اليها، سواء من الغرب أو الشرق، وعلى حساب بلدانهم التي تتدمر كل يوم، وقد ينتقل من قناة إلى أخرى وتتغير تباعاً، لذلك أقواله على حسب هوى المحطة، فالولاء دائماً لمن يدفع أكثر! وغيرها من قنوات الرقص والمجون والجنس الرخيص، وتتخلل كل ذلك كثافات إعلانية وتبدو كالسم المدسوس كل خمس أو عشر دقائق من البث الحي، وغالباً ما يكون مُنتجاً كاذباً مُغلفاً بالألوان الجذابة والتعليق غير الصادق، ومنها استغلال المرأة وجسدها كعنصر للترويج مثلاً لسيارة أو أجهزة، وأن تكون غالباً بثياب ٍنصف عارية أحياناً لإغواء الشباب أو تلوين وجهها بالمكياج لخلق جمالٍ اصطناعي لإغواء المرأة لاستهلاك المكياج، كما أصبح تستخدم الأطفال والحيوانات والطبقات الفقيرة للإعلان عن مُنتج يهمهم واختراق الكثافة السكانية!
وأنه من المعروف أن هنالك أطباء نفسيين قد تخصصوا في المجال الإعلامي، ويُستعان بهم لدراسة النفسيات الاجتماعية لتوجيه الإعلانات الأنسب لكل طبقة، وشريحة للتأثير عليها لجذبها، وللمنتج المطلوب تسويقه، وذلك لخلق طبقة استهلاكية مبرمجة للشراء بعد تنويمها إعلانيّاً وكالتأثير المغناطيسي، وتغليف الإعلانات بأغلفة جذابة من الألوان والديكور والموسيقى، والخداع البصري، وقيل من قِبَل أحد أخصائي المال والأعمال إنه إذا أردت إنجاح أي مشروع أو بضاعة فما عليك إلا أن تصرف 99 في المئة من المبلغ المرصود على الدعاية والإعلان و 1 في المئة الباقي لشراء البضاعة، إنه لشيء مخيف حقّاً أن تُنجح عملك بالإعلان مهما كان رديئاً!
وبذلك يتكالب الناس على المنتج أو المشروع لثقتهم به واعتماداً لضخامة وكثافة الإعلان، وعلى مدى ذكاء الناس لفترة اكتشافهم الحقيقة، فإذا وجدوه صالحاً استمر نجاحه، وفي حال رداءته يكون قد اكتفى بأرباحه لفترة قياسية أو خروجه برأس المال!
فالإعلان هو الأخطبوط الأكبر الذي أصبح في كل جهازٍ كأمرٍ مفروضٍ علينا، ولاخيار لرفضه، وحتى «اليوتيوب» التي كانت خالية منها قبل أن تشتريها (غوغل) والتي أرغمت الجميع على وضع الاعلان بوسائلها المحتالة بسبب رفع أسعارها لوضع البرامج، وحيث إن خطورة الإعلان قد تجاوزت حدودها بمراحل!
فالسؤال الآن علَّنا نفكر بطريقة للتعايش معها وتحسين علاقاتنا بها من خلال القوانين لحمايتنا من أضرارها!؟ بأن تقوم الوزارات المعنية في العالم بوضع ضوابط وشروط ومراقبة دقيقة للإعلان، وبحجب الإعلانات المخالفة وغير الصادقة وبمنع الجُمل المُضللة كمثل أحسن سيارة أو أحسن دكتور أو أفخم مطعم أو صالون أو مدرسة أو أحسن شامبو لمنع تساقط الشعر...الخ، وباشتراط شهادات من المختبرات المتخصصة لإثبات صحة المُعلَن، وأن تقوم بعمل إعلانات معاكسة وتوعويه في المدارس والأماكن العامة تحث الجميع على التأكد من صدقية المُعلن، وتحكيم عقولهم والتأكد قبل شراء أي مُنتج بما فيه العلاجات الطبية والتعليمية وغيرها.
وإنني على دراية تامة بأن ذلك ليس بالأمر اليسير، ومشوارنا طويلٌ وألا نيأس في التحفيز لذلك، وقد نجحنا في الماضي لمنع الدعاية للسجائر، ووضع المحاذير على العلبة ومضاعفة أثمانها، علنا ننجح في كبح جماح هذه الإعلانات الرديئة والمضللة، ويا حبذا تشفير المحطات الفضائية الفاسقة والمُضللة والتي تدور في أفلاكنا، فحماية شعوبنا وتوعيتها هي الأهم على المدى الطويل.
إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"العدد 5132 - السبت 24 سبتمبر 2016م الموافق 22 ذي الحجة 1437هـ
حقيقه وتوثيق
اكيد هو ليس للعرب فقط فالعالم اصبح قريه صغيرة وهذا ينتشر كل مكان فالمال الفاسد دايماً اسرع في التاثير والتافهون اسرع انتشاراً كلام دقيق عل المسؤلون ينتبهون مشكوره دكتوره
السر وراء كثافة انتشار المحطات الفضائية الهابطة هو أصحاب العقول والأخلاق الهابطة الذين يقبلون أن توجد مثل هذه المحطات والقنوات والذين يسعون بشتى الطرق ليجعلوا من عقول وأخلاقيات المسلمين منحطة وتافهه وإبعادهم عن الدين الإسلامي وتعاليمه وخلق جيل تافه وضعيف وممسوخ.
أعتقد أن هناك توجه شبه رسمي و سياسة قائمة لدى الدول العربية و الغربية لتجهيل العقل العربي و إدخاله في متاهات منحرفة.
منذ الأزل و تعلم المتسلطون كيفية السيطرة علي البشر بواسطة إدخال مكونات الي عقولنا للسيطرة علينا و إستعبادنا. اليوم الوسيلة السهلة هي هذه المحطات. لولا إنحطاط ما أدخل في عقولنا لما كانت هناك هذه المحطات الهابطة. المشكلة الرئيسه هي عدم تمكن العقل من معرفة الفراغ في مخه أو جهله بالأمور كما يحصل في الحاسوب. لو عرف كل إنسان حدوده و إمكانياته و إعترف بجهله لكانت الإنسانية بخير. فقط راجعي تعليقات القراء علي المواضيع المختلفة و إستمتعي بتباهيهم بالعلم و المعرفة و إصدار الفتاوي و الأحكام كافة الأمور!!!
شكرا للكاتبة لكن هذا يا اختي يعتمد على المشاهد هناك قنوات باسم دول هابطة