العدد 5132 - السبت 24 سبتمبر 2016م الموافق 22 ذي الحجة 1437هـ

«الوسط» في «الرقعة»: حزام أخضر ومسجد تحت رحمة الجرّافات

منذ أيام وشهية الجرافات لا تتوقف-تصوير أحمد ال حيدر
منذ أيام وشهية الجرافات لا تتوقف-تصوير أحمد ال حيدر

إلى قرية «الرقعة» المندثرة، انتقلت «الوسط»، لتعاين مزارعَ تقع ضمن نطاق الحزام الأخضر، وآثاراً، ممثلة في مسجد وحسينية، باتت تحت رحمة الجرّافات. قرية كانت ذات يوم، عامرةً بأهلها ومزارعها ومعالمها، قبل أن يقرر قاطنوها هجرتها (قبل 60 عاماً تقريباً)، إلى داخل قرية كرانة، وفقاً لما يوثقه المواطن السبعيني سيدعيسى الرقعاوي.


«بلدي الشمالية» يغط في سباته... وحماة البيئة غائبون

«الوسط» في «الرقعة»: حُزام أخضر ومسجد تحت رحمة الجرّافات... والاستغاثات بـ «البيئة» و«الجعفرية» و«الثقافة» و«الأهالي»

الرقعة، كرانة - محمد العلوي

إلى قرية «الرقعة» المندثرة، انتقلت «الوسط»، لتعاين مزارع تقع ضمن نطاق الحزام الأخضر، وآثاراً، ممثلة في مسجد وحسينية، باتت تحت رحمة الجرافات.

قرية كانت ذات يوم، عامرةً بأهلها ومزارعها ومعالمها، قبل أن يقرر قاطنوها هجرتها (قبل 60 عاماً تقريباً)، إلى داخل قرية كرانة، وفقاً لما يوثقه المواطن السبعيني سيدعيسى الرقعاوي.

التقته «الوسط»، أمس السبت (24 سبتمبر/ أيلول 2016) للحديث عن أيامه الخوالي، فكان الحديث وكانت المطالبات «أوجه ندائي واستغاثتي من هنا، من وسط مسجد وحسينية ومزارع الرقعة، إلى الجهات الآتية: إدارة الأوقاف الجعفرية، هيئة البحرين للثقافة والآثار، جمعية كرانة الخيرية، وعموم أهالي المنطقة، داعياً إياهم للتحرك العاجل، لإنقاذ ما تبقى من خضرة وآثار وأماكن مقدسة».

ومنذ أيام، وشهية الجرافات لا تتوقف. تستمر في التهام النخيل الباسقات و»فروخ» اللوز الذي يمتاز بصنفه الفريد.

والرقعة التي تعانق خضرتها، زرقة البحر، منطقة قديمة جاء ذكرها في العديد من المصادر التاريخية، من بين ذلك ما ذكره المؤرخ الانجليزي لوريمر العام 1904، في كتابه الشهير «دليل الخليج»: «الرقعة تقع على مسافة ثلاثة أرباع الميل غرب قلعة عجاج (قلعة البحرين)، وتحوي 10 بيوت للبحارنة من الغواصين والمزارعين، وهي محاطة ببساتين النخيل وهي مع قرية الجبيلات تمتلكان 23 قارباً من نوع شوعي وسنبوك وتستخدم للغوص على اللؤلؤ، وفيها 18 حماراً و3 بقرات».

بجانب ذلك، كان لوريمر يوثق لحالة «الرقعة» زراعيّاً، بقوله إنها تحوي 8 آلاف نخلة وشجرة.

في الرقعة: معركة الهرامزة والعثمانيين

لا تتوقف أهمية قرية الرقعة عند حدود نخيلها وأشجارها. يتحدث الباحث جاسم آل عباس، ليقول «ذكرت المصادر أن قرية الرقعة كانت موقعاً لمعركة تاريخية وقعت قبل 5 قرون بين جيش الهرامزة والجيش العثماني، وقد انتصر الهرامزة على العثمانيين الأتراك، ويذكر أن قتلى الأتراك يقارب خمسمئة قتيل وكانوا حينها يطمحون إلى السيطرة على جزيرة البحرين».

وبحكم عمرها الممتد، ضمت قرية الرقعة معالم اندثر بعضها فيما لايزال بعضها الآخر يقاوم التلاشي، من بين ذلك مسجدها الذي استخدم أيضاً كحسينية كما يشير إلى ذلك الأهالي.

بشأن ذلك، يقول الباحث آل عباس: «الأثر الموجود يعود إلى مسجد، ففي السابق وقبل إنشاء المآتم، كانت المآتم تقام في المساجد، تماماً كما هو الحال مع مسجد البجوية، الذي هو مسجد ومأتم في الوقت ذاته»، مضيفاً «يحتمل وجود مسجد آخر في قرية الرقعة».

عطفاً على ذلك، كانت النداءات توجه ناحية هيئة البحرين للثقافة والآثار، داعية إياها للنظر بعين الأهمية إلى قرية الرقعة بوصفها قرية أثرية، تتعرض حاليّاً للإزالة التامة دون تنقيب.

يقول آل عباس: «المعروف أن في البحرين قرى قامت على مزارع قديمة، ومزارع قديمة قامت على قرى أقدم منها، وعليه فإن الحديث عن «الرقعة» هو حديث عن منطقة قديمة قد يخفي باطنها آثاراً، ويعزز من ذلك الحدث المهم والتاريخي الذي وقع فيها (الحرب بين الهرامزة والجيش العثماني)، وإلى جانب ذلك نحن نتحدث عن قرية زراعية قد تكون قد قامت على قرية قديمة على اعتبار أن المنطقة تعود إلى حقبة دلمون وما قبل، فهي منطقة زراعية تتوافر فيها المياه ما يرجح أن الاستيطان فيها قديم جدّاً، وعليه فإن ما يحدث للرقعة تجاوزٌ متشعب الجوانب، ما يؤكد الحاجة إلى تعاون جهات عدة في ما يخص حمايتها كثروة وطنية من أية تعديات».

علاوةً على كل ذلك، تعلقت الاستغاثات بالهيئة العامة لحماية الثروة البحرية والبيئة والحياة الفطرية، وشئون الزراعة بوزارة الأشغال وشئون البلديات والتخطيط العمراني، حيث الإشارة إلى غياب رسمي تام، للجهات المعنية بحماية الحزام الأخضر في مملكة البحرين، بما في ذلك مجلس بلدي الشمالية.

سيدعيسى الرقعاوي: أنا ابن الرقعة

سيدعيسى الرقعاوي متحدثاً إلى «الوسط»
سيدعيسى الرقعاوي متحدثاً إلى «الوسط»

هو ابن قرية الرقعة، فيها كانت نشأته حتى بلوغه سن الخامسة عشرة. حينها قرر أهل الرقعة مغادرتها للانتقال إلى داخل قرية كرانة.

يقول الرقعاوي، والقرية من خلفه، فيما منزلهم الذي كان من سعف النخيل لايزال في موقعه القريب من المسجد: «كانت قرية الرقعة مأهولة بسكانها، ولم تكن زراعية فقط، ومع شح المياه بدأ أهلها بهجرتها والانتقال إلى قرية كرانة، فيما كان آخر البيوت التي انتقلت، بيتنا، وكان ذلك العام 1946م».

أنقذوا مسجد الرقعة الأثري

كومة رمال لم تخف بعد حجارة هي كل ما تبقى من أثر لمسجد وحسينية الرقعة. عاينته «الوسط» لتقف على حجم الهجران الأهلي للمكان المقدس. حشائش نبتت في الموقع الذي بات تلة رمال مرتفعة، وأرض باتت تحوي قمامة المنطقة، دون ان يفلح كل ذلك في إخفاء وجه الموقع المقدس بالكامل.

مسجد لم يسجل رسميّاً بعد، يتحدث عنه سيدعيسى الرقعاوي بالقول: «هنا كنا نصلي ونستمع إلى أحاديث الخطباء الحسينيين. من بينهم ملا عطية الجمري، وسيد محمد صالح العدناني، وملا علي بن رضي».

وأضاف «بني المسجد/ الحسينية، والذي تبلغ مساحته 30 متراً مربعاً، من الطين والجص والحجارة، أما سقفه فمن الجندل، ومن بعده (جهة الغرب) يمتد طريق إلى البحر، والسيارات تعبر من خلاله، أما جهة الشرق، فطريق ثان يتخذه المشاية ممرّاً لهم».

وتابع «حتى قبل 20 سنة مضت، كانت معالم المسجد/ الحسينية لاتزال موجودة قبل أن يصبح كومة رمال كما هو عليه حاليّاً».

وعن بيوت قرية الرقعة التي لا يعلم سيد عيسى سبب تسميتها، قال: «كانت البيوت مشيدة من سعف النخيل (أعشاش)، عدا بيت مبارك المبني من الحجارة».

لوز وبرتقال ومانغو وچيكو

على رغم اندثارها، لايزال الأهالي يطلقون على بقعتها باسم «الرقعة»، مستذكرين ثمار مزارعها، متعددة الأصناف.

يتحدث عن ذلك، الحاج عبدالله الكراني، المزارع الذي استوقفته «الوسط»، وعرق العمل يتصبب من جبينه، ليقول: «المنطقة في السابق كانت تعيش على الزراعة والبحر، وكانت تمتلئ بالمزارع بنخيلها، واليوم لم تتبق إلا أعداد قليلة منها».

وأضاف «تمتاز مزارع الرقعة بلوزها الممتاز، الاسكندراني والأحمر، كما تمتاز بفواكه متعددة من بينها الأترج والرمان والمانغو والجيكو والتمور والبرتقال والخوخ والمشمش، فيما كانت أنهار المياه تشق تربتها وهي تستقي من عين فضل التي طمرت هي الأخرى وتقع وسط قرية كرانة».

«اليوم، باتت مزارع «الرقعة» وكرانة، تلفظ أنفاسها الأخيرة. حوائط الأسمنت تأتي تباعاً على ثروة زراعية، تكفي البحرين ومحيطها»، يقول الكراني ويتأوه.

النخيل الباسقات في قرية الرقعة المندثرة
النخيل الباسقات في قرية الرقعة المندثرة

العدد 5132 - السبت 24 سبتمبر 2016م الموافق 22 ذي الحجة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 27 | 9:24 ص

      ياوسط ياما كلمتكم وتواصلت وياكم وعجزت وأنا أشوف حرب الإبادة على مزارع كرانة وكانت الردود مثل الجرافات ،،،،آه من الحسرة والوحع الذي يعتصرني وأنا أرو مايخدث

    • زائر 26 | 3:50 ص

      انهاء ما تبقى من حزام أخضر بحجة البناء ! لا يمكن تبرير عملية تدمير الحزام الأخضر أو قطع أرزاق الأهالي والعاملين تحت أي ذريعة كانت، هناك تخبط في التعامل مع تصنيف الأراضي، هل تعود هذه المساحات الخضراء التي يحتاجها شعب البحرين؟

    • زائر 25 | 10:28 ص

      من المسؤول عن تدمير الحزام الاخضر المعروف ان فيه قانون يحمي الحزام الاخضر ليش الحكومة ما تطبق القانون و تحافظ عليه لا خضرة ظلت و لا بحر يعني بتسوون البحرين سميت في سميت و الله حرام و اللي يقول خاصة و عامة ترى المصلحة العامة اهم من الخاصة

    • زائر 17 | 2:44 ص

      لو يعطوني ملايين الدنيا ما افرط فيها فصحتك بهذا الكنز الاخضر والماء المتلئلاء عندما تتسلل اشعة الشمس بين اوراق الاشجار وتسطع علي صفحات الماء تحس بالسعاد وهي مصدر الغني من هلملايين .

    • زائر 22 زائر 17 | 4:49 ص

      ساعات يكون مجبور مو على كيفه يعني يوم اراضينا مال اسكان سلماباد اخدوهم كنا راضيين يعني خلها على الله الحجي واجد لكن الفعل صعب ياما اراضي من اجددانا اخذوها لكن ويش يسوي الواحد يقول يا مفرج الكرب

    • زائر 16 | 2:31 ص

      الى من يهمه الامر من الأهالي
      لا تبيع ارضك وتقعد تصيح
      بربوره - غرب النويدرات

    • زائر 15 | 2:28 ص

      السلام عليكم
      اذا كان هذا المكان ملك عام، يحق للعامة الاعتراض
      اما اذا كان ملكية خاصة فهذا قطع لأرزاق اصحاب الأرض وهذا غير جائز
      كفاكم تلفيق يا جريدة الوسط، كفاكم استهزاء بعقلية القارئ الذي ينتظر تلقي اخبار لا يكون الهدف منها حشو الجريدة و قطع أرزاق الخلق.

    • زائر 24 زائر 15 | 7:27 ص

      شكرًا للوسط و كاتب المقال

      الاراضي الزراعية في المنطقة الشمالية ليست فقط ملك عام للبحرين بل هل ملك التراث الإنساني ، من العراق و البحرين و بالذات المنطقة الشمالية بدء الانسان يزرع زادة بالري، و هذا الشريط الزراعي يحمل الألف السنين من جهد ذهني في هندسة الزراعية ، لايحق لجيلنا ان يمحي ويدمر ما هو حق للأجيال القادمة. ان الصحيح هو استثمار تلك الارض بما لا يضر و ضعها كرقعة خضراء مثل منتجع صحي ، او ان تقوم الحكومة باستملاكها لتصبح منتزه لأهالي القرية و عامة إهل البحرين. مجدد شكرًا للوسط و كاتب المقال.

    • زائر 14 | 2:14 ص

      اول مره نسمع عن الرقعاوي المفروض كراني

    • زائر 13 | 2:07 ص

      تخبط بكل الجوانب يا دافع البلاء عن المؤمنين .

    • زائر 11 | 1:54 ص

      خسارة ماذا تبقي ل ابو عريس من فصيلة السناجب بينقرض اذا تواصل الزحف علي الرقعة و غيرها من المزارع الحضراء

    • زائر 9 | 1:12 ص

      السلام عليكم
      اذا كان هذا المكان ملك عام، يحق للعامة الاعتراض
      اما اذا كان ملكية خاصة فهذا قطع لأرزاق اصحاب الأرض وهذا غير جائز

    • زائر 8 | 1:06 ص

      االزراعة دمرت العيون طمرت البحر دفن ماذا بقى في البحرين

    • زائر 6 | 12:56 ص

      نداء إلى سيدي ومولاي صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان لإنقاذ الثروة الزراعية في البلاد وذلك بالضرب بيد من حديد وبكل عزم وحزم وحسم

    • زائر 19 زائر 6 | 3:26 ص

      ضحكتني واجد واني كلش مابغي اضحك من الي خرب الرقعة الخضراء من الي دمر السواحل وين السواحل الي كانت تحيط فيه الاول وين ما نروح بحر احين صار مثل دول ثانية لازم تدفع فلوس عشان تشوف بحر عدل ونظيف وحليو
      اسكت بس

    • زائر 3 | 12:42 ص

      كلها جمن بيت سموها قرية مع احترامي لاهلها هو الأصح تسميتها فريق الرقعة وليس قرية الرقعة

    • زائر 12 زائر 3 | 1:55 ص

      او رجعت الخرائط القديمة سوف ان تري اسم كرانة. الخرائط كانت دائما تحمل اسم الرقعة

    • زائر 20 زائر 3 | 3:27 ص

      لا حول ولا قوة الا بالله

    • زائر 2 | 12:14 ص

      تقرير رائع وغني بالمعلومات شكرا لكم

    • زائر 1 | 10:36 م

      هذا مافعله المتنفذون فى الأرض الخضراء من أجل حفنه من المال والدوله لاتسمع ولا ترى ولاتتكلم .السؤل هو ماذا تبقى فى البحرين من ثروه طبيعيه من بعد النفظ الذي عما قريب سينفذ والبحرين تفتقد إلى أبسط مقومات الحياه لازراعه ولاماء ولا بحر هذا حال البحرين

    • زائر 4 زائر 1 | 12:43 ص

      ما تسميه حفنة من المال هو في الواقع حفنة من ملايين الدنانير...قول انت لو مكانهم هل بتخلي الملايين؟

    • زائر 18 زائر 4 | 3:24 ص

      محد جبرهم يشترون من حزام اخضر الى تدمير قيمة وطنيه لا تقدر بثمن صرعات بالمليرات لسترجع لوحات فنيه فما بالك بقرى وارث حضارية كم اثمانها يا متنفذ انت من سعيت بيدك ومالك لتدميرها فتحمل هذه الخساره

    • زائر 21 زائر 4 | 3:35 ص

      نزع الحزام الاخضر يعني دخل في امر محرم قانون ودين استعمال الواسطة لتدمير ارث وطني

اقرأ ايضاً