تتطلّب السوق العقارية المتنوعة والمتوازنة التي تخدم جميع الأطراف، وجود قطاع مقاولات متكامل وقوي قادر على الصمود أمام التحديات والعقبات المتصلة بالمشاريع القائمة كماً ونوعاً ، وذلك وفق ما نقلت صحيفة "الحياة" اليوم الإثنين (19 سبتمبر / أيلول 2016).
كما تستدعي توافر السيولة وقنوات التمويل، إضافة إلى إمكانات شركات المقاولات والتطوير العقاري. وبات واضحاً وفقاً لشركة «المزايا القابضة» في تقرير أسبوعي، أن «القدرة على قراءة مسارات السوق العقارية تبدأ من القدرة على تتبع الإنجازات والنجاح ومواقع الفشل التي سجلها قطاع المقاولات في دول المنطقة حتى الآن».
وأشار التقرير إلى أن «عوامل المنافسة تشتد كلما تراجعت وتيرة النشاط وانحسرت المشاريع، وتزداد تأثيراتها السلبية في أداء كل القطاعات». فيما «يعمل تراجع سيولة القطاع وانحسار قنوات التمويل تزامناً مع ارتفاع أخطار النشاطات العقارية وتزايد معدلات التعثر، نتيجة عوامل تتصل بشركات التطوير تارة وتتعلّق بالناتج المحلي وخطط التنمية تارة أخرى».
ويضيف «ارتفاع قيم المستحقات غير المسددة لشركات المقاولات مزيداً من التحديات والعقبات أمام قطاع المقاولات، ويعرّض مشاريع القطاعين الخاص والعام للتعثر وعدم الإنجاز». وتدفع هذه الاتجاهات إلى «خروج مزيد من الشركات من السوق».
وتطرق تقرير «المزايا» إلى قطاع المقاولات الإماراتي «الذي يُعتبر من القطاعات الناشطة على مستوى دول المنطقة، ومن أكثرها قدرة على مقاومة الضغوط المالية والاقتصادية، لتمتع السوق بمستويات ومؤشرات حقيقية من الطلب في ظروف التراجع ومرتفعة في ظروف الانتعاش». ولم يغفل «توافر مصادر طلب خارجي على المنتجات العقارية تضمن استمراره». ورأى أن قطاع المقاولات في السوق الإماراتية «بدأ يتأثر كغيره من أسواق المنطقة بتراجع مؤشرات السيولة التي تنعكس سلباً على حجم الاستثمارات العقارية خلال العامين الحالي والمقبل، بالتالي صعوبة الحصول على التمويل».
ولاحظ في المقابل أن سوق المشاريع العقارية في الإمارات «لا تزال تتصدر أسواق دول المنطقة لتستحوذ دبي على نسبة تتجاوز 44 في المئة من إجمالي عقود البناء في النصف الأول، لتصل قيمتها إلى 13.6 بليون دولار. وتحوز هذه السوق أيضاً على 58 في المئة من المشاريع الانشائية في دول الخليج في الأشهر الستة الأولى من السنة، ما يعكس حجم النشاط العقاري وحاجات القطاع الحالية والمستقبلية التي تضمن استقراره ونموه».
وأفاد التقرير بأن قطاع المقاولات على مستوى دول المنطقة «يشهد تحديات وتعقيدات من دون أن توجد عوامل دعم مباشرة من حكومات الدول، في حين تواجه شركات المقاولات الأعباء المالية والاقتصادية للدول، وتضطر إلى الخروج من السوق نتيجة تحملها هذه الأعباء والخسائر المتراكمة لعدم الحصول على المبالغ في مقابل العمل المنجز من المشاريع». ولفت إلى أن «أكثر من 60 في المئة من شركات المقاولات العربية، تواجه تحديات تتصل بالسيولة، كما أن من شأن تراجع وتيرة النشاط العمراني وحجم الإنفاق الحكومي على مشاريع البنى التحتية، أن يفاقم الأوضاع التي تواجه قطاع المقاولات». وأكد أن الأمر «يتطلب مزيداً من النقاش والتعاون والشراكات بين شركات المقاولات على مستوى المنطقة، للاستفادة من النشاط المسجل بين سوق وأخرى ومن فترة زمنية إلى أخرى، إلى جانب تحسين قدرتها على المنافسة خارجياً». وأشار إلى أن البيانات المتداولة «تظهر ارتفاع المبالغ المستحقة لقطاع المقاولات لتتجاوز 2.5 مليار دولار، ما يعكس حجم السيولة المقيدة والضغوط التي يواجهها القطاع حالياً».
وأوضح التقرير أن «أسباب تعثر شركات المقاولات المتعددة الوجه والتفاصيل، تتباين بين سوق وأخرى ومن دولة إلى أخرى، إذ يواجه قطاع المقاولات السعودي تحديات داخلية في مقدمها الضغوط التمويلية واليد العاملة والإجراءات الحكومية للحد من استقدام العمال، لإعطاء فرصة لرفع كفاءة المواطن السعودي». فيما «حملت الضغوط المالية التي نتجت من انخفاض الإنفاق على مشاريع التنمية والأولويات التي جاءت بها خطة التحول الاقتصادي 2030، ما دفع باتجاه حدوث أزمة حادة واحتمالات إعادة هيكلة شركات مقاولات كبيرة ومتوسطة وينذر بخروج عدد ملحوظ من الشركات الصغيرة».
واعتبر التقرير أن «من شأن استمرار الضغوط التأثير سلباً أيضاً في قطاعات أخرى، في مقدمها البتروكيماويات والاتصالات وشركات التأمين والقطاع الصناعي، التي تنال النصيب الأكبر من الدعم الحكومي». ولفت إلى أن عدداً كبيراً من شركات المقاولات العاملة في المملكة التي تستحوذ على نصيب جيد من السوق، تعتمد في شكل كبير على الإنفاق الحكومي». بالتالي «ستفاقم التطورات المسجلة أزمات السيولة لديها، وستضاعف عدد المشاريع المتعثرة لتتجاوز نسبة 40 في المئة من المشاريع الإجمالية المعتمدة».
وشدد تقرير «المزايا» على أن «سيتي سكيب 2016» كشف مزيداً من المؤشرات والمعطيات المحيطة بأداء قطاع المقاولات في الدول المشاركة في المعرض، وذلك على مستوى عدد المشاريع الجديدة التي طُرحت خلال أيام المعرض وشكلت المؤشر الأكثر أهمية لقراءة واقع القطاع في المنطقة والإقليم ومستقبله». ولاحظ أن مستوى المعروض من المنتجات العقارية ومؤشرات الطلب وأسعار الصفقات المنفّذة خلال أيام الحدث، «شكلت حزمة من الحلول والمعطيات التي ستعتمد عليها شركات المقاولات والتطوير العقاري في الفترة المقبلة، في إطار البحث عن الحلول الأكثر كفاءة وفاعلية، لتتجاوز تحديات السيولة والمشاريع المتعثرة والاتجاه نحو المشاريع الأكثر تخصصية، وتتضمن مستويات مرتفعة من النجاح على مستوى التنفيذ والتعاقد وفقاً للجداول الزمنية والحصول على العائدات على المنجز من الأعمال في مواعيدها». ولن يأتي ذلك «إلا من خلال التركيز أكثر على المشاريع ذات الجدوى الاقتصادية».