أكد ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة أن العزم الراسخ في سير مملكة البحرين نحو الوجهة التي حددتها بوصلة الرؤية الاقتصادية 2030 يجعل من التحديات والمتغيرات فرصاً ملهمة يتم من خلالها تدعيم الإنجازات والمكتسبات المتحققة منذ تدشين عاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة الملك الوالد حمد بن عيسى آل خليفة للرؤية في 2008 بتضافر الجهود وتكاملها واعتماداً على مبادئ الرؤية الثلاث - الاستدامة والتنافسية والعدالة - كمرتكزات أساسية لأهداف وأدوات التنمية في المرحلة القادمة.
وقال سموه إن «صواب المسار الذي انتهجته مملكة البحرين منذ سنوات بتوجيهات جلالة الملك بجعل المواطن محور التنمية وهدفها الأساسي وحققت عبره الإنجازات التنموية الشاملة في إطار الرؤية الاقتصادية 2030 التي دشنها جلالته، يتأكد من خلال ما تم مؤخراً من تدشين لرؤى تنموية من قبل الأشقاء في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية».
وخلال العرض الذي قدمه سموه للحديث عن أهم أولويات المرحلة القادمة من العمل الحكومي في الملتقى الحكومي 2016 الذي انعقد أمس (الأحد) في مركز عيسى الثقافي برعاية رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، أعرب سموه عن التقدير والشكر لصاحب السمو الملكي رئيس مجلس الوزراء على رعايته للملتقى مما يعد تواصلاً للدور القيادي الذي يقوده سموه في إدارة العمل الحكومي باقتدار وحكمة تجسدت في جملة الإنجازات والمكتسبات التي تحققت ويتواصل تحقيقها.
وأكد سموه التمسك بمبادئ الرؤية الثلاث وهي الاستدامة والتنافسية والعدالة في الانطلاق نحو مرحلة جديدة من العمل الحكومي بصورة تلبي متطلبات المرحلة الحالية وتستوعب متغيرات المستقبل.
وحدد سموه الأهداف المتمثلة في إعادة رسم دور القطاع العام من المحرك الرئيسي للاقتصاد إلى المنظم والشريك للقطاع الخاص، ودعم الإبداع والتفوق لتحفيز التنافسية، والاستثمار في المواطن لرفع مستواه المعيشي. كما أشار سموه إلى أن تنفيذ هذه الأهداف سيتم من خلال تفعيل الأدوات والتي تتمثل في تحسين جودة الخدمات الحكومية، وتطوير الأطر التشريعية والتنظيمية، وتسهيل الإجراءات الحكومية كافة، إلى جانب مواصلة توفير بنية تحتية عالية الجودة.
وألقى صاحب السمو الملكي ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء الضوء على جملة من الإنجازات التي تحققت منذ العام 2008، معتبراً أنها مصدر للفخر وتشكل دافعاً أقوى يحفز نحو مواصلة تحقيق الإنجازات لصالح الوطن والمواطنين في المرحلة المقبلة، الأمر الذي يثبت مدى مقدرة البحرين على التعاطي مع تلك التحديات بحبٍ للتحدي وعشقٍ للإنجاز لتحقيق ما يطمح إليه الوطن والمواطن. مؤكداً سموه أهمية العمل على تنفيذ مبادرات الرؤية الاقتصادية بوتيرة تواكب متطلبات المرحلة المقبلة وبالجودة التي تتطلبها كل مرحلة من مراحل تنفيذها بما ينعكس أثرها على مزيد من التطور والازدهار للوطن والمواطن.
وتتوزع الإنجازات المتحققة في مسارات الرؤية الثلاث متمثلة في المسار الاقتصادي ومسار الحكومة ومسار المجتمع، ففي المسار الاقتصادي، قال سموه إنه قد «نجحنا في زيادة التنويع الاقتصادي، حيث بلغت مساهمات القطاعات غير النفطية 80 في المئة من الناتج المحلي، واستمر الناتج المحلي بالنمو الإيجابي منذ 2008 بنسبة إجمالية بلغت 28 في المئة، كما استطعنا زيادة استقطاب الاستثمارات الأجنبية بثلاثة أضعاف في الفترة من 2009 إلى 2014، وارتفع دخل الأسرة البحرينية بنسبة 47 في المئة منذ العام 2008».
وعلى صعيد إنجازات المسار الحكومي، فأشار سموه إلى أن المملكة استطاعت أن تنشئ وتفعّل عدداً من الأجهزة التنظيمية والرقابية التي تساهم حالياً في رفع مستوى الأداء الحكومي وتحسين الخدمات لصالح المواطنين في عدة قطاعات. كما واصلت في تطوير خدمات الحكومة الإلكترونية وفق أفضل الممارسات العالمية لتكون في المركز الأول عربياً لعدة سنوات وفق تقارير الأمم المتحدة، حيث توفر الحكومة اليوم أكثر من 350 خدمة إلكترونية للمواطنين والمقيمين والزوار. ولفت سموه إلى أنه ومن خلال تحرير قطاع الاتصالات وزيادة التنافسية فيه فقد تم تحسين الخدمات للعملاء وتقديم أفضل الأسعار للمواطنين، وخلق فرص العمل النوعية، حيث بلغت نسبة البحرنة في قطاع الاتصالات 67 في المئة ليكون الأول من حيث نسبة البحرنة في القطاع الخاص.
وبالنسبة للإنجازات على مسار المجتمع والخدمات المقدمة للمواطنين فقد قال سموه: «لقد بدأنا في إنشاء 5 مدن إسكانية جديدة تنفيذاً للتوجيهات الملكية السامية بإنشاء 40.000 وحدة سكنية للمواطنين، وأن حجم هذا العمل الذي تقوم به الحكومة اليوم يفوق إجمالي عدد الوحدات التي أنشئت منذ البدء في توفير الخدمات الإسكانية في المملكة». وأشار سموه إلى أنه تم خلال الفترة الماضية تفعيل دور الهيئة الوطنية للمؤهلات وضمان جودة التعليم والتدريب للتأكد من استقلالية التقييم ووضع أدوات فاعلة للقياس التي تساهم في تحديد احتياجات التطوير ورفع الجودة. ونوه سموه إلى أنه وبالنسبة لقطاع الشباب والرياضة ومن أجل استثمار الطاقات الشبابية لنهضة المجتمع، فقد تم العمل على زيادة المنشآت لإقامة البرامج بكل مناطق البحرين لتصل إلى 125 منشأة رياضية وشبابية، وأنه وخلال الفترة نفسها، تم تحقيق إنجازات غير مسبوقة بالمحافل الأولمبية والدولية. وبسبب نجاح المملكة في تنظيم سباقات الفورمولا واحد على مدى 11 عاماً تمت الاستعانة بالخبرات البحرينية لتنظيم هذه السباقات لدى الدول الأخرى.
وخلال العرض الذي قدمه صاحب السمو الملكي ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، حدد سموه أهم أهداف المرحلة المقبلة من العمل والأدوات التي يمكن من خلالها تنفيذ الأهداف. حيث أكد سموه أن أهم الأولويات التي سيتم التركيز على تحقيقها في المرحلة القادمة تتمثل في تعزيز الجهود لإعادة رسم دور القطاع العام من المحرك الرئيسي للاقتصاد إلى المنظم والشريك للقطاع الخاص بالنمو، مع التركيز على قطاعات السياحة، والخدمات اللوجستية والصناعات التحويلية، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والخدمات المالية. إلى جانب دعم الإبداع والتفوق من خلال برامج ومبادرات تعزز التطور. والاستثمار في المواطن عبر التعليم والتدريب وتوفير الفرص لتمكينه من بلوغ الارتقاء الحقيقي لمستواه المعيشي.
وأشار سموه إلى أن تحقيق الأهداف السابق ذكرها سيتم من خلال أدوات محددة تمتلكها الحكومة تتبلور في 4 أدوات رئيسية هي تحسين جودة الخدمات الحكومية المقدمة للمواطنين من تعليم وصحة وإسكان، وتطوير الأطر التشريعية والتنظيمية، وتسهيل كل الإجراءات الحكومية، إلى جانب العمل على مواصلة توفير بنية تحتية عالية الجودة تواكب متطلبات المستقبل.
وأوضح سموه أن كيفية تنفيذ كل أداة من الأدوات الرئيسية الأربعة يتم من خلال نقاط محددة، حيث أشار سموه إلى أن تنفيذ تحسين جودة الخدمات الحكومية المقدمة للمواطنين من تعليم وصحة وإسكان يتأتى من خلال العمل على تفعيل أدوات قياس الجودة والرضا عن الخدمات المقدمة، وتقديم كل الخدمات الحكومية من خلال قنوات إلكترونية، وتوحيد مراكز الخدمة وتمديد ساعات عملها، والاستغلال الأمثل للموارد في تقديم الخدمات الحكومية لرفع جودتها وضمان استدامتها. أما تطوير الأطر التشريعية والتنظيمية فقد نوه سموه إلى أنه خلال الثلاثة الأعوام الماضية تم إقرار 32 تشريعاً لدعم النمو الاقتصادي وخلق الفرص، وأنه خلال المرحلة القادمة يجب علينا الاستمرار في تطوير الأطر التشريعية، وتفعيل تلك التشريعات وفق أهدافها ووضع القرارات التنفيذية لها، وتيسير الإجراءات لتحقيقها على أرض الواقع. كما أنه من المهم إصدار تشريعات شاملة للحفاظ على المكتسبات والاستمرار في جذب الاستثمارات وخلق الفرص النوعية للمواطن، إلى جانب تعزيز دور الجهات الرقابية لضمان العدالة والشفافية في تنفيذ كل البرامج والمبادرات الحكومية. في حين أن العمل على تنفيذ تسهيل كل الإجراءات الحكومية يمكن أن تتم من خلال الاستمرار في مراجعة وإعادة هندسة وتسهيل الإجراءات الحكومية، واستحداث الخدمة السريعة للإجراءات والخدمات الحكومية لمن يرغب في الحصول عليها بمقابل رسم، وتعزيز ثقافة خدمة العملاء لدى جميع الجهات الحكومية، مشيراً سموه إلى أنه يجب على الجميع تبني مبدأ الحصول على رضا المتعاملين عن الإجراءات الحكومية. مؤكداَ سموه أن مواصلة توفير بنية تحتية عالية الجودة تواكب متطلبات المستقبل تتطلب توظيف المشاريع الاستثمارية الكبرى لتعزيز البنى التحتية ومنها 7.5 مليارات للبنية التحتية الاجتماعية من خلال برنامج التنمية الخليجي و 10 مليارات للبنية التحتية الصناعية (بابكو وألبا) و15 ملياراً مشاريع استثمارية للقطاع الخاص مع الالتزام بالتخطيط العمراني الاستراتيجي (تفعيل الأدوات وتعزيز الحوكمة) إلى جانب تطوير البنى التحتية للقطاعات الصناعية ذات الأولوية وتطوير مناطق صناعية جديدة وتنمية القطاع اللوجستي من خلال توسعة المطار، وإنشاء جسر الملك حمد، ومشروع سكة الحديد، وإنشاء المطار الجديد.
وأكد سموه كذلك ضرورة الالتزام بمنهجية التخطيط العمراني الاستراتيجي وتفعيل أدواته حتى تواكب متطلبات التنمية في الحاضر والمستقبل.
العدد 5126 - الأحد 18 سبتمبر 2016م الموافق 16 ذي الحجة 1437هـ