العدد 5123 - الخميس 15 سبتمبر 2016م الموافق 13 ذي الحجة 1437هـ

الإعلام ... بين فرحة العيد ومآسي الأمة العربية الإسلامية!

سلمان سالم comments [at] alwasatnews.com

نائب برلماني سابق عن كتلة الوفاق

لا أحد في عالمنا العربي ينكر أن أمتنا العربية تعيش في ظروف استثنائية خانقة، في مختلف الجوانب الاقتصادية والسياسية والأمنية والإنسانية، بسبب تمدد الإرهاب في مساحات واسعة من الوطن العربي. فنشرات الأخبار على محطات الإذاعة والتلفزيون، تكشف عن حجم المآسي التي يعانيها الإنسان العربي في مناطق مختلفة من الإرهاب الحاقد، ولكن مع شديد الأسف بعد نشرات الأخبار لا نجد إلا البرامج التي لا تتناغم ولو بنسبة ضئيلة مع ما يعيشه قسم كبير من الشعوب العربية. من يشاهد الكثير من المحطات الفضائية العربية الرسمية والخاصة في يوم عيد الأضحى المبارك والأيام الذي تليه، وهي تنقل مباشرة البرامج الترفيهية والحفلات الغنائية وتعرض الأفلام والمسلسلات والمسرحيات الفكاهية غير الهادفة، يشعر أن تلك المحطات كأنها تعيش في كوكب آخر، وليس لها علاقة من قريب ولا من بعيد بالأحداث المؤلمة في وطننا العربي، وكأن الذين يقتلون ويشردون ويعتدى عليهم من قبل الإرهاب البغيض ليسوا بشراً أولاً، وليسوا من بني جلدتهم ثانياً .

حالة لا مبالاة بكل الآلام والمآسي التي تصيب أمتنا العربية، التي تعيشها الكثير المحطات الفضائية العربية في برامجها، تثير الدهشة والاستغراب. هذه الحالة الغريبة أعطت لبعض المحطات الفضائية الناطقة بالعربية الخاصة الفرصة الكاملة لإثارة النعرات الطائفية بين العرب والمسلمين، وخلق الفتن المذهبية التي لا يستفيد من ورائها إلا أعداء الأمتين العربية والإسلامية. لا نقصد هنا أن لا يظهر المسلم فرحه وسروره وبهجته في يوم العيد، بحجة أن بعض الشعوب العربية والإسلامية تعيش في أحوال مأساوية ، لا تعارض أبدا بين أن يفرح الإنسان المسلم ويبتهج بقدوم العيد وإظهار الحزن والأسى على ما تعانيه أمتنا العربية والإسلامية، إذا كان الفرح والسرور بالعيد يتجلى بكل وضوح في أداء صلاة العيد وصلة الأرحام وزيارة الأهل والأنساب، وتبادل الأحاديث بينهم ذات العلاقة المباشرة بأحوالهم وأحوال أمتهم العربية والإسلامية، وأما الفرح والسرور المبتذل الذي تحاول بعض وسائل الإعلام العربية من خلاله تجيير الشعوب إلى اللعب واللهو والسهرات الغنائية ومشاهدة الأفلام الهابطة والإجرامية، يتعارض تماماً مع الروح الإنسانية التي يتمتع بها إسلامنا العظيم خصوصاً في مثل هذه الحالات المأساوية التي تعيشها الأمة.

الفرح الأول مندوب وفيه أجر كبير لمن يظهره، ولا يستثنى منه أحد من المسلمين، حتى الذين يعيشون في عمق المأساة والمعاناة، وأما الفرح الثاني الذي ليس له علاقة بمعاناة الأمة ومآسيها، فهو مستهجن وغير مقبول أخلاقياً وإنسانياً، فليس الهدف من وراء إظهار الفرح والسرور بالعيد، هو إبعاد الشعوب عن مآسيها وتجريدها من وجدانها الإنساني، إنما الهدف منه جعل أبناء الأمة قاطبة، يرتقون بشعورهم الإنساني والوجداني تجاه أمتهم العربية والإسلامية .

لماذا لم يجعل الإعلام العربي والإسلامي، الذي يمتلك مئات المحطات الفضائية والإذاعية، وآلاف الصحف والمجلات والوسائل الإعلامية الأخرى، من أيام العيد فرصةً للتقريب بين مختلف فئات المجتمع، والتقليل من حالات التوجس والتحسس والتشنج التي تعاني منها الكثير من مجتمعاتنا العربية والإسلامية.

لا ريب أن المساهمة في وضع خطة إعلامية استراتيجية يكون هدفها تحقيق التلاحم الإنساني والوجداني بين شعوب الأمة، والإبتعاد عن كل ما يفرّق صفوفها، يكون من أفضل الأعمال في وقتنا الحاضر. ونحن لا نطلب أمراً يصعب تحقيقه، فبالإرادة والعزم يمكن الوصول إليه. نسأل الله أن لا يأتي العيد القادم إلا وأمتنا العربية والإسلامية في حال أحسن من هذا الحال .

إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"

العدد 5123 - الخميس 15 سبتمبر 2016م الموافق 13 ذي الحجة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً