العدد 5121 - الثلثاء 13 سبتمبر 2016م الموافق 11 ذي الحجة 1437هـ

بالفيديو ... «كاتب العدل» طاهر العريض... ذاكرة عقود أربعة بين المحاكم والتوثيق

لا أنسى يوم الاستقلال... وفي المنامة تعايشنا مسلمين وهندوساً

العريض وُلد في فريق الحطب العام 1940 ومع حلول العام 1957 التحق بالعمل في المحاكم الشرعية لينتقل بحكم ما تراكمت لديه من خبرة إلى مكتب التوثيق
العريض وُلد في فريق الحطب العام 1940 ومع حلول العام 1957 التحق بالعمل في المحاكم الشرعية لينتقل بحكم ما تراكمت لديه من خبرة إلى مكتب التوثيق

42 عاماً قضاها كاتب العدل طاهر العريض، بين المحاكم الشرعية ومكتب التوثيق، شاهداً على مراحل وأحداث وشخوص تعاقبت على حقبة التأسيس للعمل الإداري.

وُلد في فريق الحطب العام 1940، ومع حلول العام 1957 التحق بالعمل في المحاكم الشرعية لينتقل بحكم ما تراكمت لديه من خبرة إلى مكتب التوثيق، وليختتم مسيرته المهنية بالتقاعد في العام 1999.

التقته «الوسط» في منزله بمنطقة اسكان سلماباد، لتفسح المجال لذاكرة متخمة بالأحداث، لتسرد وتوثق «أياماً لا تُنسى»، بما في ذلك مشاركة العريض في العمل ضمن لجان الاستفتاء الشعبي على استقلال البحرين العام 1970.

الشوق للمنامة

يبدأ العريض حديثه، مستعيداً ذكريات المنامة والطفولة، بالقول: «شيد بيتنا القديم في فريق الحطب، قبل 220 سنة، ولم يمهلني القدر أكثر من 3 سنوات للعيش مع الوالد (علي محمد حسين العريض) والوالدة، حيث توفيا وأنا في عمر الطفولة فعشت يتيماً وبسبب ذلك لم تكن حياتي ميسرة، إذ يظل اليتيم مفتقداً لمن يهتم به ويوجهه، ولا تعويض في نهاية الأمر لغياب الأب والأم»، وأضاف «عشت لفترة مع عمي منصور العريض، قبل أن نعود إلى بيت جدي وهناك عشنا مع محسن العريض».

وتابع «في بيت جدي حظيت، وعمري 5 سنوات، بتعلم القرآن الكريم على يد «معلمة»، لأوفق لختم جزء عم بعد عامين، وهو ما مكنني من إجادة القراءة حتى قبل دخول المدرسة».

وأردف «تركت طفولتي المضطربة تأثيراتها على الدراسة، فلم تكن مستقرة، وحين دخلت المدرسة الغربية العام 1946 كان ابن العم سالم العريض مديراً للمدرسة. بقيت فيها حتى الصف السادس لألتحق بعد ذلك بمدرسة الصناعة (تقع في الجهة المقابلة للمدرسة الغربية)، دون أن أوفق في اتمام الدراسة».

وعن المنامة التي «تغيرت كثيراً»، نوه العريض الى خلو المنامة من أهلها، معدداً بعضاً من بيوتاتها التي انتقلت إلى مناطق أخرى، «بيت الزين، بيت بشمي، بيت القصاب، بيت حسن القصيبي، بيت محمد المطوع»، واستدرك «قد يكون الانتقال قدراً، لكن من المهم الحفاظ على الهوية والترابط، ولولا المآتم لاندثرت الذكرى بالكامل».

وبحنين للمنامة، تحدث العريض الذي أذهب القدر بصره «شوقي للمنامة لا ينتهي، هناك كانت العوائل ومن جميع الأديان والمذاهب مختلطة، فلم يكن هنالك فرق بيننا وبين بيت قراطة مثلا، كانت ولاتزال الزيارات متبادلة، كذلك كان الحال مع فريق الفاضل وبيت المؤيد، كنا لا نشعر بالاختلاف المذهبي والأمور كانت على عفويتها، وحتى مع الهندوس، عشنا معهم على رغم اختلاف الأديان».

أولى خطوات المهنة

في العام 1957، كان طاهر العريض يضع أولى خطواته على سلم مشواره المهني، حيث يقول: «عملت وقتها في المطبعة الشرقية كأول مهنة لي، وحظيت بتدريب من قبل صاحب المطبعة عيسى الزيرة على الطباعة وصفّ الحروف. كان الراتب متواضعاً لا يتجاوز 30 ديناراً، حتى اقترح علي أحد المعارف بالعمل في ادارة المحاكم قبل ان تتحول إلى وزارة، وبالفعل تم قبولي فأدخلت للمحاكم الشرعية في 1958، لأعاصر منذ تلك الفترة، 3 من كبار قضاة المحكمة الشرعية، وهم الشيخ باقر العصفور، والشيخ منصور الستري، والشيخ أحمد العصفور (رحمهم الله)».

وأضاف «بدأنا العمل بالفرائض الشرعية والوصايا وعقود الزواج والطلاق ونقل الأحكام، وكل ذلك كان يحفظ في سجلات، فاكتسبت نتيجة لذلك معرفة كبيرة تعززت بعشقي للقراءة، (في المدرسة، كنا نتدرب على القراءة والمباريات الشعرية)».

وصولاً للعام 1970، كانت إدارات الدولة مع عهد جديد من التنظيم الإداري. يعلق العريض ويضيف «بقيت في المحاكم الشرعية حتى ذلك الوقت، ليتم العمل على إنشاء مكتب التوثيق برئاسة المحامي راشد عبدالرحمن، حيث تم تعييني موثقاً الى جانب آخرين، بينهم عبدالعزيز المحميد ومحمد الغرير وبعض الكتاب الذين يطبعون على الآلة».

يستعيد العريض تلك الفترة «كانت بداية العمل بسيطة، ما لبثت أن تطورت شيئا فشيئا في ظل اقبال الناس على توثيق العقود، وخلال تلك السنوات كنا نعمل على توثيق العقود ونقوم بعدة اجراءات من بينها طلب اصحاب الشأن للحضور أمامنا، أما الوكالات فكنا بين خيارين، اما ان نطبعها عندنا في ظل وجود النصوص لدينا، أو ان يؤتى بها جاهزة بعد الاستعانة بالمحامين».

في الاطار ذاته، استحضرت ذاكرة العريض كلاًّ من إبراهيم الصيرفي وملا أحمد البصري. شخصيتان يتحدث عنهما بالقول: «في فترة عملنا في المحاكم الشرعية كانا يقومان بمهمة كتابة الوصايا، حيث امتاز البصري بخطه الجميل وبسبب ذلك ولحسن إنشائه تم توظيفه في السجل العقاري»، مضيفا «حين تراجع النصوص التي كتبها سيبدو لك أنه كعالم دين لا شخص عادي».

يوم لا يسقط من الذاكرة

مع استقلال البحرين رسميا في العام 1971، كان التطور يمتد ليشمل جميع ادارات الدولة.

في تلك الفترة، «كان البحرينيون يعيشون أياماً لا تنسى»، يقول العريض وهو يصف الأجواء لحظة الاستفتاء الشعبي على استقلال البحرين.

ويقول: «كنت من العاملين ضمن لجان الاستفتاء التي عينت في جميع أنحاء البحرين، وكان يرأس لجنتنا المرحوم الشيخ عيسى بن محمد آل خليفة»، مضيفا «بعد الاستقلال شهدت الادارات حالة تطور وبدأ كل شيء يتغير، بما في ذلك مكتب التوثيق».

وعند محطة الاستقلال، توقف العريض للقول: «حين علم الناس بخيار الاستقلال وعدم التبعية، تحمسوا لذلك وقبلوا، فدبَّ النشاط في البلد في يوم لا يسقط من الذاكرة، يوم شعر فيه الناس بالحرية»، وأردف «كان عملنا داخل مقرات اللجان، وبالنسبة إلى لجنتنا فقد كان مقرها المنامة في مدرسة القضيبية، وبعد اتمام عملية فرز الأصوات تبين للجميع أن الناس مع الاستقلال».

بعد الاستقلال: كل شيء يتغير

تطور العمل بعد الاستقلال وازداد الاقبال على التوثيق، فتمت زيادة اعداد الموظفين (الموثقين). يقول العريض موضحاً طبيعة عمله: «في التوثيق، كنت أتولى مهمة إعداد النص للراغب في التوكيل، الى جانب التثبت من شخصيته بالاستعانة بالبطاقة والجواز، والاستفسار عما يريده»، وتابع «في بعض الأوقات، كانت النصوص جاهزة حيث يعمل المحامون على طباعة هذه المحررات ليأتي أصحاب الشأن للتوقيع أمامي».

مع مرور السنوات تراكمت الخبرة لدى كاتب العدل طاهر العريض، وهو ما يوضحه بالقول: «تراكمت لدي الخبرة نتيجة عملي في المحكمة الشرعية، حيث كانت الوكالات تتم هناك قبل إنشاء مكتب التوثيق، أما العمل فلم يخل من صعوبة واستهلاك للوقت، وذلك بسبب الحاجة إلى ايجاز النص الصحيح وتفادي اية ثغرة في العقد لضمان عدم الطعن فيه».

التقاعد: محطة الختام

وبحلول العام 1999، اختار العريض مغادرة عمله ليتقاعد بعد مشوار تعاقب عليه عدد من الوزراء والمسئولين والعلماء.

بشأن ذلك، يقول: «عاصرت عددا من كبار العلماء ممن استفدت كثيرا من مجالستهم، كما هو الحال مع الشيخ منصور الستري، والشيخ باقر العصفور الذي كان يصدر كتيبات في الفقه كنت أتولى كتابتها لتطبع في المطبعة بعد ذلك. استفدت من ذلك كثيراً، كما استفدت من هؤلاء العلماء بطريق مباشر وغير مباشر (عن طريق المستندات التي كانت تأتينا)»، مضيفاً «لعل اختياري لمكتب التوثيق، جاء بفضل خلفيتي التي أمتلكها عن الوكالات والفرائض الشرعية».

أما عن الشخصيات، فيقول: «عديدة هي الشخصيات التي استفدت منها كثيراً، فعمي منصور العريض كان ملتقى للتجار وفي هذا الوسط كانت الطرق الخاصة للمحاسبة، أما الملا أحمد البصري الذي يعتبر أفضل من يكتب الفراض الشرعية، فقد استفدت كثيرا من توجيهاته في عملي».

 

 

طاهر العريض أثناء حديثه إلى «الوسط» - تصوير : محمد المخرق
طاهر العريض أثناء حديثه إلى «الوسط» - تصوير : محمد المخرق

العدد 5121 - الثلثاء 13 سبتمبر 2016م الموافق 11 ذي الحجة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 6:24 ص

      رجل خلوق،طيب،متواضع،محبوب من قبل الجميع،اطال الله في عمره بالصحة و العافية.
      السيد خليل ابراهيم

    • زائر 3 | 12:43 م

      الله يطول عمرك ابو حامد ويعطيك الصحة والعافية ، فعلا رجل مثقف وخلوق وطيب وهادىء الله يحفظك إن شاء الله

    • زائر 2 | 5:26 ص

      الله يعطيك الصحة والعافية وطولة العمر محطة جميلة من عمر الانسان الدع يكافح من اجل قوته بشرف ليخدم به اعيالة واهل ديرته

    • زائر 1 | 5:24 ص

      الله يحفه ويطول في عمره

اقرأ ايضاً