تبدو هدنة «الفرصة الأخيرة» لإخراج سورية من الأزمة صامدة أمس الثلثاء (13 سبتمبر/ أيلول 2016)، لكن غياب المساعدات الإنسانية يثير خيبة أمل لدى السكان في المناطق المحاصرة.
وتوقفت المعارك مع الإعلان عن تجاوز عدد القتلى 300 ألف بينهم 87 ألفاً من المدنيين في الحرب التي بدأت منتصف مارس/ آذار 2011 وفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان.
وأعلنت روسيا أمس أن قوات النظام السوري تحترم الهدنة لكنها اتهمت مسلحي المعارضة بانتهاكها 23 مرة.
من جهته، أشار التلفزيون الرسمي السوري إلى انتهاكات طفيفة لوقف إطلاق النار لم تسفر عن سقوط إصابات.
وأعلن متحدث باسم الأمم المتحدة عدم البدء بعمليات إنسانية لأن المنظمة الدولية تطلب ضمانات أمنية لقوافلها.
وبهدف إيصال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة في حلب حيث ينتظر السكان المواد الغذائية بشكل يائس، أقام جنود روس نقطة مراقبة على طريق الكاستيلو محور الطرق الأساسي لنقل المساعدات من تركيا إلى أحياء المدينة الشرقية التي تسيطر عليها الفصائل المقاتلة.
«تمكنا من النوم»
وينص الاتفاق الروسي الأميركي على السماح بممر إنساني عبر طريق الكاستيلو الذي يجب أن يكون «خالياً من السلاح». لكن مصدراً عسكرياً أكد أن الجيش السوري كان لا يزال في المكان عصر أمس (الثلثاء).
غير أن دمشق أكدت رفضها إدخال مساعدات إنسانية إلى حلب ولا سيما من تركيا من دون التنسيق مع حكومتها ومع الأمم المتحدة.
وكان وزير الخارجية الأميركي جون كيري قال مساء الاثنين «أحض جميع الأطراف على دعم (الاتفاق) لأنه قد يكون الفرصة الأخيرة المتوافرة لإنقاذ سورية موحدة».
وسكتت المدافع مع بدء سريان اتفاق الهدنة في حلب التي تعد ساحة رئيسية للمعارك في البلاد، وأكد مراسلو وكالة «فرانس برس» في الشرق حيث تسيطر الفصائل المقاتلة والغرب الخاضع لسيطرة النظام أن الليل كان هادئاً.
وانتهز السكان فرصة الهدوء وتوقف القتال للخروج إلى الشوارع والاحتفال بأول أيام عيد الأضحى حتى منتصف الليل.
وقال أحد سكان حي الكلاسة الخاصع لسيطرة الفصائل المقاتلة في حلب واسمه محمد «سمعنا على التلفزيون أنه سيكون هناك تسليم للمساعدات. لكن بعد 20 ساعة على سريان الهدنة، لم نتلق شيئاً».
وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن جبهات القتال الرئيسية في حلب ودمشق وإدلب «كانت هادئة تماماً».
وعم الارتياح عدداً من المدن والبلدات وخصوصاً تلك التي تسيطر عليها الفصائل المسلحة.
وفي مدينة تلبيسة (ريف حمص) التي تسيطر عليها الفصائل المقاتلة وتعرضت في الفترة التي سبقت الهدنة لقصف عنيف، أكد الناشط حسان ابو نوح أن القصف توقف. وقال لـ «فرانس برس» «في العادة نسهر طوال الليل مع الطائرات، لكننا نمنا هذه الليلة».
وأكد ناشط آخر من ريف إدلب (شمال غرب)، حيث أسفرت الغارات عن مقتل 13 شخصاً الاثنين، أن الليلة كانت هادئة أيضاً.
ولم تعلن الفصائل المقاتلة التي تكبدت خسائر ميدانية خلال الفترة الأخيرة، موقفاً حاسماً من الهدنة. وطلبت الهيئة العليا للمفاوضات التي تضم ممثلين لأطياف واسعة من المعارضة السياسية والمسلحة «ضمانات» من حليفها الأميركي بشأن تطبيق الاتفاق، مبدية «تحفظها» حيال «الاتفاق المجحف».
تعاون غير مسبوق
وسيؤدي الاتفاق في حال استمرار تطبيقه إلى تعاون غير مسبوق بين روسيا والولايات المتحدة لمواجهة التنظيمين المتطرفين.
لكن مسئولاً في وزارة الدفاع الأميركية صرح أنه حتى إذا صمدت الهدنة لسبعة أيام فإن ذلك لا يعني بدء التعاون بشكل تلقائي. وقال إن «المهل قصيرة لكن الريبة كبيرة».
وتسعى راعيتا الاتفاق موسكو حليفة النظام وواشنطن التي تدعم الفصائل المقاتلة عبر تطبيق الاتفاق إلى التشجيع على استئناف المحادثات بين النظام والمعارضة.
لكن المهمة تبدو صعبة لأن النزاع معقد ومتشعب الأطراف.
من جانبها، رحبت المملكة العربية السعودية أمس (الثلثاء) بوقف إطلاق النار في سورية وقالت إنها تأمل أن يؤدي الاتفاق إلى استئناف محادثات السلام على أساس إعلان جنيف 1.
وتدعم السعودية مقاتلين بالمعارضة السورية يقاتلون للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد.
وذكرت وكالة الأنباء السعودية نقلاً عن مصدر مسئول بوزارة الخارجية أن المملكة «تتابع باهتمام بدء سريان الهدنة المؤقتة في سورية».
وأضافت قائلة إن السعودية «تعبر في الوقت ذاته عن ترحيبها باتفاق الهدنة والذي من شأنه أن يساهم في تخفيف المعاناة الإنسانية للشعب السوري الشقيق».
ونقلت الوكالة عن المصدر قوله أيضاً «المملكة تؤكد على أهمية التزام نظام بشار الأسد وحلفائه بهذا الاتفاق وأن يؤدي إلى استئناف العملية السياسية في سورية وفق إعلان جنيف 1 وقرار مجلس الأمن 2254 المفضي إلى الانتقال السلمي للسلطة».
العدد 5121 - الثلثاء 13 سبتمبر 2016م الموافق 11 ذي الحجة 1437هـ