في بلدنا البحرين ومنذ زمن بعيد، لم تتجمل خارطتها البشرية إلا بألوانها المذهبية والعرقية الزاهية وتنوعاتها الثقافية والفكرية المستنيرة، وأخلاقياتها الوطنية الراقية، فلم يكن أحد في مجتمعنا ينظر إلى أي لون بحساسية ولو بنسبة متدنية، فكل الألوان بمختلف مشاربها الاعتقادية والسياسية والاجتماعية تعيش وتتعايش على أرض الوطن وتحت رايته، بإيجابية لا حدود لها، ويسود بينهم الأمن والآمان في حياتهم ومعايشهم والود والوئام في علاقتهم الإنسانية والاجتماعية، فلم نسمع عن أي لون من ألوانها اللامعة والمشعة بالعطاء قد تطاول على لون آخر، لا بالقول ولا بالفعل ولا بالهمس أو باللمز، كانت كل ألوانها تتعامل مع بعضها بعضاً بالمشتركات الاعتقادية وفروعها العبادية وأخلاقياتها وأدبياتها الإنسانية، بسجايا طاهرة وعفوية طيبة، لا يداخلها الشك والرياء والنفاق وسوء الظن في كل تعاملاتها الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية، ولم يتدخل لون في شئون وخصوصيات لون آخر.
فالنميمة والوشاية والسب والشتم والاستخفاف والاستهزاء والسخرية بعناصر الألوان الرئيسية أو بأي من تركيباتها الأساسية، كانت جميعها مستقبحة لدى كل الألوان المجتمعية، والأصل في علاقتها الراسخة، وحدة الدين والوطن والمصير، ووحدة التوجه في عبادتها، ووحدة القدوة النبوية، ووحدة الكتاب المنزل، ووحدة الهدف، فبهذه المشتركات الواسعة في الدين والوطن واللغة والعادات والتقاليد والمصطلحات العامية، كانت تعيش التجانس والتمازج الوجداني، في كل محافظات البلاد، العاصمة والشمالية والجنوبية والمحرق، بكل صدق ومن دون تكلف.
لم نجد في كل مناطق البلاد، في الماضي القريب أحداً يفكر في الخربشة على أي لون، فمن يفكر في ذلك، نجد أبناء المجتمع بمختلف ألوانهم، يقفون صفّاً واحداً في وجهه، قبل أن تتحول فكرته إلى حقيقة على أرض الواقع؛ لأنهم يعلمون أن أي خربشة على أي لون على خريطة البلد الإنسانية، حتى ولو كانت الخربشة بسيطة جدا، تترك أثرا سلبيا على بقية الألوان، لقد نجح الأجداد والأباء في اللونين الكريمين، في صيانة ألوان بلدهم من أي مسٍّ أو تعدٍّ على خصوصياته، ما نراه في وقتنا الحاضر من السب والشتم وإثارة النعرات الطائفية والمذهبية البغيضة، ليست لها علاقة بأخلاقيات وأدبيات الألوان التي تتكون منها خريطة الوطن البشرية والإنسانية، لقد ثبت أن الأقلام والخطب والتصريحات التي تحاول جعل الألوان الزاهية باهتة أو قاتمة أو سوداء في نظر بقية الألوان، فإنها تعمل من أجل إرضاء نوازعها النفسية وتحقيق مآربها الشخصية، حتى ولو كان تحقيقها يتطلب منها تخريب العلاقات الإنسانية والاجتماعية بين مختلف ألوان الوطن.
كم نحن بحاجة إلى إيقاف ومحاسبة تلك الأصوات النشاز التي تشكك في ولاء أبرز لون على خريطة البلد لوطنه تارة، وتشكك في أصالته وحقيقته الوطنية تارة ثانية، وتطعن في معتقده وشعائره الدينية تارة ثالثة، وهي تعلم قبل غيرها أن جذوره تمتد في أعماق الوطن منذ آلاف السنين، فالتاريخ والجغرافيا والجيولوجيا جميعها تثبت بالدليل القاطع الذي لا يقبل النقاش، أن كل ألوان الوطن أصيلة وغير قابلة للتغيير والتبديل، فالشيعة والسنة إخوة وسيظلون كذلك إلى يوم الأبد، على رغم ما تفعله الأقلام والخطب المؤججة والمحرضة، التي تحاول بكل الطرق والوسائل غير المشروعة، قانونيا وأخلاقيا وإنسانيا ووطنيا، تغيير هذه الحقيقة الإنسانية الأزلية، فيقيننا الراسخ يؤكد دائما أن كل من يحاول تغيير هذه الحقيقة الناصعة، لن يفلح في مسعاه الشيطاني؛ لأن جذور هذين اللونين الفاضلين، تمتد إلى أعماق التاريخ، فهما يمنعان مباشرة أو بلسان حالهما كل من يريد العبث في علاقاتهما الإنسانية والاجتماعية، أو تحويل ألوانهما إلى ألوان متخاصمة أو متنافرة نفسيا ومعنويا.
من يعرف هذين اللونين البحرينيين الجميلين والزاهرين المزهرين، نجده واثقا كل الوثوق بأن كل المحاولات التي تبذل في سبيل تخريب العلاقات الإنسانية بين اللونين الأساسيين، اللذين يكونان جل خريطة الوطن البشرية الإنسانية، ستفشل فشلا ذريعا في آخر المطاف، كما فشلت كل المحاولات الخبيثة في كل العصور والأزمان التاريخية، بفضل رسوخ جذورهما في أعماق الوطن، ولسنا بحاجة إلى دليل يثبت هذا الرسوخ، فالأرض وتاريخها القديم والحديث يثبتان ويكفلان بقاء العلاقات الإنسانية راسخة بين هذين اللونين العزيزين إلى الأبد، فالأرض لا يمكنها أن تتخلى عنهما أو عن أحدهما، فهما وتدان ثابتان فيها إلى يوم الفزع الأكبر، حفظ الله هذين اللونين الإنسانيين من كل سوء، اللذين تتكون منهما الخريطة البشرية الإنسانية لبلدنا الغالي، وأن يدوم بينهما المودة والمحبة، وأن ينعم عليهما بالأمن والأمان والخير الوافر الذي لا ينقطع في كل الأحوال والظروف، وأن يبعد عنهما كل العوائق التي وضعت أمامهما، لتفسد علاقاتهما الإنسانية والأخلاقية والاجتماعية.
إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"العدد 5120 - الإثنين 12 سبتمبر 2016م الموافق 10 ذي الحجة 1437هـ
لنتحد شيعة سنة ولا نقبل أن يظلم أحد من المواطنين. ولا نكون أداة تستخدم لظلم بعضنا.
كنا نتشارك منذ الصغر في كل شئ لهذا عشنا الزمن الجميل الذي يجب أن يحرص الجميع على رجعته وماهو المستجد الذي لم نتشارك فيه وجعلنا نفترق هي السياسة فلنبادر المشاركة فيها جميعاً تجمعنا جمعيات سياسية يشترك فيها الجميع وبالأخص المكونين الرئيسيين وعلى رأسهم شيوخ المذهبين يكونون قدوة للجميع ويشتركا في جمعيات سياسية تجمعهم مع بقية المواطنين بهذا نعزز الثقة بين الشعب واللحمة الوطنية والنسيج الاجتماعي وهذ يسهل ويجعل الاتفاق على أغلب مطالب الشعب سهل جداً وهذ وحده يفتح الحوار على مصراعيه مع السلطة
ابعدوا رجال الدين من الطرفين من السياسة و ستعود البحرين جميله مثل السابق
الجميع يشتركوا على قدم المساواة ولا شئ يميز مواطن عن الآخر وجمعيات يشترك فيها المكونين العزيزين