العدد 1 - الجمعة 06 سبتمبر 2002م الموافق 28 جمادى الآخرة 1423هـ

تدمير المنازل وقطع الارزاق وتعطيل المجتمع عن العمل

فلسطينيون تحت الاحتلال

فايز سارة comments [at] alwasatnews.com

.

يزيد عدد الفلسطينيين الذين هم تحت الاحتلال الاسرائيلي على ثلاثة ملايين نسمة، ثلثهم في المناطق المحتلة العام 1948، والباقي يتوزعون على الضفة الغربية وقطاع غزة، ولا يمنع توزع الفلسطينيين على ثلاث مناطق يسيطر عليها الاسرائيليون من قول ان معاناتهم من الاحتلال الاسرائيلي تبدو متقاربة، يلخصها واقع سياسة الاضطهاد العنصري، التي يطبقها الاسرائيليون حيالهم، وتنج القتلى والجرحى والاعتقالات، وتدميرا يترافق مع تردي الواقع المعيشي، ولاسيما الصحي والتعليمي.

واذا كانت حال الفلسطينيين هذه مستمرة منذ قيام «اسرائيل» على جزء من أراضي فلسطين العام 1948، فقد تعمقت بعد احتلال بقية فلسطين في العام 1967، وازدادت حال الفلسطينيين في الضفة وغزة ترديا في العامين الأخيرين بعد انطلاقة انتفاضة الأقصى التي أمل الفلسطينيون، ان تصير انتفاضة طرد الاحتلال وتحقيق الاستقلال. ولكن ظروفا اقليمية ودولية، اعطت الاحتلال الاسرائيلي وسط تأييد اميركي علني فرصة تشديد الهجوم على الانتفاضة، وامتدادا ضد السلطة الفلسطينية تحت شعار «الحرب على الارهاب» وخصوصا بعد اعلان الكثير من التنظيمات الفلسطينية بينها حماس والجهاد والجبهة الشعبية وكتائب الأقصى، «تنظيمات ارهابية»، وبعد أن تبنت الولايات المتحدة موقف الحكومة الاسرائيلية من السلطة الفلسطينية.

واذا كان من الصعب حصر حيثيات تردي حال الفلسطينيين تحت الاحتلال الاسرائيلي في أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فان من الممكن التوقف عند بعض المؤشرات والدلالات، التي تبينها الوقائع والأرقام.

ففي الجانب الاقتصادي، صار 75 في المئة من الفلسطينيين، يعيشون تحت خط الفقر بمعدل 2 دولار في اليوم، بينما معدل خط الفقر لدخل الفرد في «اسرائيل» 20 دولارا في اليوم، وتمنع «اسرائيل» نحو 125 الف فلسطيني من العمل عندها، بحسب تقديرات مدير «معهد الدراسات والاعلام الفلسطيني» مصطفى البرغوثي، ويزيد اجمالي عدد العاطلين عن العمل في الضفة وغزة على 400 ألف شخص.

وأكد وزير الاقتصاد والتجارة الفلسطيني ماهر المصري «ان الاقتصاد الفلسطيني مشلول ولا يعمل بأكثر من 25 في المائة من طاقته، ما ادى إلى انخفاض اجمالي الناتج القومي من 5,8 مليارات دولار في العام بنسبة تتراوح بين 45 في المئة و48 في المئة، بينما سجل اجمالي الناتج المحلي تراجعا بنسبة 40 في المئة، وانخفض دخل الفرد الفلسطيني الى 800 دولار في العام مترافقا مع تراجع القوة الشرائية لأسباب بينها هبوط العملة الاسرائيلية وارتفاع سعر الدولار، واستمرار الحصار الاسرائيلي على الأراضي الفلسطينية، وعدم ذهاب العمال إلى عملهم. وبحسب تعبير وزير الاقتصاد الفلسطيني، «أدت السياسات والممارسات الاسرائيلية الى تحول الاقتصاد الفلسطيني الى اقتصاد منهك، يحتاج إلى ما بين خمس وسبع سنوات لإعادته الى عافيته. كما أن مهمة إعادة البناء صعبة جدا وبحاجة إلى جهود جبارة وأموال كبيرة، لاسيما بعد التدمير الذي أصاب البنية التحتية والمؤسسات الاقتصادية على ايدي قوات الاحتلال».

وبطبيعة الحال، ادى تردي حال الاقتصاد الى تدهور الأوضاع الاجتماعية والمعيشية، وابرز تعبيراتها البطالة الظاهرة وتعميم الفقر الشديد، مترافقين مع نتائج التدمير الذي قامت القوات الاسرئيلية به وخصوصا في الضفة الغربية. القوات الإسرائيلية دمرت منذ بدء الانتفاضة في 28سبتمبر/ أيلول 2000 وحتى فبراير/ شباط 2002 أكثر من 720 بيتا إما بالهدم المباشر، واما بواسطة القصف الذي تقوم به القوات الإسرائيلية. وألحقت الضرر والأذى بـ 11553 بيتا، وأثرت على حياة 73600 من سكان هذه البيوت. وخلال اجتياح المدن والقرى ومخيمات الضفة في مارس/ آذار وابريل/ نيسان، هدمت إسرائيل 881 بيتا، وألحقت أضرارا بـ 2883 بيتا في مخيمات اللاجئين، ما أثر بصورة مباشرة على حياة 22500 شخص من سكان هذه البيوت. وأكد مصطفى البرغوثي «أن عدد الشهداء الفلسطينيين، بلغ منذ بداية الانتفاضة 1779 شهيدا، نحو 85 في المائة منهم من المدنيين، ويشكل الشهداء والجرحى نسبة تعادل واحدا في المئة من مجموع الشعب الفلسطيني».

إلى ما تؤدي إليه سياسة الاحتلال من دمار اقتصادي واجتماعي وقتل وتشريد وعاهات دائمة، فإنها من خلال الاعتقالات التي تمارسها، تعطي لتلك السياسة أبعادا أكثر مأسوية، وهناك الآلاف من الذين اعتقلتهم «إسرائيل» في الضفة خلال العامين الماضيين، وفي شهري مارس وابريل الماضيين زاد عدد هؤلاء على عشرة آلاف شخص.

وترتب على ممارسات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية وخصوصا لجهة الإغلاق ومنع التجول وسياسة عزل التجمعات السكانية عن بعضها بغضا، ترديات في الواقع التعليمي، إذ أغلقت المدارس والجامعات، ومنع الطلاب والأساتذة من التوجه إليها، والأمر نفسه تكرر في حقلي الغذاء والصحة، إذ تأثرت امدادات الغذاء والماء بسبب سياسة عزل المدن والقرى وحصارها ومنع التجوال. وأدى انخفاض امدادات الغذاء والماء وندرتها أحيانا إلى تأثيرات مباشرة على صحة الأطفال وكبار السن وعلى النساء. وطبقاَ لأقوال مصطفى البرغوثي، فإن الحال الصحية سيئة جدا، فمثلا كانت أعلى نسبة لمرض فقر الدم (الأنيميا) بين النساء في سنوات الاحتلال السابقه لا تزيد على 20 في المائة والآن باتت النسبة 48 في المئة، ويعاني 45 في المئة من الأطفال تحت سن الخامسة من فقر الدم (الأنيميا) بينما يعاني 30 في المئة من الأطفال من سوء التغذية.

إن واقع الفلسطينيين تحت الاحتلال الإسرائيلي، هو أكثر بكثير مما تشير إليه الأرقام والوقائع المذكورة التي تقدم مؤشرات لحالات معينة، إذ هي لا تعطي صورة عن التأثيرات النفسية والاجتماعية التي صارت إليها حياة الناس. كما أنها لا تشير إلى واقع الإحباط الذي يشعر به الفلسطينيون نتيجة الخوف على مستقبلهم الموضوع في مهب الرياح بسبب ممارسات «إسرائيل»، وبسبب الدعم الأميركي الذي تلقاه بصورة علنية ومكشوفة.

وحال الفلسطينيين ومعاناتهم من الاحتلال، وان كانت تدفع البعض منهم إلى اليأس والاحباط، فإنها تدفع الكثير منهم إلى المضي في مقاومة الاحتلال من أجل الاستقلال وبناء دولة فلسطينية. وطبقا لكثير من التقديرات والمؤشرات، لم تتناقص مقاومة الفلسطينيين أو تضعف على رغم عنف الاحتلال الأمر الذي يؤكد، أن دموية الاحتلال، سوف تدفع إلى استمرار مقاومة الفلسطينيين، وأن وقف العنف في الأراضي الفلســـطينية، إنما يكــمــن في الانســحاب الاســرائيلي من الأراضي الفلسطينية، والبحث عن حل عادل ودائم (لا مجرد الانسحاب من غزة وبيت لحم) يضمن دولة عاصمتها القدس وحلا لمشكلة اللاجئين.

كاتب سوري

العدد 1 - الجمعة 06 سبتمبر 2002م الموافق 28 جمادى الآخرة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً