هل من سبيل لإعادة التفكير ومراجعة قرار المقاطعة الذي اتخذته اربع جمعيات سياسية بشأن الانتخابات البرلمانية المقبلة؟
الجمعيات السياسية المقاطعة طرحت مطلبين، الاول يتعلق بإمكان مراجعة المجلس المنتخب الدستور الصادر في فبراير/شباط 2002، والآخر يتعلق بضرورة اعتراف الحكومة بالجمعيات السياسية. وهناك تفهم للاسباب التي دعت الجمعيات المقاطعة إلى اتخاذ موقفها وكيف انها غلبت المبادئ في ذلك. مع ذلك فإن قرار المقاطعة في الظروف التي تمر بها المنطقة يتطلب المراجعة. فالحكومة القوية في عالم اليوم هي تلك التي تمتلك رأيا عاما تستطيع اللجوء إليه في أوقات الشدة.
وحتى الحكومات الغربية كثيرا ما تعتذر عن تنفيذ مطلب ما ضاغط عليها بذريعة ان رأيها العام ضد ذلك القرار.
والمنطقة مقبلة على امور كثيرة، منها ضرب العراق واحتمال توسيع الهجوم ضد البلدان العربية والاسلامية الاخرى تحت ذريعة «مكافحة الارهاب».
في هذا الوقت نحن بحاجة إلى البحث عن سبل تقرّب وجهات النظر الرسمية والمعارضة، ونحن بحاجة إلى من يعيد مد الجسور بين الاطراف لكي تفتح قنوات الحوار وتبعد الساحة الداخلية عن اي تشنجات قد تؤثر على الوضع السياسي وقد توفر ايضا فرصة لمن لا يريد للمسيرة الاصلاحية خيرا.
نقول ذلك ونحن واثقون بأن القوى السياسية المخلصة اتخذت موقفها المقاطع وهي اكثر الناس حرصا على استمرارية العملية الإصلاحية. كما اننا واثقون من ان عظمة الملك لا ينوي سوى الاستمرار في الاتجاه الاصلاحي الذي اعطى السمعة الحسنة للبحرين وغيّر وجهة نظر المؤسسات الدولية السياسية والحقوقية والاقتصادية عن البحرين. والتوجه الاصلاحي هو العامل الاساس في رفع مرتبة البحرين من الناحية الاستثمارية.
لقد حاول الداعون إلى المشاركة التأثير على قرار الجمعيات السياسية التي دعت إلى المقاطعة قبيل اعلان موقفها، إلا أن «حزمة» القوانين التي صدرت على استعجال بواسطة السلطة التنفيذية رجّحت كفة الاحباط ولم يتمكن الداعون إلى المشاركة من طرح وجهة نظرهم بسبب تلك القوانين وعدد من المنغصات الاخرى.
الا ان الوقت لم يفت بعد، ونحن بحاجة إلى مراجعة قرار المقاطعة لكي تتمكن القوى التي ساهمت في قيادة حركة المعارضة خلال التسعينات من دخول المعترك السياسي والادلاء برأيها والاستمرار في اعتماد مواقفها ولكن من داخل قبة البرلمان. فمهما كانت السلبيات والمؤاخذات، فإن الخروج من قبة البرلمان لن يوفر بديلا حقيقيا سوى المخاطرة بعودة التشنجات السياسية. وحتى لو لم تعترف الحكومة بالجمعيات السياسية، فالاخيرة أصبحت واقعا على الارض، وأصبح من الصعب تجاوز قرارات الجماعات ذات النفوذ الواسع في الشارع أو في اوساط النخبة. والجمعيات السياسية ستجد وسيلتها لتتطور من داخل البرلمان خصوصا عندما يصدر قانون يعترف بوجود الاحزاب، ومما لا شك فيه أن الاحزاب الممثلة برلمانيا ستكون الاوسع نفوذا. وعلى هذا الاساس فإن الدعوة إلى مراجعة قرار المقاطعة ينبع من الحرص على عدم تهميش القوى ذات الاثر على الارض مما قد يدفع باتجاهات تشنجية لا تخدم احدا
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1 - الجمعة 06 سبتمبر 2002م الموافق 28 جمادى الآخرة 1423هـ