للعيد خصوصيته، ونكهته وروعته لدى كل شخص. له ذكرياته التي لا تنسى. له رائحته الخاصة التي تأخذنا إلى مواقف وذكريات وأحداث.
العيد الذي كنا ننتظره لنشعر بالفرح. نرتدي ملابسنا الجديدة التي نام بعضنا وهو يحضنها، وأغمض بعضنا الآخر عينيه وهو ينظر إليها معلقة فحلم بها طوال الليل. نخرج في جولتنا الصباحية بعد أن نرتديها ولا ننسى أن نأخذ حصتنا من الزينة. ننتظره لنزور أهلنا ويزورونا. نرى من لم نرَه منذ زمن. ونستمع لقصص الأصدقاء ونحن نجول الطرقات من بيت لآخر. ندخل المجالس مفتوحة الأبواب في كل بيوت الحي، ونستمتع برائحة البخور والطيب وهي تفوح من كل شبر فيها.
العيد الذي كنا نستمع فيه لصوت العملات المعدنية وهي تُعد. بعد أن فرحنا ونحن نجمعها قطعة قطعة من بيوت الجيران. فنشعر بالسعادة حين يكتمل لدينا مبلغ لشراء ما طال انتظاره وخجلنا من طلبه من أهالينا لعلمنا بـ»البير وغطاه».
العيد الذي كان يهدينا الفرح مغلفاً في قطع الشوكولا التي نأكلها بكل نهم، وفي سكر الحلويات التي تجعل أصابعنا دبقة قد يتسخ منها أي شيء نلامسه قبل غسلها.
العيد الذي كانت أصوات الكاميرات تتعالى في كل ساعاته خصوصاً الأولى منها، فنقف لالتقاط صور جماعية صارت اليوم مدعاة لرسم الابتسامات على وجوهنا كلما شاهدناها. وصور فردية صارت شاهدة على زمن جميل ببساطته وقناعاته وجمال عفويته. الصور التي كانت تحترق أحياناً لخلل في كمية الضوء أو في الكاميرا أو في طريقة تثبيت الفيلم، فنصاب بالإحباط حين نأخذ الـ «نجتف» من الأستوديو بعد ثلاثة أيام من الانتظار، ونجده أبيض خالياً من الصور التي انتظرناها، لنعرف من الموظف أن بعض الصور أو جميعها احترقت. هي ذكريات تكاد تتشابه، لكن بمشاعر مختلفة تتناسب والحالات التي كنا عليها.
اليوم يطرق العيد أبوابنا بخجل، بعضنا يفتح له الباب بابتسامة ويحييه ويدخله ليعيش السعادة ذاتها التي كان يحياها منذ سنوات بعيدة؛ لأنه متيقن أن عليه اقتناص لحظات الفرح وتدليلها جيداً في زمن شحت فيه الابتسامة وندرت فيه الضحكات الصادرة من القلب.
يطرق العيد أبوابنا بخجل، فنجد بعضنا يغلق عنه الباب بحجة أن الفرح بات مستهجناً في زمن الحروب والدماء المسفوكة وزمن غياب الأحبة في الهجرة أو تحت التراب أو في المعتقلات. يغلق بعضنا الباب عن العيد وعن الفرح، ناسياً أن لحظات الفرح قد لا تعود، وأن علينا أن نتشبث بالأمل والسعادة كي نستطيع الحياة بشكل جيد يتيح لنا أن لا ننسى شكل شفاهنا وهي تبتسم.
افتحوا الأبواب للفرح وادعوه لأن يحل بينكم ضيفاً وصاحب دار، فلربما لازمكم ولم يغب عنكم أبداً، وكل عام وأنتم بخير.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 5119 - الأحد 11 سبتمبر 2016م الموافق 09 ذي الحجة 1437هـ
مقال ملهم وفيه ذكريات جميلة
مقال جميل
يبث فينا التفاؤل
عيدكم مبارك وكل عام وانتم بخير