نابليون بونابرت ولد في جزيرة كورسيكا سنة 1769 بعد عام من انضمامها لفرنسا من أسرة ايطالية، ولعب دورا مهما في الدفاع عن الثورة الفرنسية ضد أنصار الملكية، كما أنه أثبت مقدرة عسكرية فائقة في المعارك التي خاضها ضد النمسا وروسيا وبريطانيا وبروسيا وغيرها من الدول، حيث حقق انتصارات باهرة في 40 منها، حتى أن البعض قارنه بالإسكندر الأكبر، إلا أنه هزم في معركة واترلو أمام الإنجليز والتي على إثرها نفي إلى جزيرة سانت هيلينا حيث توفي ودفن هناك العام 1821م، وبعد عشرين عاما نقل الفرنسيون جثمانه إلى باريس ليرقد فيها بأمان.
أقنع نابليون الحكومة الفرنسية بالهجوم على مصر واحتلالها فأعد حملة على مصر وكانت الحملة مكونة من 30 ألف محارب، وفى يوم 19 مايو/ أيار 1798 أنزلت المراكب الحربية الفرنسية الجيش الفرنسي في الإسكندرية، ووجه نابليون من هناك نداء إلى الشعب المصري قال فيه:
«بسم الله الرحمن الرحيم لا إله إلا الله لا ولد له ولا شريك له في ملكه... أيها المشايخ والأئمة... قولوا لأمتكم إن الفرنساوية هم أيضا مسلمون مخلصون وإثبات ذلك أنهم قد نزلوا في روما الكبرى وخرّبوا فيها كرسي البابا الذي كان دائما يحثُّ النصارى على محاربة الإسلام، ثم قصدوا جزيرة مالطا وطردوا منها الكوالليرية الذين كانوا يزعمون أن الله تعالى يطلب منهم مقاتلة المسلمين، ومع ذلك فإن الفرنساوية في كل وقت من الأوقات صاروا محبين مخلصين لحضرة السلطان العثماني... أدام الله ملكه... أدام الله إجلال السلطان العثماني أدام الله إجلال العسكر الفرنساوي لعن الله المماليك وأصلح حال الأمة المصرية» وعلى إثر هذا الخطاب كما قيل أطلق على نابليون بونابرت «بونابردى باشا»، وكان يتجول وهو مرتديا الملابس الشرقية والعمامة والجلباب، ويتردد على المسجد أيام الجمعة.
بونابرت يبدو أنه فهم مشاعر المسلمين، ففي بعض الوثائق أظهرت وصيته لقائده لكليبر التي يقول فيها: إذا أردت أن تحكم مصر طويلا فعليك باحترام مشاعر الناس الدينية واحترام حرمات منازلهم.
لم يمهله القدر أن يحقق حلمه للأمة الفرنسية لتسود العالم انطلاقا من مصر، إذ يتمنى على حد قوله «توحيد الإسلام والمسلمين تحت راية الإمبراطورية ويسود العالم السلام الفرنسي» فهو يعتقد بأن أوروبا لا تحقق له هذا الحلم «في أوروبا الغيوم لا تجعلك تفكر في المشاريع التي تغير التاريخ، أما في مصر فإن الذي يحكم بإمكانه أن يغير التاريخ».
التاريخ يعيد نفسه. مقولة اختلف بشأنها المؤرخون ما بين مؤيد ومعارض، فقيل إن التاريخ هو حدث وزمن لا يمكن تكراره، في حين رأى آخرون أنه بالإمكان إعادته ولكن بديكورات مختلفة،
إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"العدد 2472 - الجمعة 12 يونيو 2009م الموافق 18 جمادى الآخرة 1430هـ