تم مؤخرا إصدار المراجعة الإحصائية السنوية للطاقة في العالم من قبل شركة بريتيش بتروليوم (BP Statistical Review of World Energy). تم إصدارهذا التقرير السنوي في مطلع شهر يونيو/ حزيران الجاري من قبل الشركة المتعددة الجنسيات ويعتبر هذا التقرير مصدرا موثقا وعلى درجة عالية من المصداقية في الدوائر الاقتصادية والأكاديمية وشركات الطاقة والحكومات.
التقرير الجديد يحمل بين طياته سرد دقيق للعديد من التفاصيل المتعلقة بتقلبات قطاع الطاقة في العالم. فأحداث العام الماضي أكدت ارتباط أسواق الطاقة بالدورة الاقتصادية العالمية؛ فعلى سبيل المثال ساهم وصول أسعار الطاقة إلى أرقام «فلكية» في شهر يوليو/ تموز في بطء الاقتصاد العالمي ومن ثم أصيبت هذه الأسعار في مقتل مع هبوب رياح أزمة المصارف العالمية وتهاوي بيوت الاستثمار العملاقة بسبب صدمة الرهن العقاري الأميركي.
الخطوط العريضة للتقرير تؤكد أن الاستهلاك العالمي للنفط في العام 2008 انخفض بمقدار 420 الف برميل ليصل إلى 84.4 مليون برميل في اليوم (30.8 مليار برميل سنويا) بينما ارتفع الإنتاج بمقدار 370 ألف برميل إلى 81.8 مليون برميل في اليوم. يعتبر الانخفاض في الاستهلاك هو الأول من نوعه منذ العام 1993 والأكبر منذ العام 1982. الفرق بين الإنتاج والاستهلاك يمكن تفسيره بالتغير في المخزون الاحتياطي العالمي.
بالنسبة إلى الخريطة الجغرافية فالأرقام لا تبشر للدول المصدرة للنفط فقد انخفض استهلاك دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD) للعام الثالث على التوالي بمعدل 1.5 مليون برميل، أما استهلاك دول الشرق الأوسط فقد زادت بنسبة 5 في المئة، وأما بالنسبة إلى دول شرق آسيا فقد انخفضت معدلات نسب النمو المرتفعة. نستنتج من هذه الأرقام أن الدول الصناعية نجحت جزئيا في كبح لجام الاعتماد على النفط عن طريق الاستثمار في الطاقات المتجددة والتكنولوجيا وخطط التوعية لحفظ الطاقة، أما الدول الشرق أوسطية فقد زاد استهلاكها بسبب استثماراتها في قطاع الصناعة ورغبتها في تلبية حاجة سكانها من الطاقة.
بالنسبة إلى الأسعار العالمية للنفط الخام فقد بلغ متوسط سعر برميل النفط في العام 2008 حسب سعر برميل برنت نحو 97.2 دولارا وهذا يعادل ارتفاعا بنسبة 34 في المئة عن 2007. المتابعون لحركة سعر برميل النفط لاحظوا تذبذب السعر بين 30 و140 دولارا بسبب المتغيرات الاقتصادية لكن بصورة عامة فإن المتوسط العام لسعر برميل النفط جعل خزائن الدول المعتمدة على التصدير متخمة.
بالنسبة إلى دول مجلس التعاون الخليجي فقد ارتفعت كميات الإنتاج بصورة عامة. فالتغير في النسبة المئوية لإنتاج هذه الدول بين عامي 2007 و2008 كان كالآتي: الكويت (5.3)، عمان (3.7)، قطر (13.7)، السعودية (4.0)، الإمارات (2.0)، وبالتالي فإن جميع دول الخليج نجحت في زيادة قدرتها التصديرية إيجابيا.
لكن الأمر المقلق لحكومات مجلس التعاون الخليجي هو زيادة كمية الاستهلاك في السوق المحلية بنسب عالية وبالتالي استنزاف جزء من عائدات بيع النفط الخام. فالتغير في النسبة المئوية لاستهلاك هذه الدول خلال عامي 2007 و2008 كان كالآتي: الكويت (11.7) قطر (16.5)، السعودية (8.1)، الإمارات (10.6). لاشك ان استمرار الزيادة وبرقمين سنويا سيؤثر على الإيرادات المستقبلية لهذه البلدان وخاصة في حال انخفاض سعر برميل النفط.
إقرأ أيضا لـ "مجيد جاسم"العدد 2472 - الجمعة 12 يونيو 2009م الموافق 18 جمادى الآخرة 1430هـ