العدد 5118 - السبت 10 سبتمبر 2016م الموافق 08 ذي الحجة 1437هـ

أعمال روائية تتناول أحداث 11 سبتمبر تسعى إلى جمهور جديد من القرَّاء الشباب

اليوم... الذكرى الخامسة عشرة للهجمات... وتكريس لثقافة القيَم الأميركية...

تتراكم ثقافة التمسُّك بالقيم الأميركية بعد هجمات النعوش الطائرة
تتراكم ثقافة التمسُّك بالقيم الأميركية بعد هجمات النعوش الطائرة

تتراكم ثقافة التمسُّك بالقيم الأميركية بعد 15 عاماً من هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001، بتحويل اتجاه أربع طائرات كي تصطدم بأهداف مُحدَّدة، نجحت في ثلاثة منها: برجي مركز التجارة الدولية بمنهاتن، ومقر وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون). بلغ عدد الضحايا وقتها 2973 قتيلاً و 24 مفقوداً، إضافة إلى آلاف الجرحى والمصابين بأمراض جرَّاء استنشاق دخان الحرائق والأبخرة السامة.


ذلك التراكم يتجلَّى في نحو 6 روايات صدر بعضها، وسيصدر الآخر قبل نهاية العام 2016، تسعى إلى جمهور جديد من القرَّاء الشباب، وتحديداً أولئك الذين لم يولدوا وقت وقوع تلك الحوادث، أو الذين ولدوا وكانوا في سن لا يميِّزون فيها ما حدث، وباتوا اليوم في معزل عمَّا حدث بالتفاصيل والمعالجات التي يمكن للرواية - على سبيل المثال - أن تلعبها في هذا الشأن.


ألكسندرا ألتر، تستعرض عدداً من تلك الأعمال الروائية، في تقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز»، يوم الجمعة (9 سبتمبر/ أيلول 2016)، ننشر أهم ما جاء فيه تزامناً مع الذكرى الخامسة عشرة للهجمات والتي تصادف ذكراها اليوم (الأحد).


لماذا نخلع أحذيتنا؟


منذ ما يقرب من أربع سنوات، كانت الروائية ويندي ميلز في المطار مع عائلتها، حين سأل ابنها زاك سؤالاً يبدو بسيطاً ولكنه موجع. أراد أن يعرف لماذا يمرُّ جميع الركَّاب بإجراءات أمنية؛ حيث يقومون بخلع أحذيتهم. قدَّمت ميلز لابنها زاك، وكان في التاسعة من عمره، رداً مُبهماً من قبيل «إنها من أجل الحفاظ على سلامتنا» لم يكن راضياً عن الإجابة، ظل مُلحَّاً، وفي نهاية المطاف، امتدَّ الحديث إلى هجمات 11 سبتمبر/ أيلول، والتي حدثت قبل أن يُولد زاك.
أدركت ميلز، التي يعيش في جزيرة باين بولاية فلوريدا، وتكتب روايات للناشئين والكبار، خلال تلك المحادثة أن معظم قرَّائها ممن هم في سن المراهقة، لا ذكرى مباشرة لديهم تتعلق بتلك الهجمات. بعد فترة وجيزة، بدأت العمل على روايتها «كل ما تركناه»، وهي رواية عن اثنين من المراهقين - فتاة مسلمة اسمها علياء، وصبي مضطرب يُدعى ترافيس - يجدان نفسيهما محاصرين في مصعد بمركز التجارة العالمي صباح يوم 11 سبتمبر. الرواية تقفز ذهاباً وإياباً بين عامي 2001 و 2016، عندما تحاول شقيقة ترافيس الصغرى، جيسي، معرفة ما حدث لشقيقها، الذي توفي في البرج، وتكافح من أجل ذلك مع والدها الحزين المنكوب، والذي أصبح مناهضاً للمسلمين بشكل قاسٍ.
وقالت ميلز: «أردت أن أكتب قصة تقدِّم تاريخنا المشترك بحيث يكون سهلاً الوصول إليه». مضيفة «هنا جيل كامل من الأطفال من الذين لم يكونوا على قيد الحياة، ولا يعرفون ما الذي كان عليه ذلك اليوم، ولن يعرفوا العالم قبل 11 سبتمبر. لم يكن عالماً مثالياً، ولكنه بدا عالماً أكثر أمنا».
«كل ما تركناه»، التي نشرت الشهر الماضي، هي واحدة من بضع روايات تتناول أحداث 11 سبتمبر، كتبت للقرَّاء الشباب. حزمة من الكتب حول هذا الموضوع، تصدر في الوقت المناسب بمناسبة الذكرى الخامسة عشرة للأحداث، تمثل أول موجة كبيرة من أدب الأطفال، تتعامل بوضوح مع الهجمات الإرهابية، وتستهدف القرَّاء الذين لا تحمل ذاكرتهم تلك الأحداث لأنهم لم يعاصروها. وتتراوح القصص بين المستويات المتوسطة التي تعمل على إحداث ألفة بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين الثامنة والثانية عشرة، وتركِّز على المأساة؛ لكنها تُبقي في الغالب على مسافة بينهم وبين الرعب الذي أحدثته تلك الهجمات، أما الروايات التي كتبت للبالغين مع وصف - فيه من رباطة الجأش والثبات - للفوضى وإراقة الدماء التي امتدَّت وصولاً إلى احتراق البرجين وسقوطهما.


تردُّد الكتَّاب في توظيف الحدث
في الوقت الذي أصبح فيه يوم 11 سبتمبر، ملمحاً رئيسياً مألوفاً للسرد في السينما والتلفزيون والروايات الموجَّهة إلى البالغين، تردَّد كتَّاب أدب الأطفال في الإقدام على توظيف ذلك الحدث؛ والسبب أن كثيرين منهم يخشون من أن مضمون الروايات، قد يكون مؤلماً جداً للقرَّاء الشباب، كما يخشون من أن الآباء والأمهات والمعلِّمين سيكونون متقلِّبين في التعامل مع هذا الموضوع. ورأى آخرون أن استخدام الهجمات كحبكة روائية سيكون ضرباً من تبلُّد الشعور ولا يخلو من موقف استغلالي.


«عشر سنوات تُشعرك كما لو أنها مرَّت في وقت قريب جداً»، ذلك ما قالته نائب الرئيس ورئيس تحرير «Little, Brown Children›s»، ألفينا لينغ، مضيفة «إنه أمر جِدُّ مؤلم بالنسبة إلى الكثير منا».
قبل هذا العام، تناولت مجموعة من مؤلفي كتب الأطفال هذه القضية بشيء من الارتياع.


«لا بأس في أمر كتابة مُؤلَّف سيء، ولكن من المُروِّع كتابة مؤلَّف عن 11 سبتمبر»، بحسب ما قال الروائي ديفيد ليفيثان، الذي وضع رواية عن الهجمات حملت اسم «الحب هو القانون الأسمى»، وصدرت في العام 2009.
الآن، ثمة خوف آخر تمَّ التحسُّب له. بالنسبة إلى كثير من الأطفال الذين لم يولدوا في 11 سبتمبر، أو كانوا صغاراً جداً، بحيث يتعذَّر عليهم تذكُّر الهجمات، تبدو الأحداث بعيدة وغير واقعية، وكأنها فيلم في هوليوود يتناول كارثة أو مأساة تاريخية مثل اغتيال جون كينيدي. بعضهم لا يعرف سوى الخطوط العريضة لهذا الحدث، في حين أن آخرين تم تحصينهم من ذكراها تماماً.

وعلى مر الزمن، يشعر الكتّاب بالقلق من أن ذكرياتهم عن الأحداث تلك تبدأ بالتلاشي والانحسار.


«يشعر المؤلفون بأمان أكثر حين الكتابة عن هذا الموضوع، ويدركون أيضاً، أن الأطفال لا يعرفون عن هذا الحدث شيئاً. هذا هو تاريخنا، وعندما لا نكتب عنه وهو مازال طازجاً، فلن نتمكن من ضبطه». ذلك ما قالته كايتلين دلوي، التي تركت بصمة لدى «Atheneum Books» ناشرة رواية «في مكان ما بين»، وهي رواية عالجت موضوع الهجمات.


الصور التي احترقت في ذاكرتنا الجماعية


في رواية جويل باركر رودس «سقوط الأبراج»، تحكي قصة فتاة مشرَّدة تعيش في بروكلين. الزمن: العام 2016. هي لا تعرف شيئاً عن الهجمات إلى أن تتعلَّم في المدرسة عن أحداث 11 سبتمبر، وهي تدرك تدريجياً أن والدها كان في مركز التجارة العالمي في ذلك اليوم، وكان يعاني من اضطراب ما بعد الصدمة، تاركة إياه غير قادر على العمل وإعالة الأسرة.


وقالت رودس إنها ومحرر دار النشر دخلا في صراع بشأن قدْر التفاصيل عن الهجمات، تلك التي يمكن تضمينها الرواية. وأعربت عن اعتقادها بأنه من الضروري الحفاظ على بعض الصور التي احترقت في ذاكرتنا الجماعية، بما في ذلك الأشخاص اليائسين الذين قفزوا من البرجين.


وقالت لأحد القرَّاء الشباب: «كان الجزء الأصعب أننا لم نتمكن من الانتصار لهم، وليس على سبيل التظاهر بأنهم يعيشون في عالم برئ، بل لأنهم يعرفون أكثر مما نعتقد بما يعرفون».
من ناحيتهم، قال مؤلفون آخرون، إنهم دخلوا في صراع بشأن كيفية نقل نطاق المأساة بطريقة لا تكون مُؤلمة جداً.


أما نورا رالي باسكن فتركِّز في روايتها «تسعة، عشرة» على التكافل والتراحم اللذين أظهرهما الأميركيون يوم 11 سبتمبر.

يتتبَّع السرد أربع شخصيات من الشباب في أجزاء مختلفة من البلاد في الأيام التي سبقت هجمات سبتمبر. أم إحدى الشخصيات، كانت على موعد في مركز التجارة العالمي صباح ذلك اليوم. شخصية أخرى، وهي فتاة مسلمة ترتدي الحجاب في ولاية أوهايو، مرعوبة من أن أسرتها ستستهدف وتلقى عليها اللائمة بسبب الهجمات.


وكانت باسكن قد كتبت مشروعَ رواية، تتناول فيها قصة أحد رجال الإطفاء الذي يصادق صبياً في بروكلين يقضي نحبه في الهجمات على البرجين. لكنها شعرت بالقلق من أن العمل قد يكون مفجعاً جداً للأطفال ممن هم في سن 9 سنوات، ولذلك عمدت إلى تغيير النهاية، قائلة: «وها أنذا، أكتب رواية عن 11 سبتمبر، ولا أريد لأي شخص أن يموت».


رفض نشر «ذاكرة الأشياء»


من غير الواضح ما إذا كان هنالك إقبال كبير على هذه النوعية من الكتب بين القرَّاء الصغار، فيما يظل بعض الناشرين قلقين من عدم تحقيقها نجاحاً في التوزيع.


من جانبها، كافحت غاي بوليسنر في سبيل العثور على ناشر لروايتها الجديدة الموجهة إلى الشباب والبالغين، وتحمل اسم «ذاكرة الأشياء»، والتي تفتح من خلالها نوافذ الإنصاف بعد سقوط البرجين، وقصة كايل، المراهق، الذي يفرُّ وسط مانهاتن من أجل إنقاذ فتاة كانت ترتعد في جانب من جسر بروكلين.


عندما أرسلت بوليسنر ووكيل أعمالها الرواية إلى جميع دور النشر قبل عامين، تم رفضها من قبل أكثر من 10 محررين. بعض منهم قال إن الموضوع جِدُّ فجّ ومؤلم، وألَّا مكان له في السوق. وعن ذلك أوضحت «قلتُ لوكيل أعمالي، أنا أقدِّر ذلك، ولكنهم ليسوا جمهور الكتاب، وإن المراهقين الذين سيقرؤون الكتاب لن يكون لديهم مثل رد الفعل العميق هذا». وفي نهاية المطاف قام المحرر لدى «St. Martin›s Brearley» بشرائها.


الرواية، التي نشرت يوم الثلثاء (6 سبتمبر الجاري)، تم استعراضها بشكل مبكر ومتألق، كما تم احتضانها من قبل بعض المعلِّمين وأمناء المكتبات المدرسية.


وقال جوستين جينتش، البالغ 14 عاماً، أحد طلَّاب مدرسة ديفيد بريرلي الثانوية في كينيلورث، بنيوجيرسي، إن قراءة «ذاكرة الأشياء» منحه الإحساس بما كان عليه الوضع صباح انهيار البرجين.


وأضاف «على رغم مشاهدتي لعدد من الفيديوهات واستماعي لما حدث في دروس التاريخ، إلا أنني شعرت وكأنني لم أعِ كيف شعر الناس وقتها. لقد ساعدتني الرواية على فهم ما كان عليه الخوف؛ لأنني لم أستوعب ذلك حقاً، ولكنني استوعبته الآن».

ويندي ميلز -جيويل باركر -نورا باسكن -غاي بوليشر
ويندي ميلز -جيويل باركر -نورا باسكن -غاي بوليشر
غلاف «ذاكرة الأشياء»
غلاف «ذاكرة الأشياء»




التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً