يواجه وقف إطلاق النار المعقد الذي اتفقت عليه روسيا والولايات المتحدة في سورية العديد من التحديات بينها انعدام الثقة بين فصائل المعارضة السورية والنظام، وشبكة الأطراف الضالعة في الحرب المدمرة.
سنوات من انعدام الثقة وقد يكون أبرز العوائق أمام تطبيق الاتفاق هو انعدام الثقة العميق بين قوات الجيش السوري والفصائل المسلحة.
فبعد خمس سنوات من الحرب الطاحنة، يشكك كل طرف في استعداد الطرف الآخر في الالتزام بوقف إطلاق النار، لا سيما في ظل فشل اتفاقات هدنة وتهدئة سابقة عديدة. وكان آخرها في فبراير/ شباط الماضي بعد أن تم بوساطة واشنطن وموسكو. وأدت الهدنة آنذاك إلى انخفاض العنف على الجبهات الرئيسية، لكنها انهارت بعد أسابيع. واستؤنفت عمليات القصف العشوائية اليومية على المدنيين خصوصاً في مدينة حلب في شمال سورية.
ويصف النظام السوري جميع الفصائل المعادية له بـ «الإرهابية».
وحذر الباحث في معهد الشرق الأوسط تشارلز ليستر من أن المسلحين «لا يثقون كثيراً في صمود وقف إطلاق النار على المدى الطويل». من ناحية أخرى، شككت الهيئة العليا للمفاوضات الممثلة لأطياف واسعة من المعارضة السورية أمس في التزام الهدنة بدون ضغط روسي. وصرحت بسمة قضماني العضو في الهيئة التي تشمل ابرز ممثلي المعارضة والفصائل المقاتلة في سوريا «ننتظر ان تقنع روسيا النظام بضرورة الالتزام بالاتفاق، ولا نتوقع ان يقوم النظام بذلك بملء إرادته».
تحالف المسلحين والإرهابيين
ويتعين في إطار الاتفاق على فصائل المعارضة الانفصال عن جبهة «فتح الشام» الإرهابية القوية التي كانت تعرف حتى وقت قريب باسم «جبهة النصرة» المرتبطة بتنظيم «القاعدة».
وفي مواجهة النظام، وحدت الفصائل المقاتلة والإرهابية صفوفها مع «فتح الشام» خصوصاً في محافظتي إدلب وحلب الشماليتين.
وقالت قضماني إن الفصائل المسلحة أُجبرت على التحالف مع المتطرفين بسبب استخدام النظام أسلوب الحصار، إلا أنها ستنفصل عن هذا التحالف في حال صمدت الهدنة.
وأضافت «الجماعات المعتدلة ستعيد ترتيب صفوفها وتنفصل عن الجماعات المتطرفة. وسنقوم بدورنا».
إلا أن الخبراء يشككون في ذلك.
وقال ليستر إن المسلحين لم يشيروا إلى استعدادهم الانفصال عن التحالف الذي يعتبرونه «ضرورة عسكرية».
وأضاف أن «القيام بذلك يعني بالنسبة لهم التخلي عن مناطق لصالح النظام (...) سيكون من الصعب تغيير هذا التفكير».
شبكة من الأطراف الضالعة
وأدّت الحرب السورية إلى تقسيم البلاد إلى مناطق تسيطر عليها قوى متقاتلة هي: النظام، والفصائل المعارضة، والأكراد، والمتطرفون.
كما أنها جرّت إليها عدداً من القوى الإقليمية والدولية وقفت إلى جانب هذا أو ذاك من أطراف النزاع.
ولم يصدر بعد رد فعل من إيران، المؤيد الرئيسي والثابت لنظام الأسد.
وقال ليستر «في النهاية، يمكنني أن أقول إننا نحتاج إلى موافقة إيران العلنية بقدر حاجتنا إلى موافقة أي طرف آخر».
العدد 5118 - السبت 10 سبتمبر 2016م الموافق 08 ذي الحجة 1437هـ