قالت المحامية جليلة السيد إن «فرض قيود على الحريات العامة يجب ألا يمس بجوهر حرية التعبير»، لافتة إلى أن «هناك خيطاً رفيعاً يفصل بين حرية التعبير، والتدابير التي تقيد وتعوق هذا الحق لأسباب حمائية متعلقة بالأمن الوطني والنظام العام والسلم الأهلي أو الصحة العامة أو الآداب العامة، ويجب ألا يتم الخلط بين الأمرين».
وذكرت السيد، في ندوة قدمتها بمقر جمعية «وعد» في أم الحصم مساء الأربعاء (7 سبتمبر/ أيلول 2016)، أن «حرية التعبير حق إنساني أساسي وعنصر حيوي في النظام الديمقراطي، بحيث تمكن المواطنين من نقد الدولة والاحتجاج على المظالم، والتأثير على صانعي القرار، وهي تشكل شرطاً أساسيّاً للممارسة الديمقراطية الحقة والمؤثرة في أي كيان سياسي».
وأشارت إلى أن «لجوء أية سلطة إلى فرض قيود على حرية التعبير يمسُّ ويتنافى مع متطلبات تحقيق الديمقراطية في حدِّها الأدنى، ويتعارض مع النظام الديمقراطي ويتعارض مع المبادئ الأساسية للحكم الديمقراطي».
وأضافت «هناك تمييز في حرية التعبير بين فئتين، فئة تحسب على أنها معارضة ويتم التضييق عليها في التعبير عن آرائها، إلا أنه في الوقت ذاته يفسح المجال لهم ويتاح لهم فتح أجهزة الإعلام لإبداء آرائهم، ويتم التغاضي عن أفكارهم وأقوالهم التي قد تشكل بعضها جرائم سب وقذف أو التعرض لطائفة بالازدراء، ونشير إلى المادة 310 من قانون العقوبات، التي تقول: «يعاقب بالعقوبة المنصوص عليها في المادة السابقة، من أهان علناً رمزاً أو شخصاً يكون موضع تمجيد أو تقديس لدى أهل الملة».
وأردفت «وفي المقابل تشهد ساحة قوى المعارضة السياسية أو من يتبنى رؤى تختلف عن الجهات الرسمية تضييقاً على حرية التعبير، لذلك فإن خيطاً رفيعاً يفصل بين حرية التعبير والتدابير التي تقيد وتعوق هذا الحق لأسباب حمائية متعلقة بالأمن الوطني والنظام العام والسلم الأهلي أو الصحة العامة أو الآداب العامة، والمجتمع الدولي طالب بتحديد تلك القيود التي تفرضها السلطات لتقييد هذا الحرية التي تعتبر حقّاً إنسانيّاً وعنصراً حيويّاً في النظام الديمقراطي».
وتابعت «تشهد ساحة قوى المعارضة السياسية أو من يتبنى رؤية في شأن سياسي أو عام يختلف عما تراه السلطة، تراجعاً في حرية التعبير بصورها المختلفة، فقد ضيق الخناق على تنظيم المسيرات أو الاعتصامات أو الإعلام المكتوب أو المرئي أو الالكتروني أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي حيث تنوعت الوسائل لتقييد حرية التعبير ما بين منع المسيرات ووقف نشرات الجمعيات السياسية أو الصحف اليومية أو عبر الملاحقات الأمنية والمحاكمات».
وشددت على أن «اللجوء إلى منع تبادل الأفكار عبر فرض القيود على حرية التعبير، يمس بل وينافي متطلبات تحقيق الحياة الديمقراطية بحدها الأدنى».
وقالت السيد: «طالما رأينا تطبيقا للقوانين يتجاوز حدود التنظيم والتحديد إلى التضييق على ممارسة الحق والحد منه وفق هوى ومصلحة معينة لحد التمكين من مصادرة الحق في الواقع، مثل قانون المسيرات والتجمعات، وعدم وجود ضوابط تشريعية تحدد معايير واضحة بين ما يعد حقّاً في النقد وحرية التعبير في مواد التجريم الواردة في القوانين، مثل إهانة الهيئات الحكومية، والتحريض على كراهية الحكم، وأخيرا صياغة مواد التجريم بطريقة فضفاضة من دون معايير موضوعية بما يتيح المساس بجوهر الحق بالمخالفة لنص المادة (31) من الدستور والمادة (5) من العهد الدولي».
وواصلت «شهدنا تمييزا واضحا في ممارسة حرية التعبير عن الرأي حيث يتاح للبعض هامش أكبر من حرية التعبير، حيث تتاح لهم فرصة التعبير عن الرأي في وسائل الإعلام الرسمية والقريبة من الحكومة، سواء تم ذلك ضمن حدود الممارسة المشروعة أو حتى غير المشروعة لحرية الرأي، ويتم غض الطرف عن أفعالهم وممارساتهم، التي تشكل جرائم قذف، وسب أو جرائم ازدراء بتوجيه سياسي أو جمعية سياسية معينة أو طائفة دينية ذاتها أو جرائم التحريض على بغض طائفة، وتحقير شعائرها على نحو التعرض لطائفة دينية بذاتها في معتقداتها وفي قيادتها الدينية ورموزها».
وتطرقت السيد إلى عدد من الأحكام المختلفة في قضايا متشابهة شملت الناشط الحقوقي نبيل رجب والأمين العام لجمعية «الوفاق» المنحلة الشيخ علي سلمان والأمين العام السابق لجمعية «وعد» إبراهيم شريف وجميع تلك القضايا متعلقة بالتعبير عن الرأي الذي اعتبرته الجهات الأمنية تحريضاً على كراهية الحكم وبث أخبار كاذبة، وصدرت أحكام قضائية بموجب ذلك.
وذكرت أن «الحكومة وتنفيذاً لتقرير السيد بسيوني عدّلت بعض بنود قانون العقوبات لكنها غير كافية، وغلظت العقوبات في بعض البنود، وقد تحدث تقرير بسيوني عن المادة (19) من العهد الدولي، في فقرتها الثالثة أنه «تستتبع ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الفقرة (2) من هذه المادة واجبات ومسئوليات خاصة، وعلى ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود لكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون، وأن تكون ضرورية»، فهذا النص يشير إلى إمكانية فرض قيود على بعض الحريات العامة، إلا أن هذه القيود مقيدة بما نصت عليه المادة (5) من العهد الدولي نفسه، والتي تذكر أنه «ليس في هذا العهد أي حكم يجوز تأويله على نحو يفيد انطواءه على حق لأي دولة أو جماعة أو شخص بمباشرة أي نشاط أو القيام بأي عمل يهدف إلى إهدار أي من الحقوق أو الحريات المعترف بها في هذا العهد أو إلى فرض قيود عليها أوسع من تلك المنصوص عليها فيه، وثانياً: لا يقبل فرض أي قيد أو أي تضييق على أي من حقوق الإنسان الأساسية المعترف بها أو النافذة في أي بلد تطبيقا لقوانين أو اتفاقيات أو أنظمة أو أعراف، بذريعة كون هذا العهد لا يعترف بها أو كون اعترافه بها في أضيق مدى، وهي مادة تتشابه مع المادة (31) من الدستور البحريني التي تشدد على عدم المساس بجوهر الحقوق والحريات».
وأردفت «وقد أكدت لجنة السيد بسيوني ضرورة أن تصاغ القاعدة التي ستكون مادة قانونية بشكل دقيق حتى يتسنى للفرد الالتزام بها تماماً، وبحيث لا يمنح الأشخاص المسئولون عن تنفيذ هذا القانون سلطة تقديرية مطلقة في تقييد حرية التعبير، ويجب أن ينص القانون على توجيهات كافية للمسئولين عن تحقيق القانون لإنفاذه».
وختمت السيد «هذا الأمر في غاية الأهمية؛ لأننا نملك قوانين تؤكد مثلاً على حرية ممارسة حرية التعبير، إلا أنها تضع قيوداً تفرغ هذا الحق من محتواه، لأن هامش ما هو متروك من سلطة تقديرية لا يعطي ممارسة واضحة لإنفاذ جوهر القانون».
العدد 5116 - الخميس 08 سبتمبر 2016م الموافق 06 ذي الحجة 1437هـ
وهل بقيت حرّية للتعبير . ما إن يفتح الانسان فمه او يكتب كلمة مّا تتعلّق بالمطالبة بالحقوق ونبذ الظلم حتى يتم استدعاءه هذا اذا لم يتم زيارته ليلا