بعد ستة أشهر من جلوسه في البيت الأبيض، نجح الرئيس باراك أوباما وحزبه من إحداث تغيير في السياسة الأميركية نحو خفض الانبعاثات الكربونية. فقد وافق مجلس النواب الأميركي وبأغلبية بسيطة في يوم الجمعة وبتاريخ 26 يونيو/ حزيران الماضي على القرار رقم (2454) وبعنوان «قانون الطاقة النظيفة والأمن الأميركي لعام 2009» أو قانون واكسمن - ماركي (Waxman-Markey).
تنبع أهمية هذا القانون الفيدرالي من كونه أول قانون شامل (أكثر من 1000 صفحة) يعنى بقضية الاحتباس الحراري وواضعا خريطة الطريق للخطط العلمية والتطبيقية والتي من المتوقع أن تأخذ الولايات المتحدة قصب السبق والريادة في هذا المجال.
للدلالة على أهمية هذا القانون فإن الكاتب الأميركي توماس فريدمان قارن بين نجاح الشركات الأميركية في التميز عن مثيلاتها في العالم وبالتالي حصولها على مرتبة أفضل 10 شركات في مجال تكنولوجيا الإنترنت وبين محافظة الولايات المتحدة على مركزها كقوة عالمية وغنية وقادرة على جذب الاستثمارات إلى أسواقها المالية من مختلف بقاع العالم. الكاتب يعتبر القانون بداية لصناعة عالمية جديدة وشاملة تستمد عروقها عن طريق إلزام المصادر الملوثة بدفع الضرائب ومن ثم استخدام الأموال المتحصلة في زيادة الابتكار في مجال الطاقات المتجددة والنظيفة والعمل على زيادة كفاءة استخدام الطاقة.
الهدف الرئيس للقانون الجديد هو خفض الانبعاثات الكربونية للولايات المتحدة بنسبة 17 في المئة من مستوى العام 2005 في العام 2020 ومن ثم بنسبة 83 في المئة في العام 2050.
القانون الجديد سيجعل الولايات المتحدة تستثمر المليارات من الدولارات في مجال الطاقات المتجددة كطاقة الرياح والشمس وبالتالي سيكون نسبة مساهمة هذا القطاع حوالي 20 في المئة من مجموع إنتاج الكهرباء في 2020. من المتوقع أن تضخ مليارات الدولارات في مجال الأبحاث التطبيقية خاصة لخفض انبعاثات الكربون في القطاع الزراعي وإنتاج الكهرباء عن طريق استخدام الفحم وإنتاج وتطوير السيارات الكهربية.
سلبيا سيكون دافع الضرائب الأميركي مطالبا بدفع 175 دولارا زيادة في السنة ولكن استطلاعات الرأي تؤكد أن الأسر الأميركية موافقة على دفع هذا المبلغ في سبيل الحصول على أمن الطاقة وبالتالي خفض الاعتماد على الدول الأجنبية وتأمين مستقبل الأجيال القادمة.
من ناحية التعليم العالي فيبدوا أن انفجار فقاعة الأزمة المالية العالمية كان له جانب إيجابي لتوجهات الخريجين الجدد من التعليم الأساسي خاصة في الدول المتقدمة فهناك مؤشرات تؤكد توجه الطلاب نحو دراسة العلوم التطبيقية ومجالات الهندسة العديدة للمساهمة في حل التحديات البيئية المحلية والعالمية، والمساهمة في بناء البنية التحتية لدولها، وخفض استخدام الطاقة بعد تسريح عشرات الألوف من العقول من البنوك الاستثمارية والتجارية.
لكن يبدوا أن الطريق مازال وعرا بالنسبة للقانون الجديد حيث نجح في تجاوز العقبة الأولى ومن المتوقع أن ينجح أيضا عندما يتم مناقشته في مجلس الشيوخ الأميركي. هذا القانون قد يكون جزءا أساسيا من المفاوضات التي ستتم في العاصمة الدنماركية كوبنهاجن في نهاية العام بمشاركة ممثلي من جميع دول العالم لمناقشة معاهدة جديدة قد تنقذ البشرية من آثار ظاهرة الانحباس الحراري في العقود المقبلة.
إقرأ أيضا لـ "مجيد جاسم"العدد 2500 - الجمعة 10 يوليو 2009م الموافق 17 رجب 1430هـ