يعيش الصحافي كثيراً من الضغوط والتعب. من المعاناة والتفكير والحماس وهو يشرع في كتابة موضوع جديد. ذلك الصحافي الذي يتحرى الدقة، والفائدة، والموضوعية، ويرغب في تقديم الجيد والمختلف. الصحافي الذي يهتم لمشكلات الناس ومعاناتهم. ينقل ما يمكن نقله ليكون شاهداً على عصر، ووضع، وحال بلاد.
أولئك الصحافيون الذين أرادوا لأقلامهم أن تكون نصيراً لكل مظلوم، ووقايةً من كل فساد، وصوتاً يشيد بكل جميل ومتميز. الذين يرغبون في أن يكونوا شوكةً في خاصرة المخطئ، ووردة في يد المصلح.
الصحافيون الذين لا يقبلون أن تحسب أسماؤهم على سلطة أو تكون لعبة بيد مسئولٍ، أو أن يُدَنَّس تاريخهم لأنهم بجّلوا صوتاً ناعقاً بالخراب. ولابد أنهم يعانون الكثير كي يحققوا كل هذه الإنجازات وينامون وضمائرهم مرتاحة لأنهم أدوا رسالتهم بأكمل وجه.
ولأنني عملتُ سابقاً في الصحافة كمهنة أساسية لمدة عشرة أعوام، أعرف جيداً ما يعانيه الصحافي حين يتصل بأحد المصادر كي يحصل على خبر جديد، أو يستوضح أمراً ولا يلقى جواباً بل وأحياناً يلقى تذمراً.
أعرف كيف يتحوّل الفرح بكتابة موضوع إلى نوع من الخيبة، حين لا يجد أذن مسئول تسمعه وتسعى لحل المشكلات التي جاء بها. أعرف كيف يشعر الصحافي بسعادة غامرة حين ينقل معاناة أحد المواطنين، فيجيء الغيث من الله على يد أحد المسئولين مبشّراً برغبتهم في مساعدة هذه «الحالة» وتقديم يد العون لها. وأعرف حجم الخذلان الذي يشعر به الصحافي حين يسأله أحدهم عن مهنته فجيب: صحافي! قبل أن يسمع تهكمه على المهنة وأهلها وعلى كل الصحف من دون استثناء!
ولأنني أعرف كل هذا، ولأنني أعرف أن لا صحيفة تصدر من غير تكاتف جهود كل أبنائها من صحافيين وكتّاب ومحررين وإداريين وتقنيين ومدققين لغويين وموظفي أمن وموزعين وعمال تنظيف وموظفين في جميع الأقسام، وبالطبع على رأس كل هؤلاء رئيس ومدير وسكرتير التحرير بحسب الهياكل التنظيمية داخل كل صحيفة، لابد وأن أشكر كل زملائي في «الوسط» اليوم لأنهم كانوا جزءاً من هذا الكيان الذي أحب.
«الوسط» التي صارت لنا داراً ومظلةً وموضع فخر واعتزاز، اليوم تدخل عاماً جديداً ليضاف إلى سلسلة أعوام الإنجازات والمهنية والموضوعية؛ عاماً جديداً سيكون حافلاً بالفرح والنجاح إن شاء الله، كما لن يخلو من المصاعب والعوائق التي لابد أنها ستجتازها بكل يسر، مادام يعمل تحت جناحها كل هؤلاء المخلصين من أبنائها البررة، الذين يريدون لها وللوطن كل الخير.
وكل عام و«الوسط» والعاملين بها وكل من يقرأها بخير، والوطن بحال أجمل.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 5115 - الأربعاء 07 سبتمبر 2016م الموافق 05 ذي الحجة 1437هـ
شكرا لقلمك الجميل ودمتى دوما في خدمة قضايا المجتمع البحريني بكل اطيافه وانتمائاته وكل عام والوسط بالف خير
مبروك لكم ومبروك للوسط وأهلها