حذر إمام جامع أبي بكر الصديق الشيخ علي مطر من السهر الكثير الدائم المبالغ فيه ولغير حاجة وغرض صحيح ومن دون مبرر مقبول، وخاصة ما يحصل في أيام الإجازات كإجازة الصيف الطويلة وغيرها، من أبنائنا الطلاب وغيرهم.
وقال إن هذا النوع من السهر يُعد مذموما للأسباب الآتية:
أولا: لمخالفته نظام الكون الذي خلقه الله تعالى وأراده لعباده بما يتوافق مع فطرتهم التي فطرهم عليها، لقوله تعالى : «فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ...» (الروم: 30).
فالله عز وجل جعل النهار للعمل والكسب والحركة وجعل الليل للسكون والهدوء والراحة والنوم،
كما قال سبحانه :»وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتا، وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسا، وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشا»(النبأ: 9- 11)
وقال جل شأنه :» فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنا..» (الأنعام: 96).
أي جَعَلَ الله اللَّيْلَ سَكَنا، يسكن فيه الآدميون إلى بيوتهم ودُورهِم للراحة والنوم بعد العناء والتعب والكد، والبهائم والأنعام إلى مأواها، والطيور إلى أوكارها، فكل هذه المخلوقات تأخذ نصيبها من الراحة في ظلام الليل وسكونه وهدوئه، استعدادا ليوم آخر جديد ونهار مشرق بهيج.
ثانيا: للمضار الجسدية والذهنية المترتبة عليه، من الإصابة بالتعب والكسل وضعف البدن بصفة عامة والإصابة بالأمراض، وتعب الأعصاب وسرعة الغضب وسوء المزاج وقلة التحمل، فلا يكاد يتحمل زوجته ولا أولاده ولا طلابه ولا المراجعين، وما ينتج عن السهر أيضا من عدم إفراز هرمون النمو بالشكل الطبيعي، وهذا الهرمون مسئول عن إكساب القوة العضلية والذهنية والحيوية والنشاط والمناعة ضد الأمراض كما ذكر ذلك بعض أهل الاختصاص.
ومعلوم أن نوم الليل لا يعادله نوم النهار، ونوم أول الليل أكثر فائدة من آخره، وهذا معلوم بالتجربة وغيرها.
ثالثا: لما يترتب على هذا السهر من تضييع للواجبات وتفريط في المسئوليات، فمن ذلك:
- تضييع صلاة الفجر، التي قال الله فيها: «أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآَنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآَنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودا» (الإسراء :78).
- يُضعف عن أداء العمل وإتقانه وإنجازه على الوجه الأكمل ويؤثر سلبا على الإنتاجية، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الطلبة وثأثير السهر على دراستهم ومدى تركيزهم واستيعابهم وتفاعلهم مع الدروس .
ومع ما ينتج عن هذا السلوك من إهمال وتفريط وضعف الإحساس بأهمية العلم والعمل ومراعاة مصالح الغير والصالح العام، ولا يخفى سلبيات ذلك على المجتمع على المدى القريب والبعيد .
وختم مطر أن السهر يزداد قبحا وحرمة إن كان على المعاصي والمحرمات.
العدد 2472 - الجمعة 12 يونيو 2009م الموافق 18 جمادى الآخرة 1430هـ