في مقال سابق تحدثنا عن بعض المدراء الذين يتفننون في إيجاد النكد والكآبة في أماكن العمل وكان تفاعل القراء مع المقال مشجعاً، حيث أعربت مجموعة منهم من خلال الملاحظات التي أبدوها بأن النكد يمكن أن يكون نتيجة لتصرفات بعض الموظفين أيضاً. حيث إن بعض الموظفين لا يحترمون متطلبات العمل وبعضاً منهم لا يأتي الى الدوام إلا متاخراً، وبعضهم لا ينجز الأعمال الموكلة إليه، مما يعطل سير العمل ويجبر المدراء على اتخاذ قرارات ضد هذه الفئة من الموظفين. وهذه الأمور تساهم في جعل جو العمل متوتراً وتزيد كمية النكد والكآبة فيه.

طبعاً أوافق القراء الكرام الذين أثاروا هذه النقاط، وأنه بالفعل يتسبب بعض الموظفين بخلق جو غير صحي في محيط العمل. ومن خلال تجربتي العملية التي قاربت الأربعين عاماً مررت على حالات من نوعية الموظفين الذين يتفننون في تضييع الوقت وعدم إنجاز المهام والتهرب بأية طريقة من تنفيذ أي عمل موكل إليهم. كما أن بعض الموظفين لا يستطيعون أو لا يريدون التفريق بين واجبهم نحو عائلاتهم وواجبهم نحو عملهم. فهم يبحثون عن أي عذر متعلق بالعائلة ليستخدموه لعدم الحضور للعمل، وإن هم حضروا، فإن الدوام ينقضي بالتذمر والشكوى دون تنفيذ أي عمل يذكر.

ولكني أيضاً أقول، بأن المدير الناجح هو من يعرف هذه النوعية من العاملين ويجيد طريقة وكيفية التعامل معها، حتى يكون العمل منجزاً بالطريقة الصحيحة. إن اختيار أي فرد من العاملين ليكون مديراً يجب أن يتم ضمن معايير معينة تتسم بالتركيز على الكفاءة وحسن إدارة الأفراد. وموضوع وجود أي موظف يتسبب في تعطيل العمل، يظهر قدرة المدير من عدمها من خلال كيفية التعامل مع الوضع.

المشكلة التي أثرناها في المقال السابق هي أن هناك نوعية من المدراء يتسببون في خلق جو من العمل محبط لبقية العاملين، وبدلاً من قيامهم بجعل العمل مكاناً مريحاً يجد فيه الموظف ما يساعده على حسن الإنجاز، تراهم يتصرفون بطريقة تعكر الجو وتجعل الموظفين محبطين.

إن المدير غير الكفؤ يساهم في خلق الجو السيِّئ والمدير الكفؤ الواثق من نفسه والعارف تمام المعرفة بأهمية العاملين وأنهم هم الأساس في إنجاز المهام، هو ذاك الذي يبادر بتشجيع الموظفين وتحفيزهم وخلق جو من الثقة يساهم على مزيد من الإنتاج.

لا يكفي أبداً من المدير أن يتوقع قيام موظفيه بإنجاز العمل دون بذل الجهد بتدريبهم وتمكينهم تمكيناً مناسباً وخلق بيئة عمل مناسبة تساهم في شعورهم بالأمان وبذل المزيد من الجهد. تمسك بعض المدراء بأساليب إدارية بالية، يحبط العاملين لديه ولا يخدم مصلحة العمل.

والموظف الذي لا يجدُّ في عمله، يؤثر سلباً على بقية العاملين وعلى انتاجيتهم، وواجب المدير أن يجد الحلول الإدارية المناسبة للتعامل معه، حتى لا تؤثر تصرفاته سلباً على بقية العاملين.