عادت كيت بلانشيت إلى لندن بعدما أدارت أكبر شركة أسترالية للإنتاجات المسرحية. تروي هذه الممثلة التي كانت أحدث وجه لعطر «جورجيو أرماني» تفاصيل عن حياة النجومية وتجربة الأمومة ونضالها الشخصي. حوار معها ذكرته صحيفة "الجريدة" الكويتية اليوم الاحد (4 سبتمبر/ أيلول 2016) من مجلة «إيل» الفرنسية.
في الإعلان الترويجي لحملة Si Women’s Circle، تقولين إن تقبّل المغامرات أمر صعب أحياناً لأننا لا نعرف مسار تطور الأحداث. لكن ألا يُعتبر الشك محركاً للابتكار؟
إنه عصب الحرب! في زمنٍ يُقدّس النجاح ويفرض علينا أن نكون واثقين بنفسنا، أنا مقتنعة جداً بأهمية الشك. إنه جانب مشروع وضروري كونه يجبرني على تجاوز حدودي. حين أوافق على المشاركة في فيلم، لا أعرف النتيجة مسبقاً. إنه جزء من اللعبة! لكن إذا اعتبرتُ المشروع سهلاً وكنتُ قد أدّيتُ دوراً مشابهاً في السابق، أعرف أنني لن أقدم أداءً جيداً وأفسح المجال أمام ممثلة أخرى كي تبرع في الدور. الشك يطاردني ويشكّل جزءاً من حياتي اليومية.
يحمل الشك شيئاً من المجازفة...
طبعاً! يجب أن يبدو التحدي مستحيلاً وأن يسبب لي القلق ويدفعني إلى التشكيك بنفسي وإلا لن يحمل الدور أي قيمة. أحب اللقاءات في هذا المجال أيضاً. أشعر خلالها بأنني أعيش وأتحرك! أكثر ما يشدني في هذه المهنة الشك والتحدي وسحر اللقاءات والطموح. أحلم مثلاً بالعمل مع المخرجة أندريا أرنولد.
تقولين أيضاً إن المرأة التي تقدّرينها تتمتع بروح إيجابية وحب المغامرة. عن أي امرأة تتكلمين؟
تكثر النساء اللواتي يحملن هذه الصفات. في شهر مايو، قصدتُ مخيماً للاجئين السوريين في الأردن. تحرص تلك النساء على حماية عائلاتهن ويتعبن كثيراً للاعتناء بأولادهن ويتمسّكن بالأمل لذا أقدرهنّ كثيراً. يتمتعن بعزة نفس تؤثر بي مع أنهن لا يحصلن على مساعدة كبيرة. في مجال الفن، أحترم كثيراً عمل لويز بورجوا على الصعيدين الشخصي والمهني. هي بارعة جداً! لم تخف سيندي شيرمان أيضاً من الغوص في أعماقها كي تتواصل مع العالم. تبهرني شجاعة هاتين الفنانتين!
هل كان التمثيل قراراً صعباً؟
بكل صراحة، لم أشعر يوماً بأنني اتخذتُ قرار دخول مجال التمثيل. قررتُ بكل بساطة أن أتسجل في معهد الفنون ثم توالت الفرص ولم أتردد في اقتناصها.
خسرتِ والدك في عمر مبكر. هل شجّعتك والدتك على التمثيل؟
شجّعتني ظاهرياً! لكنها كانت قلقة مثل جميع الأمهات. لم تكن هذه المهنة تريحها. أظنّ أنني كنت لأتصرف مثلها. إذا أخبرني أحد أولادي يوماً بأنه يريد العمل في مجال السينما، سأكون في موقف محرج جداً.
ماذا تعنين؟
لم تكن والدتي مطّلعة على عالم السينما لذا كانت مخاوفها مشروعة. أما أنا فأعرف هذا المجال. يعمل والد أولادي، الكاتب أندرو أوبتون، في مجال المسرح وقد اكتسب كلانا مستوى من الشهرة. سيكون ضغط نجاحنا ثقيلاً عليهم ولن ينجحوا بالضرورة في تجاوزه. لذا أعترف بأنني سأخاف عليهم.
مغامرة وتحديات
انجذبتِ إلى السينما في مرحلة مبكرة جداً.
لا، فقد بدأتُ مسيرتي في عمر الثانية والعشرين. اليوم، تكون الممثلة في هذا العمر قد شاركت في ثلاثة أو أربعة أفلام أو أكثر. مثّلتُ في أعمال مسرحية حتى عمر الخامسة والعشرين، ثم بدأتُ أشارك في الأفلام. تلاحقت الأدوار المسرحية التي عُرِضت عليّ، لذا لم أجد سبباً للتوقف. أصبحتُ ممثلة كي أعمل وأجد معنى لحياتي سواء وقفتُ على خشبة المسرح أو أمام الكاميرا.
عدتِ إلى أستراليا لإدارة «شركة مسرح سيدني» مع زوجك. هل اعتبرتِ هذه المغامرة تحدياً لك؟
طبعاً! كانت الفكرة جنونية! لم يكن أيٌّ منا يتمتع بخبرة في هذا المجال. حاول كثيرون في هوليوود ردعي خوفاً من أن أجازف بمهنتي كممثلة. لكني لم أسمع رأي أحد. كنت أعرف أنني أتخذ قراراً صائباً. سررنا بهذا التغيير كثيراً وكانت عودتنا إلى أستراليا مفيدة للأولاد وفرصة ممتازة للرجوع إلى الجذور طوال ست سنوات. كانت التجربة قيّمة جداً لأننا تمكّنا من إدارة الشركة وتنظيم 19 عرضاً في السنة وتحضير الجولات... إنها مسؤولية ضخمة. لا أندم على شيء! اليوم أنا سعيدة جداً بعودتي إلى لندن واسترجاع مكانتي البسيطة كممثلة.
هل تفكرين في دور معيّن طوال الوقت؟
لا. لا أحنّ لأي دور سابق بل أفكر بالشخصية المقبلة التي سأؤديها. بدأتُ للتو تصوير فيلم Thor 3 من إنتاج شركة «مارفل» ويتمحور العمل حول الأبطال الخارقين! إنها تجربة جديدة بالنسبة إلي.
هل تفكرين في إخراج فيلمك الخاص يوماً؟
أحب هذه التجربة لكنها مهمّة معقدة مع أربعة أولاد. سيكون المشروع طويلاً وشاقاً. اليوم أعطي الأولوية لعائلتي.
في ظلّ معركة مساواة الأجور في هوليوود، حققت روبن رايت للتو انتصاراً: ستكسب أجراً مساوياً لأجر شريكها كيفن سبيسي في فيلم House of Cards (بيت الورق). ما رأيك بالموضوع؟
لا أصدّق أننا نتابع خوض معارك مماثلة في عام 2016... ولا يقتصر الموضوع على عالم السينما. أؤيد أن تتناقش النساء بهذه المسائل ويفصحن عن مداخليهن صراحةً. لن يتغير الوضع إلا إذا رفضنا هذا الظلم. لا نفع من الانزواء!