للمرة الأولى في لبنان، يحاول متشددون إسلاميون إلغاء مهرجانات صيدا.
مراسلة قناة "فرانس24" من بيروت اعد تقرير أمس الجمعة (2 سبتمبر/ أيلول 2016) بهذه ما هي خلفيات هذا الرفض؟
هل تنجح المدينة في التصدي للأصوات المعترضة؟ وهل يستمر المهرجان؟
بين الترحيب والتحفظ... إطلاق مهرجانات صيدا السياحية الدولية
ما كاد منظمو مهرجانات صيدا السياحية الدولية يعلنون البرنامج المقرر في ايلول المقبل والذي يستضيف عددا من الفنانين البارزين، حتى علت اصوات الاعتراض من بعض ابناء المدينة تحت عنوان "صيدا لن ترقص"، ما اثار بلبلة في الشارع، وتساؤلات حول دور صيدا وموقعها، بحسب تقرير سابق لشبكة "النشرة" اللبنانية.
تعود مهرجانات صيدا السياحية الدولية الى المدينة بعدما توقفت عدة سنوات بسبب الاحداث السياسية والامنية التي عاشتها المدينة في الفترة السابقة، واللافت فيها هذه المرة انها تنظم بهمة مجموعة من الصبايا، كُنّ زميلات مدرسة بالأمس، وتلاقين اليوم على فكرة إقامتها بهدف تنشيط السياحة وادخال المدينة على خارطة السياحة اللبنانية بعد تقصير طويل، وبالتالي إدخال الفرحة الى قلوب الصيداويين، وفكّ العزلة استكمالا لاحتفالية "عيد الأم" التي اطلقتها النائب بهية الحريري لإعادة الحيويّة الى المدينة وكسر وازالة كل حواجز الخوف والقلق التي عانت منها لأكثر من عامين بعد الانتهاء من ظاهرة الارهابي احمد الاسير، وإعادة تقديمها مدينة تحبّ الحياة، ترحب بكل الوافدين اليها، مقيمين وزائرين وعابرين ومتسوقين، ولتحفيز النشاط والحركة والحياة في مختلف مرافقها وقطاعاتها... وقبلها استكمالا لشعار "صيدا مدينة الحياة" الذي أطلقته النائب الحريري منذ سنوات حين عانت المدينة من حوادث أمنيّة متنقّلة أدّت الى ركود اقتصادي وسياحي كبيرين.
ومن الهمة والاندفاع العفوي، ولكي يكون العمل منظّما، شكّلت هؤلاء الصبايا، وبدعم من القوى السياسيّة والمجلس البلدي في المدينة "لجنة المهرجانات" برئاسة نادين كاعين وأعضاء المجلس الاداري "آية النقيب، سارة سعد، ميساء حانوني، لارا الجبيلي، نادين ترياقي، أماني البابا، هبة حنينة، نهلا زيباوي، صفاء مكاوي واجيا داوود وروان حجازي"، جالوا على الفاعليات ونسقوا أنشطة المهرجانات بما يليق بالمدينة ودورها على البحر المتوسط.
واوضحت رئيسة اللجنة كاعين، ان "فكرة المهرجانات بدأت بحلم صغير كان في قلب كل واحد منا، والآن يتحقق الحلم، فنحن 12 صبية، اجتمعنا على حبنا لصيدا ورغم اختلاف ارائنا وانتماءاتنا، غير ان هدفنا واحد، وهو ان نعيد هذه المدينة على الخريطة السياحية اللبنانية"، مشيرة الى ان اللجنة الوطنية لمهرجانات صيدا الدولية أسستها النائب بهية الحريري سنة 1999، "وايمانا منها بقدراتنا ودعما منها لنا ولحماسنا من اجل نجاح هذا المهرجان قدمت لنا اللجنة بمجلس ادارة جديد مكون من سيدات المدينة اللواتي جندن وقتهن وطاقاتهن وجهدهن لانجاح هذا المشروع".
واضافت: "صيدا ثالث اكبر مدينة في لبنان، ومن اقدم المدن في العالم وحماسنا لهذا المشروع كبير بايماننا وقناعتنا ان هذه المدينة التاريخية والحضارية تستحق ان تكون عروس المهرجانات خاصة ان صيدا تمتلك كل الامكانيات والمؤهلات التي تمكنها من ان تحجز مكانها مع باقي المدن لتعكس مجتمعة الصورة الحقيقية والحضارية لبلدنا الحبيب لبنان ولأن صيدا قصة تاريخية عريقة احببنا ان نحكي هذه القصة على طريقتنا بـ 4 ايلول سننظم نهارا سياحيا يتضمن اهم المعالم التاريخية في هذه المدينة ولأن السماء بحاجة لنجوم حتى تلمع، اخترنا نجمين من نجوم لبنان ليضيئوا واجهة صيدا البحرية بـ 16 ايلول، الفنانة نانسي عجرم في اول سهرة وبـ17 ايلول الفنان غي مانوكيان في امسية موسيقية على أنغام بحر صيدا وفي موقع مميز على واجهة صيدا البحرية خلف مدينة رفيق الحريري الرياضية وقبالة قلعة صيدا البحرية وجزيرتها ونختم بـ 25 ايلول بمهرجان "صيدا بالالوان" الذين سيضم نشاطات منها "رالي بايك، مهرجان الالوان على انغام الموسيقى وانشطة رياضية".
أما وزير السياحة ميشال فرعون الذي رعى اطلاق برنامج المهرجانات وشجع عليها، فرأى ان حركة المهرجانات في مختلف المناطق اللبنانية وحتى في بعض المناطق التي "تعاني جروحا" تعتبر بلسما، فيما أكد رئيس بلدية صيدا المهندس محمد السعودي ان صيدا معروفة بتاريخها والتحدي ان البلدية ستأخذها بعين الاعتبار في كل خططها لتنمية السياحة، معلنا ان الخارطة السياحية ستبصر النور في القريب العاجل.
مقابل هذا، سارع عدد من الصيداويين الى إطلاق حملة على مواقع التواصل الاجتماعي للمطالبة بالغاء المهرجانات تحت عنوان "صيدا لن ترقص"، ملمحين إلى أنهم يملكون القوة الإعلامية الكافية على مواقع التواصل الاجتماعي والمدونات لمنع إقامة المهرجان.
وبين الترحيب والاعتراض، برز موقف "الجماعة الاسلامية" التي اعتبرت أن "هذه المهرجانات ليست الطريقة المثلى والوحيدة لتنشيط عجلة الاقتصاد كما يدّعي المنظمون بل هو هروب إلى الأمام"، مشدّدة على أنّ "تنشيط عجلة الاقتصاد إنما يكون بإطلاق المؤسسات من أسرها وإيقاف هدر المال العام، والأخذ على أيدي المفسدين والمرتشين وممارسة الشفافية المطلقة في الإدارة، والاهتمام بقطاعات الماء والكهرباء، وغيرها من ضروريات الحياة للمواطنين".
في المحصلة، ستشهد مدينة صيدا هذه المهرجانات مع الاعتراض ولكن دون الغاء، فيما بدا التحدي الاكبر في كيفية المحافظة على انسجام المجلس البلدي وعدم تصدعه بالخلافات عند اول امتحان تختلف فيه المواقف والاثنان محكومان بمراعاة البعض والاخذ بعين الاعتبار مصلحة صيدا.