أوصت دراسة نفسية حديثة أجريت على مجتمع من جميع أسر الأطفال ذوي اضطراب التوحد بمنطقة جازان السعودية بضرورة الاهتمام بالدعم النفسي لأسر الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد.
وقال الباحث المستشار النفسي والتربوي بالمركز الاستشاري لذوي الاحتياجات الخاصة بجازان المختص في إرشاد أسر التوحد مفلح الغالطي في حديث إلى صحيفة «الحياة»: «إن أسر هذه الفئة تقع تحت ضغوط نفسية واجتماعية واقتصادية، وخصوصاً في مرحلة ما بعد التشخيص». وطالبت الدراسة، التي أجريت باعتبارها بحث تخرج لمرحلة الماجستير في جامعة الملك عبدالعزيز في جدة، بضرورة العمل على وجود تخصص للإرشاد النفسي لأسر الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد في أقسام الجامعات السعودية، مشيرة إلى أهمية الإلحاح في المطالبة نظراً إلى ارتفاع حالات المصابين بهذا الاضطراب ولحاجة أسرهم إلى التوجيه والإرشاد والدعم النفسي، وحتى يمارس المختصون مهمات عملهم في جميع المؤسسات والمراكز التي تقدم خدماتها للأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد لتقديم الخدمات الإرشادية لأسرهم. واستخدم الباحث العلاج العقلاني الانفعالي السلوكي خلال دراسته، موضحاً: «يُستخدم في الإرشاد والعلاج العقلاني الانفعالي السلوكي مجموعة من الفنيات والأساليب (المعرفية والانفعالية والسلوكية) لتحقيق أهدافه، وتعالج الدراسة الحالية القلق لدى أسر الأطفال ذوي اضطراب التوحد، إذ يظهر في الشعور بالضيق والاضطراب وعدم الاستقرار النفسي يصاحبه شعور مبهم بالخوف من شيء غير محدد بالذات أو من توقع حدوث شيء ما، وهو يتفاوت في الشدّة من مجرد شعور بالاضطراب». ودعت الدراسة إلى أهمية الإرشاد النفسي للأسر لـ«دعمهم في مواجهة المشكلات التي تواجههم، والتي تفرضها مرحلة التكيف التي يمرون بها، ابتداء من مرحلة إدراك حقيقة اختلاف الطفل عن غيره، وقبول التشخيص الذي يؤكد إصابة الطفل، وانتهاء بقبول الحقيقة، بمعنى إدراك حدود الطفل، ووعيه، والبحث من الوسائل الواقعية والموضوعية التي يمكن الاستفادة منها، يضاف إلى ذلك أهمية خدمات الإرشاد الضرورية لإخوة الطفل، وخصوصاً أكبرهم سناً، ولتوعية الأسرى بالقوانين والتشريعات الممنوحة لأبنائهم، مثل قوانين المعوقين، وتعريف الوالدين بالمؤسسات التربوية والاجتماعية والصحية التي تخدم أطفالهم».
فيما أظهرت الدراسة انخفاض مستوى القلق لدى أسر الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد بعد تطبيق البرنامج العلاجي، مرجعة النتائج لـ«فعالية فنيات الإرشاد العقلاني الانفعالي السلوكي الموجهة لأسر الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد لخفض القلق لدى أسر الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد، ومنها النمذجة ولعب الأدوار والتعزيز والاسترخاء العضلي والواجبات المنزلية والمناقشة الجماعية والنمذجة والحوار والمناقشة والإقناع والتخلي عن عدم الواقعية».
كما أشارت الدراسة إلى أنه خلال الجلسات لوحظ اكتساب الأسر مفاهيم إيجابية متنوعة، ما كان لها الأثر في الشعور بالدافعية وتأثيراتها النفسية عليهم وعلى جميع أفراد أسرهم ومحيطهم، مبينة أن النمذجة تعد وسيلة واقعية، إذ يتم استعراض عدد من النماذج الأخرى من الاستجابات الانفعالية من خلال مواقف فعلية تطلع عليها الأسر المشاركة في البرنامج، مع التأكيد أن الانفعالات الملائمة ترتبط بالتفكير العقلاني. وأكدت الدراسة أنه من المهم أن تتعرف الأسر عن كيفية الكشف عن الأفكار الآلية السلبية واللاعقلانية وتميزها عن الأفكار العقلانية وتحرير الأسر من المسؤولية غير المنطقية عن الأحداث السيئة، ويتم ذلك من خلال فحص موضوعي وليس تبريرات للإعفاء من المسؤولية، وتدريب الأسر على مهارات اكتشاف ومحاصرة هذه الأفكار بأنفسهم، وأن يكونوا واقعيين ومنطقيين في أهدافهم. وكشفت الدراسة «عن فعالية البرنامج العلاجي باستخدام العلاج العقلاني الانفعالي السلوكي في خفض القلق لدى أسر الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد»، مؤكدة أن تركيز الدراسة على أسر الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد يعود إلى ندرة البحوث في السعودية، التي تناولت أسر التوحد، والمشكلات النفسية والاجتماعية التي يواجهونها. يذكر أن الدراسة شملت 418 أباً وأمّاً، وطُبقت على عينة تكونت من 12 زوجاً، في حين تم تطبيق مقياس القلق على عينة عددها 25 زوجاً، ثم تم اختيار ذوي القلق المرتفع المتوازي بين الأب والأم وفقاً للمقياس الذي تم تطبيقه في الدراسة، وعددها 12 زوجاً، و12 أباً، و12 أمّاً.