يفصلنا يومان عن انطلاقة فعاليات برنامج «إي شباب» التي تغطي مروحة واسعة من الأنشطة التي تخاطب الشباب وتتمحور، إلى حد بعيد حول الاستخدام المبتكِر (بكسر الكاف) لتقنيات صناعة الاتصالات والمعلومات بما يخدم تطوير الاقتصاد البحريني وتقدمه.
مروحة واسعة من الأنشطة تخاطب الشباب البحريني من أجل اطلاعه على ما توفره له تقنية الاتصالات والمعلومات من مجالات، بوسعه متى ما أحسن استخدامها أن يصقل مواهبه الإبداعية، وينمي قدراته الابتكارية.
يشتمل البرنامج، فيما يشتمل عليه، على مجموعة من ورش العمل والمحاضرات التي يلقيها مجموعة مختارة من خبراء المعلومات والاتصالات المحليين والدوليين، وتغطي موضوعات مثل: «كيفية تطوير المحتوى الإلكتروني» كي يكون ملائما لما توفره تقنية الاتصالات والمعلومات من أوعية وقنوات اتصال، كي يحقق المستخدم لتلك المعلومات الفائدة القصوى منها، ومن منهجيات تصميم البرمجيات كي تصبح قادرة على تلبية احتياجات السوق المحلية أولا، والإقليمية في مرحلة لاحقة.
قضية في غاية الأهمية يوليها «إي شباب» جل اهتمامه، وتلك هي تشجيع العلاقة البناءة، ومن منظور تطويري، بين الابتكار والتنمية الاقتصادية، على أن يتم كل ذلك بالاستخدام الأفضل لتقنية الاتصالات والمعلومات.
على هذا الأساس يسعى البرنامج إلى تحقيق الأهداف التالية:
1 . نشر الوعي بمفهوم الابتكار في صفوف الشباب البحريني، الابتكار القائم على فهم صحيح للعلاقة التكاملية بين زوايا المربع القائمة والتي هي: التعليم، الإبداع، التصنيع، وأخيرا المنافسة.
2 . إيجاد القنوات الصحيحة المجدية القادرة على مد جسور التعاون والتنسيق بين المؤسسات التعليمية والشركات المنتجة، على أن يتم ذلك وفق مقاييس علمية صارمة تجسد العلاقة بين احتياجات السوق، ومتطلبات البحث والتطوير.
3 . ترسيخ مفهوم العمل المؤسساتي في ذهنية الشباب، على أن يترافق ذلك مع طرد النزعات الفردية التي تقضي على ذهنية الفريق الواحد، وتعزيز النزعات الفردية.
4 . الفهم الصحيح لتلك الفروق النوعية بين الابتكار والإبداع، فلكل منهما مقوماته وأهدافه، ومن ثم قناته التي يخاطبها وأسواقة التي يتوجه لها.
التمعن في تلك الأهداف الأربعة، تكشف بوضوح أن برنامج «إي شباب» يتجه نحو بناء علاقة منتجة بناءة بين الابتكار لدى الشباب وبين تطوير الاقتصاد.
على أن الوصول إلى هذه الصيغة الإبداعية التي تنسج العلاقة بين الابتكار والاقتصاد بحاجة إلى حاضنة «اقتصادية مبتكرة» قادرة على البحث عن أولئك المبتكرين من بين صفوف الشباب من جهة، والشركات العاملة في السوق والباحثة عن منتجات مبتكرة تلبي احتياجات السوق وتكون قادرة على فتح فرص استثمارية جديدة في تلك السوق في آن.
هذه الحاضنة، نجحت المؤسسات الصناعية الغربية في تطويرها على أكثر من صعيد، وأصبحت قادرة على مأسسستها، فأصبحت تعرف بما يطلق عليه الرأسمال المغامر
(Venture Capital)، والذي بات اليوم هو القناة المستمرة بين المؤسسات التعليمية من جامعات ومراكز بحوث، وبين المؤسسات المالية الاستثمارية الباحثة عن فرص جديدة لتحقيق المزيد من الأرباح.
القضية المفصلية في هذه العلاقة هي أن هناك نسبة عالية من المجازفة يقابلها احتمالات عالية من الربح المحتمل تحقيقه. هذه العلاقة المتبادلة، لا تعني بأي شكل من الأشكال المجازفة العشوائية غير المحسوبة العواقب، بل تعني تمتع المستثمر بروح مجازفة عالية تضعه في مقدمة صفوف المستثمرين في السوق ذاتها، وتؤهله لتحقيق نسب عالية من الأرباح.
البحرين اليوم، ومن خلال برنامج «إي شباب» أمامها فرصة تاريخية لا تعوض من أجل تحويل برنامج «إي شباب» إلى إحدى روافع التطوير الاقتصادي الذي يجعل من البحرين مركزا متقدما من بين هذه الدول تستقطب من خلاله كل المبادرات الباحثة عن «أعمال مبتكرة» ينفذها شباب مبدعون، قادرة على توليد قيمة سوقية مضافة تجذب الرأسمال المغامر.
الفرصة بحاجة إلى البحث عن الشكل المناسب لتلك الحاضنة البحرينية المبدعة التي تنقل أعمال الشباب البحريني المبتكرة من أذهانهم المبدعة، والغرف المغلقة التي تأسرها إلى الأسواق الرحبة التي تبحث عنها.
والخطوة الأولى المنظورة على هذا الطريق هي أن تبادر إحدى المؤسسات ذات العلاقة بمد يدها إلى برنامج «إي شباب» وتحويله من مجرد برنامج عمل صيفي مؤقت إلى مؤسسة إبداعية منتجة، وما لم يتم ذلك وفي الوقت المناسب وبالسرعة الملائمة، فليس من المستبعد أن نرى «إي شباب»، وقد طبقته دولة أخرى وحرمت البحرين وشباب البحرين من فرصة تاريخية من الصعب، بل من المستحيل تكرارها.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2499 - الخميس 09 يوليو 2009م الموافق 16 رجب 1430هـ