اعترض أحد نقاد السينما على اهتمامي، الذي وصفه بالمفرط، بسينما هوليوود. قال لي، ذات رسالة هاتفية، تشجعين احتكار هوليوود لأذواق ووعي جمهور السينما بتركيزك على أفلامها. بالطبع لا أفعل ذلك، هكذا أجبت، لكنها تعليمات، غير مباشرة، من المسئولين في الصحيفة، أو تصور، لعله غير صحيح تماماً، بالتركيز على ما تعرضه دور السينما «المحلية»، والاهتمام بفكرة أن القارئ سيكون مهتماً أكثر بقراءة مقال يتحدّث عن فيلم يمكنه الوصول إليه بسهولة. لذا وأمام تركيز شركات السينما في البحرين على أفلام هوليوود، وهي السينما الرائجة اليوم، ربما في العالم كله، فإنني أجد نفسي مجبرةً على الاستجابة لما أعتقده رغبة قرّائي.
نعم، أتفق مع الناقد في أن سينما هوليوود لا تقدّم الكثير لمشاهدها المهتم والمطلع. يمكن لها تقديم جرعة عالية من الإثارة والترفيه والتسلية والمتعة، لكن لا أظن أن صناع السينما في هوليوود يسعون لتعريف جمهور السينما بجماليات الصورة والمشهد وغير ذلك، ولا أظنهم يكترثون بالأسس الفنية التي قامت عليها السينما في بداياتها، وكانت أسساً قوية هدفها الأول تقديم جرعة جمالية وتوعوية عبر الصور، لذلك كانت بدايات السينما توثيقية، إخبارية، وربما ترويجية أو ما يسمى بسينما «البروباغاندا.»
لكن انصراف هوليوود عن الهدف الأول للسينما، لا يعني أن أفلامها لا تقدّم أي شيء لجمهورها، إذ وعلى أقل تقدير، فإنه وعلى مستوى التقنية، يمكن لأفلام هوليوود أن ترفع ذائقة الجمهور البصرية بكل اهتمامها المفرط بتقنيات الصورة، ويمكن لها أيضاً أن تمرّر رسائل توعوية، ايجابية أو سلبية، عبر أفلامها.
لا ألوم سينما هوليوود كما يفعل الناقد الذي عارضني، لاهتمامها المفرط بالصناعة، السينما على أية حال تحوّلت إلى سلعة منذ بداياتها، وتحديداً بعد عقد واحد منذ ظهور أول الأفلام، إذ إنه وبمجرد أن لمس صناع السينما الأوائل إقبال الجمهور على الأفلام الأولى، بدأت الأمور تأخذ منحى تجارياً، وبدأ التفكير يتوجه نحو تقديم المزيد عبر شاشة السينما، ونحو تأسيس صناعة تعود بالأرباح على جميع الأطراف الداخلة في صناعة أي فيلم وتقديمه في شكله الإبداعي الأخير.
السينما الأميركية دخلت على هذه الساحة الربحية للأفلام منذ البدايات، وبحلول العام 1910 أصبح للأفلام الأميركية الحصة الأكبر من إقبال الجمهور على دور العرض في أوروبا واستراليا، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الحديث يومها لم يكن عن هوليوود بل عن الأفلام الأميركية. ثم جاء المخرجون الأميركان الذين أدخلوا تجديدات مهمة على المجال السينمائي، أفلاماً ودورَ عرض، وهي التي عزّزت الإقبال الجماهيري على السينما ودعمت صناعة الأفلام. المهم في الأمر أن هوليوود كانت هي من استلم زمام الأمور منذ البدايات، وتمكنت باقتدار، مالي وتسويقي، من انتزاع البساط من تحت قدمي بريطانيا وغيرها من الدول الأوروبية التي أسست لهذه الصناعة، حتى أصبحت في فترةٍ ما، هي المحتكرة لجمهور السينما عالمياً.
دولٌ كثيرة وعت لضرورة تقديم أفلام تنافس هوليوود، فجاءت الأفلام الأوروبية التي لم تتمكن بدايةً من ضبط الوصفة السينمائية التجارية، لكنها شيئاً فشيئاً أثبتت وجودها أمام أفلام هوليوود، وأصبحت منافسةً لها وربما تغلّبت عليها. لا ننسى الأفلام الإيرانية أيضاً وهي التي تحتل الصدارة في الإبداع، قصةً وفلسفةً وصورةً، وإن جاءت بتقنيات وميزانيات بسيطة.
اليوم نجد أن هوليوود غير قادرة على الاحتفاظ بألقها، إذ أن إفراطها في التركيز على الناحية التجارية، جعل أفلامها في العقود الأخيرة تبدو مبتذلةً خاويةً، لا تتقصد سوى الإثارة، في مقابل أفلام أوروبية وآسيوية وشرق أوسطية، بدأت تقدم العميق في الطرح والجميل في الأداء والإتقان والإبداع وحتى السحر في الصورة رغم تفاوت التقنيات والميزانيات المخصصة للأفلام.
هوليوود لا يمكن لها أن تحتكر أذواق الجمهور ولا وعيهم إن أدركوا أن المتعة والترفيه يمكن الحصول عليهما من أفلام أخرى، ولكن هل يعني أن يسعى الجمهور العادي للحصول على نسخ تلك الأفلام من أي مصدر ممكن. هل يعني أن يوجد لدينا قاعدة جديدة من جمهور السينما المثقف الواعي الذي لا يقبل بأي وجبة تقدّم له على الشاشة. الطموح كذلك، عزيزي الناقد، لكن الواقع لا يزال يطبق خناقه على قلمي لأركز أولاً على هوليوود. فماذا تقولون؟
إقرأ أيضا لـ "منصورة عبد الأمير"العدد 5110 - الجمعة 02 سبتمبر 2016م الموافق 30 ذي القعدة 1437هـ
تابعت تصريحات كبار نجوم السينما العالمية امثال ...( جورج كلوني ) بطل ( بات مان )( كيت وينسلت ) بطلة ( تايتانك )
( شون كونري ) بطل ( جيمس بوند ) اغلبها تصريحات تعبر عن كره هولاءالنجوم للادوار التي كانوا ابطال فيهاورشح البعض من هالافلام لجائزة الاوسكاررغم ان ( هوليوود ) هي من اخرجتهم وشهرتهم للعالم .....وكذلك تابعت تهكم السي اي ايه لادارة ( هوليوود ) ووصفها بعدم المهنية بالعمل تجاه السياسة
الامنية لاسماء ومهن بعض جواسيسها ...انتقادات كثيرة لصناع الفن والتشويق والفنتازيا اللذين اللذين فرضوا فنهم
نظرة واحدة الى قائمة الافلام التي حققت اعلى دخل في موقع box office mojo سنجد انه اكثر من ثلاثين فيلم احتلو القائمة, هي افلام الفانتازيا والكارتون وسلسة افلام هاري بوتر وحرب النجوم والرجل الوطواط وافلام الحديقة الجوراسية و غيرها من الافلام الغير الواقعية و الخيال العلمي. إذن هوليود تبحث اولا عن الربحية. هذا لايعني انه هوليود لم تقدم افلام راقية, لا, هناك الكثير من الافلام التي تعتبر تحف فنية في عالم وثقافة السينما. الكاتبة هي ابعد من ان تكون متحيزة لسينما هوليود, كلمة للناقد. شكرا لطرحك الجميل.
أولاً
السينما للجميع.
ثانيا
يبدو أن ثقافة البديل بدأت تنافس السينما الأميركيه بشراسة..
ولكن لازالت الأفلام الشرق أسيوية أو الإيرانية تعاني من صعوبة في الأنتشار وقد تكون مجهوله بالنسبه إلى بعض الشعوب بسبب ضعف التسويق الأعلامي أو صعوبة الحصول عليها.
والأمر الآخر، يقوم أصحاب دور العرض بتوفير أفلام مضمونة الربح بغض النظر عن المحتوى حيث يكون المشاهد مخير بين عدة أفلام لا بديل لها.
حتى لو توفرت مصادر سينمائيه أخرى، فلن يتقبلها الجمهور بسهولة وذلك بسبب الذرق العام الذي ترعرع في عقول المشاهدين.
وظيفة الناقد
أعتقد أنّ وظيفة الناقد أن يرتقي بأذواق الجمهور من خلال التركيز على الأفلام ذات المحتوى الإبداعي بغض النظر عن مدى انتشارها.
كتاب
خطوة اخرى نرجوها منك..لطالما تحليلك السينمائي بعمق نفسي وانساني.. ليتك تضعين مدى تأثيره على المشاهد من الناحية النفسية وتأثيره على المجتمع سيما في كتاب
أنا معجب بما تكتبينه