بحكم بُعدي الجغرافي حاليّاً عن الكويت، ووصول المعلومات مجتزأة وخارج السياق، إلا أنه يبدو أن هناك تشابهاً من حيث الشكل بين ما يجري حاليّاً من ظلم للكويت في المحافل الدولية الرياضية، وما جرى من ظلم حاد لها في بداية استقلالها من مجلس الأمن العام 1961. فرق التفاصيل بالطبع كبير، لكن الظلم مطلق، وبالتالي كان انطباعاً يستحق التنويه.
عندما كنت عضواً بمجلس إدارة نادي القادسية بمنتصف الثمانينات، عايشت حل اتحاد كرة القدم حينذاك. كان يترأسه الشهيد فهد الأحمد، رحمه الله، حيث طلب وزير الشئون الاجتماعية حينذاك، خالد الجميعان، من رئيس نادينا، عبدالعزيز المخلد، شفاه الله وعافاه، أن يتولى مهمة رئاسة الاتحاد المعيَّن، ومن ثم تولى رئاسة النادي الشهيد يوسف ثنيان المشاري، رحمه الله.
جاء حل الاتحاد قبل دورة الخليج في البحرين بفترة وجيزة جدّاً، ومع ذلك تمكنت إدارة الاتحاد، بتفاني أعضائه وقيادة رئيسه بوخالد، من الفوز باقتدار ببطولة الخليج، لتثبت قدرتها الفائقة في وجه هجوم حاد وقاسٍ تعرضت له من أطراف الاتحاد المنحل. كان ذلك قبل ما يسمى وسائل التواصل الاجتماعي. بالطبع كان الفوز ببطولة الخليج مجرد انتصار جزئي، حيث لم يطل الزمان بنا حتى أقدمت الحكومة على تعليق الدستور وحل مجلس الأمة في صيف 1986، وعادت الأمور إلى وضعها السابق.
وبالتالي، فإن مشكلة اتحاد كرة القدم ليست جديدة، والصراع السياسي فيه وحوله مسألة مستمرة، إلا أنه هذه المرة أكثر تعقيداً، وأشد وطأة، حيث ترتب على الخلاف السياسي الداخلي إيقاف النشاط الرياضي دوليّاً، بدفع محلي، وهو ما لم يحدث بمنتصف الثمانينات على رغم اشتداد الخصومة.
لست واثقاً بإجراءات الحكومة، وأتمنى أن أكون مخطئاً، فهي كالعادة تتعامل مع الأمور بشكل جزئي لا شمولية فيه، ولا رؤية تضمن نهوض الرياضة فعلاً، لا قولاً، تتجاوز مجرد حل اتحاد هنا، أو لجنة أولمبية هناك.
لايزال التعامل الرسمي غير مستوعب طبيعة المنظومة الدولية وتحولاتها خلال العشرين سنة الماضية، حتى إن قبلنا أن الطرف الآخر للصراع، وهو في هذه الحالة «الاتحاد واللجنة»، قد تغلغل في عمق المنظومة الدولية، وتمكَّن من الضغط عليها لتنصاع لاتجاهاته، وتضرب عرض الحائط بمظلومية الكويت.
في 1961 خسرت الكويت قضيتها في مجلس الأمن، ولم تتمكن من الولوج في المنظومة الدولية عدة مرات، كما سنشرح، إلا أن المجتمع الكويتي؛ قيادة وشعباً، كان متماسكاً، حتى كسبنا الجولة الأخيرة. وحقيقة الأمر أن كسبنا قضيتنا في مجلس الأمن، والذي حصل بعد سنتين في 1963 لم يحدث فقط ببضع إجراءات شكلية، ولكن جاء بتغيير في المنهج السائد ونمط الحكم، وسحب القوات البريطانية وانتهاج النظام الديمقراطي، ووضع أسس دولة، يعني خروجاً من إمارة إلى بناء دولة. لا أظن أن ما تم حتى الآن يسير باتجاه تغيير نهج تفكير، وهذا هو صلب المشكلة.
إقرأ أيضا لـ "غانم النجار"العدد 5109 - الخميس 01 سبتمبر 2016م الموافق 29 ذي القعدة 1437هـ