يقول الفيلسوف والروائي الإيطالي أمبيرتو إيكو: «إن وسائل التواصل الاجتماعي أتاحت لجحافل الأغبياء أن يتحدثوا وكأنهم علماء. وما كانوا يتحدثون سابقاً إلا في الحانات من دون إلحاق أي ضرر بالمجتمع. كان هؤلاء يُرغَمون على الصمت فوراً حينئذ. في حين بات للواحد منهم الحق في التعبير كشخص حاز جائزة نوبل. إنه غزو الأغبياء».
بزغت اليوم نجوم مختلفة في كثير من المجالات ما كنا نسمع بها، بعضها يتحدث عن الموضة والجمال، وأخرى تتحدث عن الكتب المُثلى للقراءة وتعطي الوصايا المختلفة حول القراءة والثقافة والمكتبات، وغيرها تتحدث عن التغذية والصحة والطعام الصحي وطرق انقاص الوزن، فيما ذهب غيرها إلى المجال الأسهل على الساحة وهو تنمية الذات وحل المشكلات الاجتماعية والزوجية والأسرية! والغريب في الأمر أنَّ كثيراً من هؤلاء لا يمتلكون شهادات علمية في هذه المجالات ولم يقرأوا ما يكفي لأن يكونوا خبراء فيها، بل إن شهرتهم التي أهدتها إياهم هذه المواقع من خلال المتابعين جعلتهم يتورطون في هذه المجلات فبدأوا بإعطاء النصائح قبل أن يغيروا ملفَّات التعريف الخاصة بهم ليضيفوا إليها مسميَّات وظيفيَّة لم يكونوا يحلمون بها يوماً.
وعلى رغم وجود الكثير الحملات التي تطلق على مواقع التواصل الاجتماعي ذاتها التي تضم الغثّ والسمين، تحت عناوين مختلفة جميعها تدور حول هدف واحد وهو: «أوقفوا صناعة النجوم المزيفة»، إلا أنَّ هؤلاء يزدادون يوماً بعد آخر. وعلى رغم وجود الكثير من الشكاوى والمشكلات التي تنتج عن الاستماع لهؤلاء المتطفلين على مجالات لا ناقة لهم فيها ولا بعير إلا أنَّ هذه الأسماء مازالت تزداد.
كم من فتاة شدّتها أضواء إحدى «النجمات» في الواقع الافتراضي، فلجأت إليها وهي ليست من أهل الاختصاص، وإنَّما اشتهرت بسبب عدد المتابعين لها، وما تنقله من مواضيع عن مدربين واختصاصيين وأطباء، وخصوصاً في مجال تنمية الذات وحل المشكلات، فساءت حالها، وكبرت مشكلاتها، وكادت تصاب بأحد الاضطرابات النفسية بدلاً من أن تعالج الحالة التي تمر بها؟ وكم من ضحية لجأت إلى «نجم» وهمي في مجال التغذية والصحة وخرجت من هذه التجربة بمشاكل في البشرة والصحة بعضها يصعب علاجها؟
وكم من أسر كادت تنهار بسبب اللجوء إلى الشخص الخطأ على رغم التحذيرات المتكررة التي يطلقها ذوو الاختصاص في كل المجالات؟
علينا الحذر كل الحذر من الانسياق وراء العاطفة فيما يتعلق بالمجالات العلمية والطبية، كي لا نكون ضحايا من عميت الأنوار ضمائرهم وباتوا مسوخاً لا يفكرون إلا بالشهرة أو المال.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 5108 - الأربعاء 31 أغسطس 2016م الموافق 28 ذي القعدة 1437هـ
عجبني المقال ... الناس اللحين تعشق العالم الافتراضي و تثق فيه اكثر من العالم الحقيقي
الله يوفقك استاذة سوسن