رحبت الولايات المتحدة بتوقف في القتال على ما يبدو بين القوات التي تدعمها تركيا ومقاتلي ميليشيا كردية في سوريا الثلثاء (30 أغسطس/ آب 2016) وكلاهما عضو في التحالف الذي يقاتل داعش لكن من غير الواضح تماما ما إذا كانت أي هدنة ستتماسك.
وواشنطن منزعجة من توغل تركيا حليفتها في حلف شمال الأطلسي في شمال سوريا والذي بدأ قبل نحو أسبوع. وتستهدف العملية التي تسمى "درع الفرات" طرد تنظيم داعش من المنطقة ولكن أيضا منع مقاتلي ميليشيا كردية من السيطرة على مزيد من الأراضي على طول الحدود التركية.
وتخشى أنقرة من أن يكون الهدف من تقدم المقاتلين الأكراد في الوقت الذي يطرد فيه مسلحو داعش هو إقامة منطقة كردية على طول الحدود الشمالية لسوريا وهو تحرك قد يقوي شوكة تمرد كردي مندلع على الأراضي التركية منذ ثلاثة عقود.
ودفع التوغل التركي واشنطن إلى الإسراع بحمل حلفائها الذين يناصب بعضهم بعضا العداء على تركيز قوتهم النيرانية على داعش بدلا من توجيهها نحو عضهم بعضا بعد اشتباكات هددت بكشف استراتيجية الحرب الخاصة بالولايات المتحدة في سوريا.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إيرنست "الولايات المتحدة ترحب بالتهدئة التي تم التوصل إليها خلال الليل بين الجيش التركي والقوات الأخرى المناهضة للدولة الإسلامية (داعش) في سوريا."
وأضاف "تواصل (الولايات المتحدة) تشجيع هذه التحركات كسبيل لمنع وقوع المزيد من العمليات القتالية والخسائر في الأرواح بين جميع القوات التي تعمل ضد داعش في المنطقة."
وقال مسؤول عسكري كردي إن وقفا لإطلاق النار بين تركيا ومقاتلي ميليشيا يدعمهم الأكراد متماسك. لكن مصادر عسكرية تركية نفت التوصل لأي اتفاق من هذا القبيل في حين اكتفى قائد بقوات المعارضة السورية المدعومة من تركيا بوصفه بأنه "توقف مؤقت" وقال إن العمليات العسكرية قد تستأنف قريبا.
وبدأت قوات تدعمها تركيا هجومها الأسبوع الماضي بالاستيلاء على بلدة جرابلس الحدودية السورية من أيدي تنظيم داعش ثم تقدمت نحو مناطق تسيطر عليها ميليشيا متحالفة مع الأكراد وتحظى بدعم أميركي في قتال الجماعات المتشددة.
وقالت واشنطن إن الهجوم الذي تشنه حليفتها تركيا يجازف بتقويض الحرب ضد داعش.
وفي باريس قال الرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند اليوم إنه يتفهم حاجة تركيا للدفاع عن نفسها لكن استهداف القوات الكردية التي تقاتل الجماعات المتشددة قد يزيد من إشعال الصراع السوري المستمر منذ خمس سنوات.
وقال لاجتماع للسفراء الفرنسيين "هذه التدخلات المتعددة المتناقضة تنطوي على تهديد بتصعيد عام."
وتقول أنقرة إنها لن تأخذ أوامر من أحد بشأن كيفية الدفاع عن الأمة. وقالت وزارة الخارجية التركية اليوم إن العمليات العسكرية في سوريا ستستمر حتى تزول جميع التهديدات لأمن تركيا وإن التعليقات الأميركية على الأهداف التركية في العملية "غير مقبولة".
وقال متحدث باسم الخارجية التركية "بيانات المسؤولين الأميركيين بشأن مضمون وأهداف عملية درع الفرات ... غير مقبولة ولا تتسق مع التحالف بين البلدين" مضيفا أن شكوى قدمت للسفير الأميركي في تركيا.
"ساحة معركة مزدحمة"
حرصا منها على تفادي مزيد من الاشتباكات بين المقاتلين السوريين الذين تدعم تركيا جانبا منهم وتدعم الولايات المتحدة الجانب الآخر قالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) أن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد داعش ينشئ قنوات اتصال لتحسين التنسيق في "ساحة معركة مزدحمة".
وقال المتحدث باسم البنتاجون ماثيو الين "تحسين تنسيق الأنشطة المسلحة في شمال سوريا سيسعى لضمان سلامة جميع القوات."
في غضون ذلك ذكر شرفان درويش المتحدث باسم المجلس العسكري لمنبج إن وقفا لإطلاق النار بين تركيا والمجلس العسكري لجرابلس المدعوم من الأكراد مازال صامدا.
والمجلسان متحالفان مع قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة والتي تضم جماعات منها وحدات حماية الشعب الكردية التي تقاتل ضد تنظيم داعش وتتوسع على طول حدود سوريا مع تركيا.
وقال المجلس العسكري لجرابلس لاحقا إن وقف إطلاق النار المؤقت "تحت إشراف التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة."
ونفى مصدران كبيران في الجيش التركي التوصل لاتفاق بشأن هدنة من هذا القبيل. كما قال قائد بإحدى جماعات المعارضة المسلحة السورية التي تدعمها تركيا والتي تقاتل الجماعات المتحالفة مع قوات سوريا الديمقراطية في جرابلس قال إنه لا يوجد وقف إطلاق نار بل توقف مؤقت للعمليات العسكرية.
وأضاف قائلا "لا توجد هدنة ولا وقف إطلاق نار ولكن تم التوقف لبعض الوقت على أن تستأنف قريبا إن شاء الله".
كما رفض مسؤول أمريكي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته وصف التوقف في القتال بأنه وقف لإطلاق النار في حد ذاته بيد أنه قال إن النية مشابهة لذلك.
وفي دفعة في ساحة أخرى في الحرب ضد تنظيم الدولة ذكرت وكالة أنباء أعماق في بيان وزعه أنصار تنظيم داعش الثلثاء أن أبو محمد العدناني المتحدث باسم التنظيم وأحد قادته البارزين قُتل في حلب.
أحداث بعد الانقلاب علامة فخر تركي
كان قائد الجيش التركي أشار في وقت سابق أنه لا هوادة في الهجوم الذي تشنه أنقره في سوريا قائلا إن النجاحات أظهرت أن الانقلاب الفاشل في تركيا الشهر الماضي لم يضعف القوة العسكرية لبلاده.
وقال قائد هيئة الأركان العامة التركية الجنرال خلوصي عكار في بيان لإعلان عطلة وطنية "بمواصلة (عملية) درع الفرات والتي هي حاسمة لأمننا القومي ولأمن جيراننا تظهر القوات المسلحة التركية أنها لم تفقد شيئا من قوتها."
ولا تزال تركيا تئن تحت وطأة محاولة انقلاب في يوليو تموز استخدم خلالها قادة عسكريون طائرات حربية ودبابات في محاولة للإطاحة بالرئيس رجب طيب إردوغان والحكومة مما كشف عن انقسامات في صفوف ثاني أكبر جيوش حلف شمال الأطلسي.
وفي عملية تطهير لاحقة لمن يشتبه بأنهم متعاطفون مع الانقلاب عزل 80 ألف شخص من كل من الخدمة المدنية والجيش بما في ذلك العديد من الجنرالات والضباط والجنود.
وفي هجومها على سوريا استولت القوات التركية وحلفاؤها من القوات التابعة للمعارضة السورية على سلسلة من القرى في مناطق تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية وتقدمت صوب منبج وهي مدينة استولت عليها قوات سوريا الديمقراطية من تنظيم داعش هذا الشهر في حملة دعمتها الولايات المتحدة.
وتقول تركيا إن قواتها ضربت عدة مواقع تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية التابعة لقوات سوريا الديمقراطية.
وتقول الوحدات إن قواتها انسحبت من المنطقة قبل الهجوم التركي وعبرت بالفعل نهر الفرات بناء على طلب أميركي بالانسحاب إلى الضفة الشرقية للنهر الذي يمر في سوريا وإلا فقدت الدعم الأميركي.
وتريد تركيا أن تمنع القوات الكردية من السيطرة على أراض تقع بين مناطق إلى الشرق والغرب من التي تسيطر عليها بالفعل لتنشئ بذلك ممرا كرديا متصلا جغرافيا على الحدود الجنوبية لتركيا.